من الطبيعي أن نمر بأيام لا يبدو فيها شعرنا بأفضل حالاته. وفي هذا السياق، بدأ العلماء البحث عن مزيد من المعلومات التي تفسر سبب تمتع بعض الأشخاص بشعر رائع، ويشمل ذلك العوامل الوراثية والسمات البيولوجية الأخرى التي تؤثر في نمو الشعر وخصائصه. يمكن أن تتحول خصل الشعر لدى بعض الأشخاص إلى اللون الرمادي بسبب وجود خلل في الخلايا الجذعية، ويمكن أن يساعد فهم الخصائص الفريدة للشعر المجعد على تطوير منتجات أفضل للعناية بالشعر.
خرائط جينية لدوامات الشعر
حالياً، تُظهر دراسة لرسم الخرائط الجينية لدوامات الشعر الموجودة في فروة الرأس البشرية، وهي رقعة من الشعر تنمو في نمط دائري حول نقطة واحدة يتحدد موقعها بواسطة اتجاه بصيلات الشعر، أن هذه الدوامات تعود إلى أسباب وراثية. أظهرت الدراسة التي نُشرت في 9 أغسطس/ آب في مجلة الأمراض الجلدية الاستقصائية (Investigative Dermatology)، أن دوامات الشعر تتأثر بجينات متعددة، وحددت 4 متغيرات جينية يمكن أن تؤثر في اتجاه دوامات الشعر.
دوامات الشعر هي سمة بشرية تُمكن ملاحظتها بسهولة. عادةً ما يُحدَّد نمط دوامة الشعر في فروة الرأس من خلال وجود دوامة واحدة أو دوامتين، بالإضافة إلى اتجاه الدوامة (سواء باتجاه عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة أو أن تكون هذه الدوامات موزعة في عدة اتجاهات بصورة غير منتظمة). لاحظ الباحثون وجود أنماط غير طبيعية للدوامات لدى بعض المرضى الذين يعانون اضطرابات في الجهاز العصبي؛ ولذلك فإن دراسة التأثير الوراثي في أنماط الدوامات ربما يساعد العلماء على فهم بعض العمليات البيولوجية المهمة بصورة أفضل.
اقرأ أيضاً: كيف تتخلص من القمل؟
4 متغيرات مرتبطة بالجينات
تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة وعالمة الوراثة الجلدية وعضوة الأكاديمية الصينية للعلوم، سيجيا وانغ (Sijia Wang)، في بيان صحفي: "نمتلك معرفة محدودة جداً حول الأسباب التي تفسر مظهرنا الحالي؛ إذ كان فريقنا يبحث عن الجينات المسؤولة عن تحديد صفات معينة في الجسم أو المظهر، ويشمل ذلك أشكال بصمات الأصابع وسمك الحاجب وشكل شحمة الأذن وتجعد الشعر ومن ثَمّ فإن دوامات الشعر هي إحدى السمات التي كنا مهتمين بدراستها".
في هذه الدراسة التي تعتمد على تحليل مجموعات كاملة من الجينات، استخدم الفريق بيانات عن دوامات الشعر في فروة الرأس لدى 2,149 فرداً من مجموعة دراسة برنامج المسح الوطني الصيني للصفات الجسدية (China’s National Survey of Physical Traits)، وتبعتها دراسة مماثلة شملت 1,950 فرداً من مجموعة دراسة تايتشو الطويلة المدى (Taizhou Longitudinal Study).
توصّل الباحثون إلى وجود 4 متغيرات مرتبطة بالجينات، من الممكن أن يكون لها تأثير في اتجاه دوامات الشعر. ربما يحدث هذا التأثير عن طريق تنظيم قطبية الخلايا في بصيلات الشعر (أي توجيه الخلايا وتنظيم ترتيبها وتنسيقها بحيث تسهم في تحديد اتجاه نمو الدوامات)، ومن الممكن أن يؤدي إغلاق نمو الأنبوب العصبي القحفي (الهيكل الذي يشكل الجهاز العصبي المركزي) دوراً مهماً في تلك العملية.
اقرأ أيضاً: إليك خرافات شائعة عن جسم الإنسان دحضها العلم
تقول وانغ: "كان الرأي السائد يتمثل في وجود جين واحد يتحكم باتجاه دوامات الشعر، وذلك وفقاً لنمط الوراثة المندلية (Mendelian inheritance)، وهي طريقة تنقل الخصائص الوراثية من جيل إلى جيل من خلال وجود جين واحد يؤثر في الخصائص المعنية؛ لكنَ نتائج الدراسة أظهرت وجود عوامل وراثية متعددة الجينات تؤثر في اتجاه دوامات الشعر؛ ما يشير إلى التأثير التراكمي لهذه الجينات".
افترضت الدراسات السابقة وجود علاقة بين أنماط دوامات الشعر واضطرابات الجهاز العصبي وفقاً لوانغ؛ لكنّ هذه الدراسة لم تجد أي ارتباطات وراثية بين اتجاه دوامات الشعر وأي مشكلات عصبية أو سلوكية أو إدراكية ملموسة.
وتقول: "على الرغم من معرفتنا الضئيلة حول الأسباب المسؤولة عن مظهرنا؛ لكننا واثقون من قدرتنا على العثور على الإجابات المطلوبة في نهاية المطاف".