هل سبق وأن حاولت حمل كرة بولينج معك لمدة تسع ساعات في اليوم؟ لا شك في أن ذراعيك ستصبحان متعبتان جداً. حسناً، هذا بالضبط ما تفعله لعينيك عندما تنظر إلى الشاشات طوال اليوم.
ربما يبدو ذلك مبالغاً فيه، ولكنك قد تقضي على الكمبيوتر أو الهاتف وقتاً أطول مما تعتقد؛ فقد وجد اثنان من استطلاعات الرأي عام 2016 أن البالغين ينظرون إلى الشاشات لمدة تسع ساعات في اليوم، وهذا يعادل على الأقل نصف ساعات اليقظة. ويمكن لكل هذا التحديق أن يُجهد عينيك، وبالتالي فقد تعاني من الصداع أو جفاف العينين أو عدم وضوح الرؤية. فكيف يمكنك منع ذلك عندما تصبح أعمالك وحياتك الشخصية منطوية على الجلوس أمام الشاشات بشكل متزايد؟
لماذا تؤدي الشاشات إلى إجهاد العين؟
أنت تستخدم عينيك طوال اليوم، إذن فما هو السرُّ في الشاشات، الذي يجعلها تزعج العينين بشكل كبير؟ تقول الدكتورة بيرنيما إس باتيل (الناطقة السريرية في الأكاديمية الأميركية لطب العيون): "إن عدم الارتياح الذي يعاني منه بعض الناس بعد النظر إلى الشاشات ينجم غالباً من إجهاد العين الرقمي؛ إذ إن عيون معظمنا تَطرِف بشكل أقل عند النظر إلى الشاشات، مما يسبِّب إجهاد العين وجفافها".
وعلى الرغم من أن قراءة الكتب المطبوعة لفترات طويلة يمكن أن يُتعب عينيك أيضاً، إلا أن الخصائص المتأصِّلة للشاشات تجعل المشكلة أسوأ، فوفقاً لجمعية البصريات الأميركية: "إن مشاهدة شاشات الأجهزة الرقمية أو أجهزة الكمبيوتر تختلف عن قراءة صفحة مطبوعة. فغالباً ما تكون الأحرف الموجودة على الكمبيوتر أو الجهاز المحمول غير دقيقة أو محدَّدة بدقة، ويكون مستوى تباين الأحرف بالنسبة إلى الخلفية أقل، كما أن وجود التوهُّج والانعكاسات على الشاشة قد يؤدي إلى جعل الرؤية صعبة".
إذن فقد تكون الشاشات مزعجة، ولكن من حسن الحظ أن أي ضرر تسبِّبه لعينيك لا يكون دائماً، ويمكنك تخفيف الألم بإجراء بعض التغييرات الطفيفة في طريقة عملك.
كيف تمنح عينيك المجهدتين فترة راحة؟
إن أفضل شيء يمكنك فعله هو أن ترفع عينيك عن الشاشة، حيث تقول باتيل: "خذ فترات راحة منتظمة باستخدام قاعدة 20-20-20. أي كل 20 دقيقة، قم بنقل عينيك لتنظر إلى جسم يبعد عنك 20 قدماً (6 أمتار تقريباً) على الأقل لمدة 20 ثانية على الأقل". وإذا كنت تشعر بجفاف في عينيك، فيمكنك أيضاً الاستفادة من هذه الاستراحات لترطيبها بواسطة قطرات "الدمع الاصطناعي".
وعندما تنظر إلى جهاز الكمبيوتر بين فترات الراحة، فيمكنك على الأقل تقليل مدى عمل عينيك، وعليك بتقليل سطوع الشاشة إلى مستوى مريح، ويمكنك أن تتحكم في ذلك من إعدادات هاتفك أو جهازك اللوحي وعلى الشاشة أو لوحة المفاتيح لجهاز الكمبيوتر. وإذا كانت شاشتك عرضة للتوهُّج، فقد ترغب أيضاً في إيقاف تشغيل الأضواء أو تغيير مكان الشاشة، أو استخدام واقٍ مضاد لتوهج الشاشة لتقليل الإضاءة المنعكسة.
وإذا كان يمكنك تبديل الكمبيوتر المحمول أو الجهاز اللوحي بقارئ كتب إلكترونية فقد يساعدك ذلك أيضاً؛ حيث إن شاشات الحبر الإلكتروني (كالموجودة في جهاز كيندل الذي تنتجه شركة أمازون) تتعامل مع عينيك على نحو أشبه بالورق، بالمقارنة مع ما تفعله الشاشات المزودة بإضاءة خلفية في أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية. وفي الواقع، فقد أظهرت الأبحاث أنها تسبِّب إجهاداً بصرياً أقل.
وبالإضافة إلى ذلك، تأكَّد من أنك لا تجلس بشكل قريب جداً من جهاز الكمبيوتر، بل يجب أن يقع أعلى شاشة الكمبيوتر أسفل مستوى العينين تماماً، على مسافة تبعد عن وجهك من حوالي 50 إلى 70 سنتيمتراً، أو بطول الذراع تقريباً. وإذا كنت تواجه مشكلة في القراءة من تلك المسافة، فلا تقرِّب وجهك، ولكن حاول زيادة حجم الطباعة حتى لا تضطر إلى الإجهاد من أجل التركيز.
ولا يعدُّ إجهاد العين هو المشكلة الوحيدة التي يمكن أن تسبِّبها الشاشات؛ فهي تؤدي إلى اضطراب نومك أيضاً، ففي حين تقول باتيل إنه "لا يوجد دليل علمي على أن الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الرقمية يسبِّب ضرراً لعينيك"، إلا أنها توضح بأنه قد يؤثر على النظم اليومي للجسم. وتضيف: "خلال النهار، يقوم الضوء الأزرق بإيقاظنا وتحفيزنا، ولكن التعرُّض الكثير له في وقت متأخر ليلاً من الهاتف أو الجهاز اللوحي أو الكمبيوتر يمكنه أن يجعل النوم أكثر صعوبة"؛ ولذا إن استطعت فقم بتجنب الشاشات قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من موعد النوم المعتاد.
وأخيراً، إذا كنت ترتدي نظارة فتأكَّد من أن العدسات الطبية ملائمة للوقت الحالي، وإذا لم تقم بذلك فربما يكون الوقت قد حان لإجراء فحص للعينين. تقول جمعية البصريات الأميركية: "إن مشكلات الرؤية غير المصحَّحة أو المصححة بشكل غير ملائم يمكن أن تكون من العوامل الرئيسية التي تُسهم في إجهاد العين المرتبط بالكمبيوتر".
وحتى إذا كنت تعتقد بأن رؤيتك على ما يرام، وكنت تعاني من مشاكل إجهاد العين وقد مرت بضع سنوات على فحصك الأخير لعينيك، فقد تُحلُّ المشكلة بواسطة نظارة طبية. ولكن باتيل تقول: "لا تستخدم النظارات التي تدَّعي حماية عينيك من الضوء الأزرق"؛ فليس هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أنها فعالة.