عند النظر إلى خريطة ملونة للوطن العربي، قد يتهيأ للناظر أنّ صحراء قاحلة تغطّي معظم أراضيه من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، لكن في الواقع وعلى الرغم من أن الصحراء تمتد على جزء كبير منه، فإن ثمة أنواع مختلفة من المناخات التي تسود فيه، والتي تتأثر بفعل العديد من العوامل الطبيعية والبشرية. فما هي العوامل التي تؤثّر في مناخ الوطن العربي؟ وما أنواع المناخ الموجودة فيه؟
العوامل الطبيعية
ثمة العديد من العوامل التي تساعد أو تعمل معاً على تحديد المناخ في منطقة ما كالمنطقة العربية، ومن أهم هذه العوامل:
الموقع بالنسبة لدوائر العرض والبُعد عن خط الاستواء
يعدّ امتداد المنطقة على دوائر العرض من أهم العوامل التي تحدد مناخها، نظراً لتأثيره على كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض، حيث تختلف التغيرات الموسمية في الإشعاع الشمسي الوارد وطول اليوم باختلاف دائرة العرض. يمتد الوطن العربي بين دائرتي عرض 2ْ جنوب خط الاستواء و37ْ شمال خط الاستواء، وبين خطيّ طول 17ْ غرباً و16ْ شرقاً.
الارتفاع عن سطح البحر
يختلف المناخ بين منطقة وأُخرى في الدول العربية حسب الارتفاع عن سطح البحر، إذ يؤثّر الارتفاع على درجة حرارة الهواء، فتنخفض درجة الحرارة نحو 6.5 درجة مئوية لكل 1000 متر ارتفاعاً. لذلك، وعندما تكون باقي عوامل المناخ ثابتة من دائرة العرض وغيرها، فإن الأماكن المرتفعة تكون أكثر برودة بشكل عام من المناطق الموجودة على مستوى سطح البحر. بالإضافة إلى ذلك، يؤثّر الارتفاع على نوع الهطول، إذ غالباً ما يكون الهطول مطرياً فوق الوديان والمناطق قليلة الارتفاع، بينما يكون ثلجياً في المناطق المرتفعة. بشكل عام، تكون المناطق المرتفعة أكثر برودة ورطوبة من المناطق قليلة الارتفاع، فالهطول المطري على المرتفعات يكون أكبر لأن المنحدرات الجبلية تُجبر الهواء على الارتفاع، ما يساعد على تكوين السحب وهطول المطر.
القرب من المسطحات المائية
يختلف المناخ في الوطن العربي بين منطقة وأخرى حسب القرب من المسطحات المائية الكبيرة، فالمحيطات تسخن وتبرد بشكل أبطأ من اليابسة بكثير، وبالتالي فإنها تعدِّل المناخ في المناطق المجاورة، وهذا يعني أن الفروق في درجات الحرارة ما بين الليل والنهار والصيف والشتاء تكون قليلة مقارنة بالمناطق البرية البعيدة عن المسطحات المائية الكبيرة.
الرطوبة
إن المناطق التي تحتوي على كميات أعلى من بخار الماء في الغلاف الجوي تميل لأن تكون أكثر دفئاً في الليل وأكثر اعتدالاً في النهار، بينما تكون المناطق الصحراوية الجافة قليلة الرطوبة النسبية ذات تقلبات حرارية كبيرة نسبياً ما بين الليل والنهار.
التضاريس المحلية
تساهم التضاريس المحلية في حدوث اختلاف في المناخ بين مكان وآخر في البلاد العربية، فالاختلاف في انحدار الأرض يؤثّر على ضوء الشمس الممتص والتعرض للرياح والجريان السطحي. على سبيل المثال، فإنّ السفوح الجنوبية للجبال الواقعة في المنطقة العربية تكون مواجهة للشمس وقت الظهيرة، بالتالي تتلقى كمية أكبر من الأشعة الشمسية مقارنة بالمنحدرات الشمالية التي تكون بعيدة عن الشمس وقت الظهيرة وتظل أكثر برودة.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثّر ظروف السطح المحلية على المناخ بشكل كبير، إذ تؤثّر وفرة النباتات ونوع الغطاء الأرضي مثل التربة أو الرمل أو الإسفلت على التبخر ودرجة الحرارة المحيطة، فالأراضي المزروعة لا تسخن بنفس السرعة التي تسخن بها الرمال والصخور.
غطاء الغيوم
تؤثّر العديد من العوامل آنفة الذكر على مقدار ونوع الغطاء السحابي الذي يتواجد في منطقة ما. بشكل عام، فإنّ للغيوم تأثيراً مبرّداً خلال النهار من خلال عكس الإشعاع الشمسي وتأثير احترار وتسخين خلال الليل بسبب انبعاث الأشعة تحت الحمراء منها. بالتالي، تميل المناطق التي تحوي كميات كبيرة من الغطاء السحابي لأن تشهد تبايناً أقل في درجات الحرارة ما بين الليل والنهار مقارنة بالمواقع ذات السماء الصافية قليلة الغيوم.
العوامل البشرية
يساهم البشر وأنشطتهم المختلفة في تغيّر المناخ في الدول العربية مثلما هو الحال في معظم أنحاء العالم، فحرق الوقود الأحفوري وقطع الغابات وانبعاثات المصانع كلها عوامل تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتغيّر المناخ. بشكل عام، فإن العوامل البشرية المؤثّرة في مناخ الوطن العربي هي:
- الأنشطة البشرية التي تعتمد على حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.
- التغييرات التي يحدثها البشر في الغطاء النباتي واستخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات، وبناء المدن، والتغيير في أنماط الغطاء النباتي وغيرها.
- زيادة تربية الماشية، حيث تنتج الأبقار والأغنام وغيرها من المجترات كمية كبيرة من غاز الميثان عندما تهضم طعامها.
- استخدام الأسمدة المحتوية على النيتروجين التي تسبب انبعاث أوكسيد النيتروز.
- استخدام المعدات والمنتجات التي تسبب انبعاث الغازات المفلورة.
أنواع المناخ في الوطن العربي
للمناخ في الوطن العربي عدة أنواع وهي:
- مناخ صحراوي جاف: تمتد الصحراء العربية على مساحة كبيرة من الوطن العربي، وتتميز بدرجة حرارة مرتفعة جداً في الصيف وقد تصل إلى 55 درجة مئوية في بعض الأماكن، كما يبلغ متوسط هطول الأمطار أقل من 100 ملليمتر سنوياً، وقد يكون 0 أحياناً.
- مناخ شبه جاف: ثاني أكبر منطقة مناخية في الوطن العربي، تتلقى هذه المنطقة هطولاً مطرياً أكبر من الصحراء، لكنها لا تكفي لنمو سوى عدد قليل من الحشائش والشجيرات.
- مناخ مداري: يوجد في المنطقة الجنوبية القصوى من الوطن العربي، ويتميز بجو حار ورطب على مدار العام، مع هطول مطري متكرر وغزير.
- مناخ معتدل (مناخ البحر الأبيض المتوسط): يوجد عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ويتميز هذا المناخ بصيف دافئ وشتاء قصير معتدل وممطر.
- مناخ جبلي: تتميز الجبال عالية الارتفاع بدرجات حرارة تختلف عن المنطقة التي تتواجد فيها عادةً، فغالباً ما تكون درجة الحرارة منخفضة وذات هطولات ثلجية أو مطرية غزيرة، وقد يختلف المناخ بين جانبي الجبل.