لماذا يعد الأخطبوط من أذكى الرخويات؟

لا بُدّ أنك شاهدت مقطع فيديو قصيراً لأخطبوط يفتح غطاء مرطبان بمجساته، أو لربما سمعت أن أخطبوطاً استطاع فتح صمام حوض مياه، وأغرق المختبر بالماء، وأعتقد أنك شاهدت فيلماً وثائقياً عن الأخطبوطات ورأيت قدرتها المذهلة على التخفي والخداع والتقاط الفرائس. كل ذلك وأكثر من الصفات التي تدعو الجميع للقول بأن الأخطبوط من أذكى الرخويات، وقد أثبت الباحثون على جميع المستويات صفة الذكاء لديه.

لماذا يعد الأخطبوط من أذكى الرخويات؟

يحدد علماء السلوك الحيواني قدرات الكائنات المعرفية من خلال المرونة التي يمكن للحيوان من خلالها تكييف نفسه وتعديل سلوكه مع المواقف الجديدة، وقد ثبت أن الأخطبوطات تتمتع بمرونة كبيرة في سلوكها، أي أنها تتمتع بقدرات معرفية كبيرة.

التطور

يعد الأخطبوط من الرخويات، لكن ليست لديه صدفة، وهذا ما دفع الأخطبوطات لتصبح أكثر ذكاءً من الرخويات الأخرى. ولعدم امتلاكها أي تركيب عظمي فيمكنها التحرك بحرية والوصول إلى أماكن صغيرة جداً للحصول على الطعام. ومع توفر المزيد من خيارات الطعام، كان عليها أن تصبح أكثر ذكاءً للعثور عليه، وبذلك طوّرت مستويات أعلى من الذكاء. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الأخطبوطات أكثر عرضة للخطر لافتقارها درعاً للوقاية، فكان عليها أن تصبح أكثر ذكاءً لتجد وسائل للحماية.

بنية الدماغ

تمتلك الأخطبوطات بنية دماغية وعصبية متطورة، وتختلف درجة تطورها وتعقيدها بين الأنواع التي تعيش في بيئات مختلفة، فالأنواع التي تعيش في مياه البحار العميقة لديها بنية دماغية أقل تطوراً بقليل، لكنها مناسبة للحياة البطيئة التي تعيشها ولكونها لا تتفاعل مع العديد من الحيوانات الأخرى، بينما تمتلك الأخطبوطات المرجانية أدمغة أكبر مناسبة للتفاعلات الاجتماعية والتعاون والمهام البصرية المعقدة.

تمتلك الرخويات مجموعات من الخلايا العصبية تسمى العقد، موزعة على جميع أنحاء الجسم، وتتحكم في وظائفه. لكن في الأخطبوط، يتجمع عدد من هذه العقد ليشكل دماغاً مركزياً واحداً يحتوي على 10% من الخلايا العصبية للأخطبوط، ويضم منطقتين مخصصتين لتخزين الذكريات، وفصين بصريين ضخمين يحتويان على نحو 30% من الخلايا العصبية، وتشكّل الـ 60% المتبقية 8 أدمغة في مجساته، أي أن الأخطبوط لديه إمداد لا نهاية له من الإبداع والمرونة لمواجهة المواقف الجديدة وحل المشكلات المعقدة، وتذكر تلك الحلول على المدى القصير.

الجينوم

سبب آخر يجعل الأخطبوط أكثر ذكاءً من الرخويات الأخرى هو امتلاكه أجزاء صغيرة من الحمض النووي تسمى الينقولات، يمكنها تغيير موقعها داخل الجينوم. يشير وجود هذه الينقولات إلى درجة تطور الكائن الذي يمتلكها، فهي تشكّل 45% من حمض البشر النووي، كما أن لها دوراً في المعالجة المعرفية لدى الكائنات. يعني ذلك أن الاخطبوط يتمتع بمرونة سلوكية وعصبية فريدة تسمح له بالتعلم وحل المشكلات مثل الثدييات.

ذكاء الأخطبوط في مجالات مختلفة

يظهر ذكاء الأخطبوطات بطرق مختلفة، ويستخدم أحد الأنواع نصفي ثمرة جوز الهند كدرع، كما تحب اللعب مع الغواصين والقائمين على رعايتها، كما أن لديها القدرة أيضاً على التخطيط المسبق وتشكيل الخرائط الذهنية والتعلم من أخطائها وفتح الزجاجات والتنقل في المتاهات وحل الألغاز المعقدة والهرب بطرق ذكية.

اللعب والفضول والتفكير الإبداعي

اللعب هو واحد من علامات الذكاء عند الحيوانات، والأخطبوطات تحب اللعب بالتأكيد، لدرجة أنها تتجاهل الطعام عادةً من أجل اللعب. علاوة على ذلك، تمتلك الأخطبوطات صفتين مهمتين تشيران إلى ذكاء الكائن الحي، وهما الفضول والشعور بالملل سريعاً، فهي تبحث باستمرار عن شيء تفعله، وتستخدم مهاراتها في الهروب لتكتشف أماكن أخرى تحصل فيها على المزيد من المتعة.

يمكن للأخطبوطات فتح أغطية البرطمانات والزجاجات بسهولة، كما يمكن للكثير منها تعلم الأشكال والألوان وحتى استخدام الأدوات وحل المتاهات، وسرقة الكاميرات تحت الماء من الغواصين فقط لتفكيكها قطعة قطعة، وكل ذلك بدافع الفضول واللعب.

استخدام الأدوات

يبحث الأخطبوط دائماً عن أدوات تساعده على الدفاع عن نفسه، ويستخدم أحد الأنواع المجسات السامة لقنديل رجل الحرب البرتغالي كأسلحة ضد الحيوانات المفترسة. يستخدم نوع آخر قشور جوز الهند كآلية دفاعية أيضاً، كما تجمع الحجارة لتبني دروعاً واقية عند مداخل منازلها.

جميع الأسباب سابقة الذكر تثبت أن الأخطبوط من أذكى الرخويات، وقد تزداد بعد إجراء دراسات قادمة، واكتشاف السلوكيات وصفات جديدة لديه.