لا بد أنك سمعت بمصطلح البوليمرات، وإن لم تسمع به، فإنك تستخدمه وتلامسه كيفما اتجهت. يعتقد البعض أن البوليمرات مادة تُستخدم في الصناعة، وخاصةً صناعة البلاستيك، ويجهل الكثيرون أنها مواد موجودة في الطبيعة أيضاً؛ لكن الحقيقة أن البوليمرات مواد طبيعية ساعد اكتشافها وفهم كيفية تشكلها في إدخالها في العديد من الصناعات.
ما هي البوليمرات؟
البوليمرات هي مواد طبيعية أو اصطناعية، مكونة من سلاسل طويلة ومتكررة من جزيئات ضخمة، تتكون هذه الجزيئات من عدد غير محدد من وحدات كيميائية أصغر تُسمى «المونومرات». تتمتع البوليمرات بخصائص فريدة، اعتماداً على نوع الجزيئات التي تتكون منها وكيفية ترابطها. تتكون بعض البوليمرات من تكرار النوع نفسه من المونومرات، ذات التركيب الكيميائي والوزن الجزيئي والبنية نفسها؛ لكن معظم البوليمرات تتكون من نوعين مختلفين أو أكثر من المونومرات، مُشكلةً ما يُعرف باسم البوليمرات المشتركة.
يُعتبر الألماني «هيرمان شتاودنغر»؛ أستاذ الكيمياء العضوية السابق في جامعة فرايبورغ وجامعة العلوم التطبيقية في زيورخ بسويسرا، أب التطور الحديث للبوليمرات، وقد قاد بحثه في عشرينيات القرن الماضي الطريق إلى اكتشاف البوليمرات الطبيعية والاصطناعية. لقد صاغ مفهومين أساسيين لفهم البوليمرات هما: البلمرة والجزيئات الكبيرة؛ وذلك وفقاً للجمعية الكيميائية الأميركية. وحصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1953 لاكتشافاته في مجال كيمياء الجزيئات الكبيرة.
أنواع البوليمرات
تنتشر جزيئات البوليمرات في كل مكان، ومنها الطبيعي ومنها الصناعي، ومن البوليمرات الطبيعية البروتينات والأحماض النووية (DNA وRNA) والمطاط والخشب والسللوز. من جهة أُخرى؛ توجد بوليمرات صناعية، أبرزها البلاستيك والإطارات والزجاج. بعض البوليمرات صلب مثل الزجاج، والبعض الآخر ليّن مثل المطاط والبوليستر.
اقرأ أيضاً: طُورت لتبقى: دليلك المبسط لفهم تقنية الهولوغرام
طريقة تصنيع البوليمرات
يعتمد تصنيع البوليمرات الصناعية على عملية تسمى البلمرة؛ وهي تفاعل كيميائي يجمع بين جزيئات المونومرات، في سلسلة مرتبطة ببعضها البعض بواسطة روابط تساهمية. تتغير الروابط الكيميائية التي تربط المونومرات معاً نتيجة الحرارة والضغط؛ ما يتسبب في ارتباط الجزيئات في بنية خطية أو متفرعة أو شبكية، مشكّلةً البوليمرات.
تحتوي معظم سلاسل البوليمرات في الأساس على سلسلة من ذرات الكربون، ويمكن أن يتكون الجزيء الكبير الواحد من مئات الآلاف من المونومرات. إن أشهر المونومرات التي تدخل في صناعة البوليمرات هي البولي إيثيلين والبولي بروبيلين.
البوليمرات الطبيعية
توجد البوليمرات طبيعيّاً في أجسادنا، وعند الكائنات الحية الأخرى، فهي توفر المواد الهيكلية الأساسية والمشاركة في العمليات الحيوية. على سبيل المثال: البروتينات هي بوليمرات تتكون من الأحماض الأمينية، والأحماض النووية (DNA وRNA) هي بوليمرات من جزيئات النيوكليوتيدات. أيضاً؛ النشاء هو بوليمر طبيعي يتكون من وحدات سكر الغلوكوز الأصغر حجماً، كما أن الأجزاء الصلبة من النباتات؛ وهي الخشب والسللوز، جميعها بوليمرات طبيعية.
اقرأ أيضاً: تنمية الجلد في المختبرات لها فوائد على البشر والسلاحف على حد سواء
استخدامات البوليمرات الصناعية
تدخل البوليمرات الصناعية في كل مجالات الحياة الحديثة تقريباً؛ ابتداءً من صناعة أكياس البقالة وزجاجات المياه والصودا والأقمشة والهواتف وأجهزة الحاسوب وأوراق تغليف المواد الغذائية وقطع غيار السيارات والألعاب، وصولاً إلى أغشية تحلية المياه، وهندسة الأنسجة الحيوية والأدوية. يجرّب الباحثون أنواعاً مختلفةً من البوليمرات بهدف تطوير وتحسين المنتجات التي نستخدمها بالفعل. من هذه المنتجات:
المطاط والبلاستيك
تُستخدم بوليمرات مثل بولي بوتادين وبولي إيزوبرين في تصنيع المطاط الصناعي. وتتمتع بوليمرات البوليسترين بصفات تمكّن من استخدامها في صناعة البلاستيك، فهي زجاجية وشفافة في درجة حرارة الغرفة ويمكن إعادة تشكيلها في درجات الحرارة المرتفعة، كما يمكن تلوينها بأي لون.
أجزاء الآلات الميكانيكية
بالإضافة إلى ذرات الكربون؛ تحتوي العديد من البوليمرات المهمة على ذرات أكسجين أو نيتروجين؛ من بينها مُركب يُسمى "عديد الأسيتال" هو "بولي فورمالدهيد". له صفات قريبة من صفات المعادن، فدرجة حرارة انصهاره عالية، كما أنه بلوري ومقاوم للتآكل وللمذيبات، لذلك يُستخدم في تصنيع أجزاء الآلات الميكانيكية.
البوليستر
يتكون البوليستر بتكرار مجموعات من مركب الإستر، وهو بوليمر عديم اللون وبلوري ويمكن تشكيله بالحرارة، ويُستخدم في تصنيع الأغشية والأشياء المقولبة والألياف؛ مثل الداكرون (نوع من أنواع الأنسجة الصناعية).
إلى جانب تلك الصناعات التي أصبحت تقليديةً؛ تستمر الدراسات الرامية إلى تطوير أنواع أُخرى من البوليمرات، لاستخدامها في صناعات حديثة أخرى؛ منها:
صناعة السيارات
يتم تطوير بوليمرات الكربون وتعزيزها لصناعة السيارات؛ إذ تدخل مركبات البوليمر المقوى بألياف الكربون في صناعة السيارات الحديثة، وهي مواد تجعل السيارات أخف وزناً وأكثر كفاءةً في استهلاك الوقود وأكثر أماناً. صفائح الكربون قوية وصلبة للغاية بسبب طبقاتها المنسوجة من ألياف كربونية نقية تقريباً، ومرتبطة ببعضها البعض بواسطة بلاستيك مقوى.
الجلد الاصطناعي
قد يكون الجلد الاصطناعي المصنوع من بوليمر السيليكون، مستقبل مكافحة الشيخوخة؛ إذ ابتكر باحثون بوليمراً بشكل كريم، له القدرة على شد الجلد وتقليل ظهور التجاعيد وتخفيف الانتفاخ تحت العين. يمكن أيضاً استخدام مثل هذا الجلد الاصطناعي لمساعدة المصابين بأمراض جلدية؛ مثل الإكزيما، أو استخدامه كواقي من أشعة الشمس.
تحسين الصور المجسمة (الهولوغرام)
تُستخدم البوليمرات أيضاً لتحسين الصور المجسمة، فقد ابتكر علماء في جامعة بنسلفانيا صورةً ثلاثية الأبعاد على مادة بوليمر مرنة تسمى polydimethylsiloxane» BDMS»، والتي تم دمجها مع عصي نانوية ذهبية. يمكن لجهاز الهولوغرام الجديد هذا؛ والمُصنع من البوليمر، أن يحمل عدة صور ثلاثية الأبعاد بدلاً من صورة واحدة فقط؛ إذ يمكن تسجيل الصور بمجرد مد البوليمر، مع إمكانية تغيير الصورة.
أضرار البوليمرات
لا توجد أضرار للبوليمرات الطبيعية، فهي مواد قابلة للتحلل وليس لها أثر ضار يذكر على البيئة، وتنحصر أضرار البوليمرات في الصناعية منها، خاصة البلاستيك والنايلون، ومن هذه الأضرار:
- تتناول الطيور والحيوانات الأخرى البرية والمائية، هذه البوليمرات، معتقدةً أنها مواد غذائية.
- ينتج عن بعض البوليمرات مواد تسمى ملوثات عضوية ثابتة، وهي سامة للأسماك والحيوانات البرية، وللبشر الذين يتغذون عليها.
- قد تتسرب هذه المواد إلى البيئة أثناء عملية الإنتاج، مسببة الأضرار السابقة.
- تشكل النفايات البلاستيكية أكوام هائلة يصعب التخلص منها.
أسئلة وأجوبة حول البوليمرات
ما هي هندسة البوليمرات؟
هندسة البوليمرات هي فرع من فروع الهندسة، متخصص في تصميم وتحليل وتعديل مواد البوليمر. يوظف فيه مهندس البوليمر مهاراته لتصميم مواد بوليمر جديدة، بالإضافة إلى حل المشكلات الحالية المتعلقة بإنشاء مركبات بوليمر جديدة.
هل البوليمرات قابلة للصدأ؟
بالتأكيد البوليمرات الطبيعية غير قابلة للصدأ، وحتى البوليمرات الصناعية لا تصنع من مواد قابلة للصدأ أيضاً.
كيف تتعدد البوليمرات والألياف؟
تتعدد البوليمرات والألياف بعملية تسمى البلمرة؛ وهي تفاعل كيميائي يجمع بين الوحدات الصغيرة التي تكون البوليمرات، والمسماة المونومرات، في سلسلة مرتبطة ببعضها البعض بواسطة روابط تساهمية. تتغير الروابط الكيميائية التي تربط المونومرات معاً نتيجة الحرارة والضغط؛ ما يتسبب في ارتباط الجزيئات في بنية خطية أو متفرعة أو شبكية، مشكّلةً البوليمرات.