دراسة جديدة تكشف آلية دفاعية جديدة تتبعها النباتات لمقاومة العفن

2 دقيقة
دراسة جديدة تكشف آلية دفاعية جديدة تتبعها النباتات لمقاومة العفن
العفن هو نوع من الفطريات يمكن أن يفسد الفراولة وغيرها من الفواكه والخضروات الطازجة. ديبوزيت فوتوز

على الرغم من أن البرّادات تخزّن الطعام في درجات حرارة آمنة وتبقيه طازجاً، فإنها يمكن أن تمثّل وسطاً ملائماً للعفن الرمادي الأزغب الذي يفسد الفاكهة. تلائم الأوساط الدافئة أغلبية أنواع العفن؛ ولكن ينمو العديد من أنواع هذه الكائنات الحية في البرادات من خلال إنتاج الأبواغ. يمكن أن تنتقل هذه الأبواغ عبر الهواء وتتراكم داخل البرادات وتلوّث الفواكه والخضروات. مع ذلك، قد تتمتّع النباتات بآليات دفاعية ضد الفطريات. وفقاً لدراسة نُشرت بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2023 في مجلة سيل هوست آند مايكروب (Cell Host & Microbe)؛ تستخدم النباتات سلاحاً جزيئياً خفياً لمهاجمة خلايا العفن الرمادي.

مهاجمة خلايا العفن الرمادي

حدد مؤلفو الدراسة جزيئات الحمض النووي الريبي المرسال (أو الرنا المرسال، mRNA) الموجودة في نبات يحمل اسم "رشاد أذن الفأر" لدراسة هذه الآلية الدفاعية، ثم قارنوها بنظيراتها في العفن الرمادي. الرنا المرسال عبارة عن جزيئات صغيرة داخل الخلايا تحتوي على مجموعة من التعليمات مثل المخططات. على الرغم من أن أنواع الرنا الثلاثة جميعها تركّب البروتينات، فإن الرنا المرسال هو الذي يؤدي وظيفة المرسال؛ إذ إنه ينقل ما يشبه وصفة لتركيب البروتينات.

رصد الباحثون في المختبر كيف ترسل النباتات "فقاعات" دهنية صغيرة تحمل اسم "الحويصلات الخارج الخلويّة"، تكون مملوءة بجزيئات الرنا والرنا المرسال وتستطيع مهاجمة خلايا العفن العدواني. بمجرد دخول الفقاعات إلى هذه الخلايا، تصبح الجزيئات قادرة على كبح نمو خلايا العفن المعدية.

قال عالم الأحياء الدقيقة في جامعة كاليفورنيا في مدينة ريفرسايد، هايلينغ جِن، في بيان صحفي: "النباتات ليست عاجزة عن مقاومة العفن؛ إذ إنها تحاول حماية نفسها منه، وتوصّلنا الآن إلى فهم أعمق للآلية التي تتبعها لفعل ذلك".

اقرأ أيضاً: كيف تشتري لنا النباتات الوقت في مواجهة تغيّر المناخ؟

عمليات على المستوى الخلوي

اكتشف فريق جِن سابقاً أن النباتات تستخدم الفقاعات نفسها لإرسال جزيئات صغيرة من الرنا المرسال التي يمكنها إلغاء تفعيل الجينات التي تجعل العفن أكثر سميّة. واكتشف الباحثون في الدراسة الجديدة أن هذه الفقاعات تحتوي على جزيئات الرنا المرسال التي تستهدف العمليات الخلوية المهمة في خلايا العفن؛ مثل الوظائف التي تؤديها العُضيّات.

قال جِن: "تستطيع جزيئات الرنا المرسال هذه ترميز بعض البروتينات التي تدخل في النهاية إلى المتقدّرات في خلايا العفن. والمتقدرات هي مراكز توليد الطاقة في الخلايا. تفسد هذه البروتينات بنية المتقدرات وتعطل وظائفها بمجرد دخولها إليها؛ ما يمنع نمو الفطر ويخفض قدرته على الإضرار بالمضيف".

لا يعلم مؤلفو الدراسة بثقة لماذا تدخل هذه الحويصلات الدهنية إلى خلايا الفطريات في المقام الأول. ويعتقدون أن الفطريات ربما تُدخلها لتتغذّى عليها ببساطة. من المحتمل أن الفطريات تُدخل الحويصلات للحصول على المغذيات، دون أن تتحسس وجود جزيئات خطِرة داخلها. هذه الاستراتيجية فعالة بالنسبة إلى النباتات لأن تأثير جزيء واحد صغير من الرنا المرسال في الفطريات قد يكون كبيراً. وفقاً لجِن؛ يمكن تركيب ملايين النسخ أو البروتينات من الأسلحة الجزيئية التي تحتوي على الرنا المرسال؛ ما يتسبب بمضاعفة تأثيرها.

الجدير بالذكر إن العفن يستخدم الفقاعات الدهنية نفسها لنقل جزيئات الرنا الصغيرة الضارة إلى النباتات التي يصيبها. تثبّط هذه الفقاعات مناعة النبات وتحمي المعلومات الوراثية التي تحتاج إليها الفطريات للسيطرة على النبات المضيف.

اقرأ أيضاً: هل الطماطم فاكهة أم خضروات؟ لهذه الإجابة وغيرها إليك كيفية تصنيف النباتات

تطوير مبيدات فطرية

قال جِن: "عندما تصيب الفطريات النباتات، تتواصل هذه الكائنات مع بعضها بكثافة وتتبادل الجزيئات بينما تحارب بعضها. ودرس العلماء سابقاً عمليات تبادل البروتينات. لكن الآن، مكّنتنا التكنولوجيا الحديثة من اكتشاف مجموعة أخرى من الجزيئات التي تسهم في هذه المعركة".

يأمل الفريق في الاستفادة من نظام توصيل جزيئات الرنا الخفي الذي اكتشفوه في تطوير مبيدات فطرية أكثر رفقاً بالبيئة. ويعتقدون أن المبيدات الفطرية المعتمدة على الرنا هذه لن تتسبب بتراكم البقايا السامة في البيئة أو تؤثر في الحيوانات والبشر.

قال جِن: "انخرط البشر في صراع طال أمده للسيطرة على الآفات والعوامل الممرضة النباتية. وإذا تمكنا من إيصال جزيئات الرنا المرسال التي تتسبب باضطراب الوظائف الخلوية لدى العفن، قد نتمكن من مساعدة النباتات على مقاومة هذه الآفات والعوامل الممرضة بفعالية أكبر".

المحتوى محمي