مبادئ الإسعافات الأولية لمغامراتك في الطبيعة البرية

احتمالية حدوث التواء الكاحل عالية أثناء التنزه في الطبيعة البرية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الإصابات في دروب متنزهات الطبيعة البرية شائعة، سواء أكانت إصاباتٍ صغيرةً مثل قُرح المشي، أو جروح من أوراق أشجارٍ نمت أكبر من اللازم، أو كانت مخاوفَ خطيرةً كخلع في الكتف أثناء تسلق الصخور، أو لدغات الأفاعي. يعرف محبو الهواء الطلق أن التنزه في البرية دائما، يصحبه خطر الإصابات البدنية. أما أولئك الذين لديهم معلومات أفضل فإنهم يغامرون بجرأة في البراري، متسلحين بمعرفة ما يجب عليهم فعله إذا أصابهم مكروه.

ليس هناك ما يضمن أن تجد جوجل إلى جوارك كلما احتجت إلى مساعدته، عندما تحدث إصابات كالخدوش، الجروح البليغة، أو كسر العظام، فستجد أن الحصول على المساعدة الطبية ليس دائما على بعد مكالمة بالهاتف أو خطوات بالسيارة. أفضل علاج لأي نوع من الإصابات الاستعدادُ المسبق لها؛ لذا من المهم أن تعرف ما يجب أن تضعه في حقيبتك لكل مناسبة، بداية من نزهة نهارية على الأقدام إلى رحلة طويلة تمتد إلى شهر، فضلاً عن كيفية التعامل مع الإصابات الشائعة والمفاهيم الخاطئة المتكررة حول الإسعافات الأولية في الطبيعة البرية.

لن تحتاج إلى أن تكون حقيبة الإسعافات الأولية الخاصّة بك كبيرةً على هذا النحو.

الإسعافات الاولية التي يجب أن تضعها في حقيبتك استعداداً لمغامراتك القادمة في الهواء الطلق.

سوف يملي عليك طول مسافة رحلتك ودرجة عزلتها ما يجب أن تضعه في حقيبتك. هل أنت مقبل على جولة مشي نهارية في درب معروفٍ كثيف الزوار؟ أم رحلة في البرية تصل إلى أماكن بعيدة غير مطروقة؟ سوف يؤدي كلاً من المناخ والارتفاع والوجهة دورًا أيضًا، لكن يغلب الظن أنك لن تحتاج إلى زجاجات من المواد المُطهرة، وعدة جبيرة كاملة إذا كنت ستذهب لتتنزه فقط لعدة ساعات في درب يسهل الوصول إليه من الطرق الرئيسية. وبالمثل، يجب أن تجلب أكثر من عدة ضمادات لاصقة وأسبرين، إذا كنت تنوي الابتعاد عن المناطق المأهولة لأيام أو أسابيع.

يقترح تود شيملفينج، زميل أكاديمية طب الحياة البرية، ومدير المناهج في القسم الطبي بالمدرسة الوطنية لإعداد قيادات الحياة البرية، البدء بعدة إسعافات أولية صغيرة. في معظم الأحيان سيكفيك الحصول على واحدة من تلك التي تجدها في متجرك المحلي لبيع مستلزمات التنزه في الطبيعة البرية. لكن إن كنت تُفضل تجهيز علبة إسعافاتك الأولية بنفسك، فينبغي أن تشتمل على زوجٍ من القفازات المطاطية أو قفازات النيتريل، مرهم مطهر، ضماداتٍ عادية، ضماداتٍ كبيرة الحجم، بكرة شاش، رباط ضاغط، ملقط صغير لإزالة الشظايا، ومجموعة العناية بالبثور والتقرحات الجلدية.

للرحلات الأطول، يرشح شيملفينج مجموعةَ إسعافات أولية مُماثلة، ولكن أكثر اعتمادية، ويُضيف موضحاً “دبابيس الأمان دائماً ما تكون مفيدة”. الضمادات الشفافة تكون عمليةً في الاستخدام أيضاً، وفيما يخص تقرحات المشي لا شيء يعمل كطبقة جلد ثانية للحماية منها مثل الشريط المطاطي لتسهيل الحركة (kinesthesiology tape).

أما بالنسبة إلى الإضافات الأكبر حجماً، ففي حين يميل البعض إلى إضافة الضمادات المثلثة الحاملة للذراع، وعدة جبيرة الكسور، فإن شيملفينج يُفضِّل الارتجال بأشياء مثل منديل من القماش، وأغصان الشجر. أشياء على الأغلب إما أنها موجودة في حقيبته بالفعل، أو يستطيع أن يجدها بسهولة في طريق نزهته.

الرباط الضاغط خيارٌ عملي في حالات الاّلام الناتجة عن التواء الأربطة، أو التمزّق العضليِّ، التي قد تصيبك فجأة أثناء رحلتك.

الإصابات الشائعة في الرحلات  البرية

لا يقلق الممارسون المخضرمون لهواية التجول في الطبيعة البرية كثيراً من لدغات الثعابين وهجمات الدببة؛ لأنهم يعرفون أن هذا النوع من المواجهات يكون نادراً في أفضل الأحوال. ولكن العظام المكسورة، خلع المفاصل، الالتواءات، الجروح القطعيَّة، وحتى الخدوش، يمكن أن تشكل خطراً جدياً إذا تركت دون علاج.

يشير شيملفينج: “توجد بعض المهارات الأساسية التي يمكن تعلمها، والتي سوف تساعدك على الاعتناء بالناس، وربما إنقاذ حياتهم”.

أكثر الإصابات شيوعاً في الطبيعة البريّة هي الجروح، السطحية منها والعميقة. في حين إذا جرحت ساقك في فناء منزلك يمكنك أن تضع عليها ضمادة وتنسى أمرها بعد ذلك بكل بساطة، لكن إياك أن تستهين أو تقلل من مدى سهولة تعرض الجروح الصغيرة للتلوث، ومن ثم تسببها بمشكلات أكبر.

يقول شيملفينج: “من الصعب المحفاظة على نظافة الجروح في البراري”، ولكي تقوم بذلك، عليك أولاً، إيقاف النزيف، ثم تقييم الموقف. هل الجرح في أحد المفاصل؟ هل الجرح مفتوح بشكل متسع؟ هل تظهر من خلاله تركيبات الجسم الداخلية؟ إن كانت الإجابة بنعم، فهذا يعني أن وقت إنهاء الرحلة والذهاب إلى الطبيب قد حان. إما إذا كان الجرح صغيراً ولا يشكل تهديداً على الحياة، فقم بغسل الجرح بماء اّمن يصلح للشرب، ثم نظٍّف بعناية أي بقايا أو أجسام غريبة. بعد ذلك تستخدم المواد المُطهرة، ثم تغطي الجرح بضمادة مناسبة. غيِّر الضمادة وافحص الجرح بحثاً عن علامات العدوى (التورم، الاحمرار، الصديد) كل 24 الى 48 ساعة.

بالنسبة للجروح والحوادث الأخرى، يُرشح شيملفينج  الحصول على دورة الإسعافات الأولية الخاصة في أي مركز محليّ مُختص. التدريب اللائق لن يعلمك فقط كيفية القيام بـلف الرباط حول كاحل ملتوٍ، أو تضميد الجروح، أو تثبيت العظام المكسورة، ولكن سيكسبك أيضاً بعض المهارات المُنقذة للحياة مثل القيام بعمل الإنعاش القلبي الرئوي، إيقاف النزيف الكثيف، والحفاظ على المجرى التنفسي مفتوحاً. يرى شيملفينج أن هذه التدريبات تغرس الثقة، وسعة الحيلة لدى المتدربين وهي من الضروريات للنجاة في البراري.

المفاهيم الخاطئة الأكثر شيوعاً عن الإسعافات الاوليّة في الطبيعة البريّة

هناك نصائح جيدة فيما يخص الإسعافات الأولية في الطبيعة البرية، وستجد بنفس القدر في مقابلها نصائح سيئة ومعلومات مغلوطة، وستحتاج أن تعرف كيف تفرق بينهما. ربما سمعت من قبل أن مص سم الأفعى من موضع اللدغة أو تعريضه لصدمة خفيفة بإمكانه إبطاء انتشار السم. لسوء الحظ العلاج الوحيد للدغات الأفاعي هو مضاد السم الخاص بها؛ لذا لا تعبأ بتجربة العلاجات الاخرى، وسارع في التوجه إلى المستشفى، فكلما وصلتَ أسرع كلما كان ذلك أفضل.

لو حدث أن مررت بيوم سيء، ستكون سعيداً، لو كنت مصطحباً معك هاتفك المتصل بالأقمار الصناعيّة، أو جهاز التتبع الشخصي، ليُسَهِّل من العثور عليك.

وبالمثل، غالبا ما تحصل أربطة وقف النزيف على سمعة سيئة، حيث تُتهم بكونها تضر أكثر مما تنفع، ورغماً عن ذلك يقول شيملفينج: “إنها طريقة فعّالة للغاية لإيقاف النزيف الشديد المُهدِّد للحياة”. ويضيف مؤكداً “فاستخدام الأربطة لا يعني آلياً التضحية بالأطراف”، ولكن يجب أن تكون هذه الطريقة ملاذك الأخير، وتستخدمها فقط لإيقاف حالات النزيف الخطِرة.

كيف تتعامل مع الإصابات الخطيرة التي قد تحدث في دروب الطبيعة البرية

يقول شيملفينج: “كلما ازداد بعدك عن المناطق المأهولة، يزداد مقدار التدريب الذي يلزمك الحصول عليه”. في الوقت الذي  سيستفيد فيه معظم محبي المغامرة في الخارج من دورة الاسعافات الاولية في الطبيعة البرية الممتدة لـ16 ساعة، فإن هؤلاء الذين يحبون التنزه في أماكن أكثر بعداً في الجبال أو في اعماق الغابات عليهم أن يحرصوا على الحصول على دورة التدريب الممتدة لـ40 ساعة، أو حتى تلك الدورة ذات الـ 80 ساعة الخاصة بالمسعفين المحترفين. كلما طالت مدة رحلتك، وابتعدت وجهتك عن المناطق المأهولة، طالت المدة التي يجب عليك فيها الاعتناء بنفسك وبالأخرين من حولك.

تتضمن الخطوة الاولى القُدرةَ على التعُّرف على الأخطار المهددة للحياة، مثل انسداد المجرى الهوائي، ومشاكل التنفس، توقف عضلة القلب، النزيف الشديد و الحساسية المُفرطة. تعرّف على أعراض المشكلات الصحية، وتعلم كيف ترتبها من حيث الأولويّة؛ لتتمكن بتفكيرٍ منظمٍ وبثقة في النفس من مواجهة المشكلة الرئيسية أولا وبعد ذلك تضع أيضاً في اعتبارك الإصابات الثانوية المُسببة لعدم الراحة، والتي تعد غير مهددة للحياة.

أخيراً، كن على وعي جيد بطبيعة المكان الذي ستتوجه إليه، وما وسيلة الاتصالات التي ستكون متاحةً أو يفضل الاعتماد عليها؟ إذا كنت على علم بعدم وجود شبكة التغطيّة الخلويّة في هذه المنطقة، فعليك أن تسأل نفسك: هل هذه منطقة يزورها أو يتردد عليها المغامرون الاّخرون بكثرة؟ إن كانت الاجابة بنعم، فهناك فرصة جيِّدة حتى في حالة تَعّرضك لإصابة، أن يمر بك أحدٌ ما في نهاية المطاف، ويقدم لك المُساعدة. وإن كانت المنطقةُ غيرَ ذلك، فيلزمك أن أن تصطحب في حقيبتك جهاز هاتف متصل بالأقمار الصناعيّة، أو جهاز التتبِّع الشخصي لتتمكن من طلب المساعدة، إذا كنت أنت أو أحد رفاقك في حاجة لها.

بالتدريب والعتاد المناسبين، يمكنك الانطلاق بجرأة في مغامرات أحلامك في الطبيعة البريِّة، وأنت على أهبة الاستعداد لمواجهة أي شيء تقريباً، من التواء بسيط في الكاحل إلى أكبر الصعاب.