هل يؤثر طعام الأم على نكهة حليب الثدي؟

3 دقيقة
هل يؤثر طعام الأم على نكهة حليب الثدي؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Honza Hruby

لنفترض أن الأم المرضعة تناولت كثيراً من المثلجات بنكهة الفانيليا، فهل ستنتقل نكهة الفانيليا إلى حليبها ليتذوقها رضيعها؟ وماذا عن وجبة غنية بالثوم؟ هل سيحصل نفس الشيء؟ هل يؤثر طعام الأم على نكهة حليب الثدي؟ أم تراه يؤثر على كمية الحليب؟ أسئلة كثيرة تشغل بال المرضعات، فماذا يجيب العلم؟

هل يؤثر طعام الأم على نكهة حليب الثدي؟

في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، أجرى فريق من العلماء يدعى "فريق المراجعة المنهجية للأدلة التغذوية"، التابع لوزارة الزراعة الأميركية، مراجعة منهجية للدراسات المنشورة بين عامي 1980 و2017 في 10 مواقع لقواعد البيانات، وقد نُشِرت في دورية "المجلة الأميركية للتغذية السريرية" (The American Journal of Clinical Nutrition)، وتوصلت إلى أن النكهات الناتجة عن بعض الأطعمة التي تتناولها الأم أثناء الرضاعة، مثل الكحول واليانسون والفانيليا والجزر والثوم والنعناع والأوكالبتوس قد انتقلت إلى حليب الأم ونكهته على الرغم من اختلاف الوقت اللازم لذلك، وقد استطاع الرضع اكتشاف هذه النكهات.

بالمقابل، فإن النكهة الناتجة عن زيت السمك، أو شاي الشمر واليانسون والكراوية معاً، أو نكهة الفاكهة لم تُكتَشف في حليب الثدي. إذاً، يمكن القول: لا تنتقل كل النكهات إلى حليب الثدي، وقد تكون الأسباب المحتملة التي تؤثر على انتقال النكهات أو عدم انتقالها متعلقة بالخصائص الكيميائية لهذه المواد المتطايرة، مثل الانتقال الانتقائي أو الشكل الجزيئي (الحجم والدهون والشحنة وغيرها).

ليس هذا فقط، فقد أشارت المراجعة إلى أن نكهة كل من الكحول واليانسون والجزر والثوم التي تنتج عن النظام الغذائي للأم أثناء الحمل، يمكن أن تنتقل إلى السائل الأمينوسي، وكلما زاد التعرض لهذه النكهات في المرحلة الجنينية، زاد قبول الأطعمة ذات النكهة المماثلة عند التعرض لها مرة أخرى أثناء الرضاعة، وربما خلال مرحلة الطفولة.

على كل الأحوال، اقترحت المراجعة إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد النكهات التي تنتقل إلى حليب الثدي، والكميات التي يجب أن تستهلكها الأم لإحداث تغيير في نكهة الحليب، والوقت والمدة التي تأكل فيها الأمهات طعاماً ذا نكهة معينة أثناء الإرضاع لإحداث تغيير في نكهة الحليب وغيرها.

اقرأ أيضاً: لماذا يرفض الأطفال الرضاعة الطبيعية؟ وكيف تتعاملين مع هذه الحالة؟

هل يفضّل الرضيع حليباً بنكهة الموز أم نكهة الثوم وما مقدار انتقال نكهة الأطعمة إلى حليب الثدي؟

إذاً، تنتقل نكهات بعض الأطعمة إلى حليب الثدي، فهل هذا يعني أن نكهة حليب الثدي ستتغير بشكل كبير لدرجة أن الرضيع سيميز بشكل جلي ما بين النكهات المختلفة؟ للإجابة عن هذا السؤال، قامت مجموعة من الباحثين في جامعة كوبنهاغن في الدنمارك (University of Copenhagen) بقيادة "هيلين هاوسنر" (Helene Hausner)، بإجراء دراسة للتحقيق في انتقال مركبات النكهة إلى حليب الثدي، وقد نُشِرت هذه الدراسة في دورية "علم وظائف الأعضاء والسلوك" (Physiology & Behavior)، ومن النتائج التي توصلت إليها أن 1% فقط من مركبات النكهة يمكن اكتشافها في حليب الثدي، وهذه النكهات تنتقل بشكل انتقائي وبكميات منخفضة نسبياً، كما أن بعضها يدوم في الحليب لمدة أطول من بعضها الآخر. على سبيل المثال، بلغت نكهة الموز ذروتها في الحليب بعد ساعة واحدة من تناوله، في حين استمرت نكهة المنثول لمدة 8 ساعات متواصلة. 

اقرأ أيضاً: كيف تعيدين طفلك للرضاعة الطبيعية بعد توقفه عنها؟ 

هل تأثير طعام الأم على نكهة حليب الثدي أمر ضار أمْ مفيد؟

في الواقع، تختلف رائحة حليب الثدي وطعمه وتركيبه من يوم إلى آخر، ويعتمد ذلك غالباً على النظام الغذائي للأم. وعلى الرغم من ذلك، فقد أظهرت الأبحاث السابقة أن الأطعمة التي تتناولها الأم قد لا تمنح الحليب بشكل مباشر نفس روائح أو مذاقات هذه الأطعمة، فالنكهات التي تصل إلى الحليب قد تكون لها رائحة أو نكهة مختلفة عن تلك التي تختبرها الأم في الطعام.

ومع ذلك، يمكن القول إن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية يعتادون على التغيرات الطفيفة في نكهة حليب الثدي، ويصبحون بالتالي أكثر قبولاً لمجموعة متنوعة من النكهات مقارنة مع الأطفال الذين يرضعون حليباً اصطناعياً. هذا بالإضافة إلى أن بعض المركبات الموجودة في النظام الغذائي لديها القدرة على التأثير على تفضيلات ذوق الطفل لاحقاً. أما وفي حال ظنّت الأم أن نكهة ما تزعج طفلها، فكل ما سيستغرقه الأمر نحو 8 ساعات في أقصى الحالات لتختفي هذه النكهة من الحليب.

اقرأ أيضاً: ما الذي ينبغي معرفته عن الرضاعة الطبيعية؟

هل يؤثر طعام الأم على كمية حليب الثدي؟

في الواقع، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة طبية كافية حول الأطعمة التي تزيد إدرار الحليب، ومع ذلك، فقد لوحظ أن تناول بعض الأطعمة والأعشاب يزيد إدرار حليب الثدي عند أعداد كبيرة من النساء، ومن هذه الأطعمة والأعشاب:

  • حبوب الشوفان الكاملة.
  • خميرة البيرة.
  • جنين القمح وهو جزء صغير موجود في لُب حبة القمح.
  • بذور الكتان.
  • الحلبة.
  • الزنجبيل.
  • الشمرة.
  • الثوم.
  • البرسيم.
  • الشوك المقدس.

يشار إلى أنه ينبغي دائماً استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات غذائية أو أعشاب خاصة عند الرضاعة الطبيعية، فحتى العلاجات الطبيعية قد تسبب آثاراً جانبية.

اقرأ أيضاً: 9 نصائح لزيادة حليب الأم بشكل طبيعي

ختاماً، وعلى الرغم من أن بعض الأطعمة تسبب تغير نكهة حليب الثدي، فإن النكهات التي تنتقل من النظام الغذائي تنتقل بشكل انتقائي وبكميات منخفضة نسبياً. ومع ذلك، يمكن القول إن حليب الأم يعمل كمختبر صغير يخضع فيه الرضيع لتجارب حسية وذوقية مختلفة وعديدة. 

 

المحتوى محمي