ما أسباب عدم القدرة على النوم على الرغم من التعب والنعاس؟

ما أسباب عدم القدرة على النوم على الرغم من التعب والنعاس؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Netrun78
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نقول في اللغة العربية: “غلبني النعاس” كأن هناك معركة نخوضها كل يوم بين البقاء مستيقظين والوقوع في براثن النوم، لكن في بعض الأحيان قد نقع في حالة لا نستطيع النوم فيها على الرغم من شدة تعبنا وإرهاقنا، فلا نستطيع النوم مهما حاولنا ذلك. إليك أهم أسباب هذه الظاهرة وكيفية التغلب عليها.

انتشار اضطرابات النوم في البلدان العربية

تنتشر اضطرابات النوم في البلدان العربية بشكلٍ كبير، فوفقاً لدراسة الباحث حسن شامي، الأستاذ المساعد بقسم الأمراض الباطنة بالمركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت (American University of Beirut Medical Center)، والمنشورة في مجلة طب النوم السريري (Journal of Clinical Sleep Medicine) عام 2019، تنتشر ظاهرة الأرق ومشكلات النوم بشكلٍ كبير بين اللبنانيين لأكثر من 15 يوماً بالشهر، وكان شيوع هذه الظاهرة بنسبة 44.5% من العينة التي تضمنت نحو 500 شخصاً، وهي نسبة كبيرة تستدعي المزيد من الأبحاث والدراسات بخصوصها.

اقرأ أيضاً: لماذا النوم على الظهر هو الخيار الأفضل؟

ويذكر الدكتور هيثم ابراهيم السيف الأستاذ المساعد في قسم طب الأسرة والمجتمع بكلية الطب في جامعة الملك سعود بالرياض، ببحثه المنشور في مجلة طيبة للعلوم الطبية عام 2019، انتشار اضطرابات النوم لدى نحو 87% من الأطباء المقيمين في المشافي بالمملكة العربية السعودية، وذلك بسبب إيقاعات النوم المختلفة التي تتطلبها ورديات المناوبة المختلفة للمتابعة، وأوصت الدراسة بتنظيم الورديات لمنع تفاقم آثار اضطرابات النوم لدى الأطباء المقيمين والحفاظ على صحتهم.

اقرأ أيضاً: ما أسباب طنين الأذن عند النوم أو الاستلقاء؟

لماذا لا نستطيع النوم على الرغم من إرهاقنا وشعورنا بالنعاس؟

هناك العديد من الأسباب التي تسبب الشعور بالتعب دون التمكن من النوم، وتعد معرفة هذه العوامل خطوة مهمة في تنظيم النوم والتخلص من مشكلات الأرق المرتبطة به، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:

  • التوتر والقلق

يُصنف التوتر من العوامل التي تؤثّر بشدة على كفاءة إيقاعات الساعة البيولوجية اليومية، إذ يفرز الجسم الكورتيزول أثناء التوتر ما يحدث اضطراباً في عمل هرمون الميلاتونين الذي يعد هرمون النوم، وقد يفسّر هذا الأمر إحدى أكثر الحالات المنتشرة من التعب وعدم القدرة على النوم.

  • تناول القهوة

قد يسبب تناولك عدة فناجين من القهوة بقاءك مستيقظاً في الليل بسبب احتواء القهوة على الكافيين الذي يعد من أكثر المنبهات العصبية المستخدمة حول العالم، ويسبب فرط الكافيين بتقليل كفاءة النوم وتقصير مدته تبعاً لتركيزه في القهوة التي تشربها وتوقيت شربه، إذ يؤدي استهلاك أي مادة تحتوي على الكافيين بعد منتصف النهار بقاء ربع تركيزه في نظام الجسم حتى نحو 12 ساعة أي حتى وقت النوم، ما يمنع القدرة على النوم بسهولة.

  • استخدام الأجهزة الإلكترونية

يتم ضبط إيقاعات الساعة البيولوجية في الجسم من خلال دورات الضوء والظلام، أي يعتبر استشعار الجسم للضوء أو الظلام معياراً يقوم الجسم من خلاله بتوليف أوقات نشاطه وراحته، لكن التعرض لإضاءة شاشة التلفاز أو الهاتف المحمول أو اللابتوب لأوقات طويلة بعد حلول الظلام إشارة مخلّة بعمل ساعة الجسم البيولوجية، إذ يتوقف عن إفراز الميلاتونين عند تعرضه للضوء الأزرق الموجود في الشاشات، لذا نجد أن هناك العديد من الأجهزة الذكية التي تدعم الوضع الليلي أو فلتر الضوء الأزرق.

  • اضطرابات الساعة البيولوجية

قد تكون اضطرابات الساعة البيولوجية موروثة أو مكتسبة، ويعتبر اضطراب الفرق الزمني الناتج عن السفر من منطقة زمنية إلى أخرى أحد أشهر حالات اضطرابات الساعات البيولوجية وضوحاً، إذ يعتاد الجسم على نظام ساعات نوم معينة في أوقات محددة من الليل وساعات محددة من النهار للاستيقاظ في بلد، وعندما يسافر لبلد في منطقة زمنية أخرى يختلف الإيقاع. ويؤثّر العمل بورديات ليلية بشكلٍ بالغ على الصحة أحياناً ويعد عاملاً مسرطناً من الدرجة (A2)، وتعد أفضل طريقة لإعادة ضبط إيقاعات الساعة البيولوجية أخذ رحلة تخييم لأسبوع في الطبيعة بعيداً عن المؤثرات الضوئية الإلكترونية في المدينة، والنوم بشكلٍ متناسق مع نظام الطبيعة.

  • أخذ قيلولة طويلة أثناء النهار

من الممكن أن يؤدي أخذ قيلولة طويلة خلال النهار أو بعد الظهر إلى حصول الجسم على كفايته من الراحة وعدم القدرة على النوم لاحقاً في الليل على الرغم من التعب، ويُنصح بعدم إطالة القيلولة لأكثر من 20-30 دقيقة في فترة بعد الظهر عند الحاجة، والمحافظة عليها بالتوقيت نفسه دون أخذها بفترات مختلفة كل يوم، وذلك لضبط إيقاع الجسم، فالروتين الثابت صديقٌ للنوم الجيد.

  • تناول طعام غير مناسب قبل النوم

يمكن أن يؤثّر النظام الغذائي بشكلٍ كبير على جودة النوم، فتناول الأغذية التي تحتوي على السكر أو المنبهات أو التوابل التي تسبب الحرقة يؤدي إلى خلل في النوم، لذا يفضّل تناول الطعام قبل النوم بـ 3 ساعات على الأقل من أجل السماح بهضم الطعام، وعدم حدوث اضطرابات في النوم مرتبطة بعمل الجهاز الهضمي في الجسم.

  • الاختلالات الهرمونية

يمكن للتقلبات الهرمونية التي تحدث للنساء قبل فترة الحيض مباشرة أن تقلل من فترة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي مرحلة مهمة من مراحل النوم الأربع، وتسبب اختلالات الهرمونات انخفاضاً في إنتاج الميلاتونين بالإضافة للعديد من التغيرات الفيزيولوجية والنفسية الأخرى، مثل الصداع وارتفاع درجة حرارة الجسم وغيرها من الآثار التي تزيد من الصعوبة في النوم.

اقرأ أيضاً: نصائح للتغلب على اضطرابات النوم في رمضان

ما المؤشرات على وجود اضطرابات النوم؟

يمكنك معرفة وجود اضطراب في النوم لديك من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • هل أشعر بالانزعاج أو النعاس أثناء النهار؟
  • هل أواجه صعوبة في البقاء مستيقظاً عند الجلوس أو مشاهدة التلفزيون أو القراءة؟
  • هل أغفو أو أشعر بالتعب الشديد أثناء القيادة؟
  • هل لدي صعوبة في التركيز؟
  • هل يقول لي الآخرين إنني أبدو متعباً بشكلٍ متكرر؟
  • هل لدي بطء في الحركة وإبداء ردود الفعل؟
  • هل لدي مشكلة في الانفعالات العاطفية؟
  • هل أشعر بالحاجة لأخذ قيلولة بشكلٍ متكرر كل يوم؟
  • هل أطلب مشروبات تحتوي على الكافيين للتنبيه؟

إذا كانت إجابتك نعم عن معظم الأسئلة هذه، فعلى الأغلب أنت تعاني اضطراباً في النوم، ومن الأفضل استشارة الأخصائي لتحديد السبب وتلقي الإرشادات المناسبة لحالتك.

كيف يمكن التغلب على صعوبة النوم على الرغم من التعب؟

يمكن التغلب على صعوبات النوم من خلال اتباع النصائح التالية:

  • المحافظة على غرفة النوم مظلمة وباردة، بدرجة حرارة 15-19 درجة مئوية تقريباً.
  • ترك الهاتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى في غرفة الجلوس أو غيرها.
  • تخفيض الإضاءات بعد الساعة التاسعة وتفعيل الوضع الليلي على أجهزتك.
  • استخدام سدادات الأذن أو آلة الضوضاء البيضاء إن كنت متضايقاً بسبب الأصوات ولا تستطيع النوم بسببها.
  • الالتزام بالأنشطة المهدئة قبل النوم مثل القراءة أو كتابة اليوميات أو التأمل.
  • تفادي تناول الوجبات الدسمة قبل النوم.
  • محاولة الحفاظ على إيقاع ثابت لأوقات النوم واليقظة واختيار ظروف مريحة لنومك بعيداً عن الإزعاجات مثل الضوضاء والأضواء وغيرها.

اقرأ أيضاً: 4 اعتقادات خاطئة عن النوم

يجب ألا نستهين أبداً باضطرابات النوم مهما كانت تبدو بسيطة، فقلة النوم تعني أنك لن تكون بالكفاءة نفسها في عملك وتواصلك مع الآخرين، ومن الممكن أن تسبب مع مرور الوقت مشكلات تؤثّر عليك وبمن حولك، لذا من الضروري معالجتها بهدوء دون تسويف للحصول على صحة أفضل.