نشاهد أحياناً شخصية العالِم المجنون في الأفلام ونراها مضحكة، لكن دون جنون هؤلاء العلماء لم يكن العلم ليتطور، فبعض التجارب المجنونة مهّد الطريق للكثير من التطورات العلمية التي نشهدها حالياً من زراعة الأعضاء وصولاً لمفاعلات الطاقة النووية، إليك أبرز هذه التجارب.
5 من أكثر التجارب العلمية جنوناً في تاريخ البشرية
من أبرز التجارب العلمية المجنونة في تاريخ البشرية ما يلي:
1. الجراحة الذاتية
قام الجراح الأميركي إيفان أونيل كين بإجراء عملية جراحية على نفسه لإزالة الزائدة الدودية، بالإضافة إلى مرات عدة أخرى أجرى فيها عملاً جراحياً ذاتياً مثل بتر إصبعه بنفسه وإصلاح فتق أُصيب به عام 1932.
تبنى كين عدة تقنيات طبية مفيدة في حالات الطوارئ والحالات الاعتيادية لكن بعضها كان مثيراً للجدل، إذ أراد أن يقوم بوشم المولودين حديثاً بمناطق غير ظاهرة لتجنب خلط الأطفال بعد ولادتهم، ويعد كين من أوائل الأطباء الذين اعتمدوا التخدير الموضعي بدل العام، إذ لا تتطلب الحالات الطبية والجراحية كلها تخديراً كاملاً جسم المريض.
لكن أكثر تجربة مجنونة خاضها الدكتور كين هي استئصال زائدته الدودية بنفسه عام 1921، ولكنه كان قد اكتسب خبرة كافية بعد إجراء أكثر من 4000 عملية استئصال للزائدة الدودية عند المرضى، وأجرى كين الجراحة الذاتية باستخدام الوسائد والمرايا بمساعدة الممرضات لإبقائه في وضع شبه مستلقٍ، وكانت المشكلة الوحيدة التي واجهها خلال العملية التي استغرقت 30 دقيقة؛ خروج أحشائه عند انحنائه للأمام، لكنه تمكن من استئصال الزائدة الدودية بنجاح.
اقرأ أيضاً: حقائق غريبة قد تسمعها لأول مرّة
2. الحمية المجنونة لأكل الحصى والزجاج
شعر الشاب فريدريك هولزل بالقلق تجاه وزنه، لذا قرر إنقاص وزنه دون الشعور بالجوع عن طريق تناول مواد غير قابلة للهضم، وشملت هذه المواد أجزاء النبات التي لا نتناولها عادةً مثل كوز الذرة أو ساق الموز، ومن ثَمَّ بدأ أكل المواد المختلفة مثل الأقمشة والريش والأسبستوس والحصى والزجاج، لكنه وجد كرات القطن أكثر لذة من غيرها.
وفي كثيرٍ من الأحيان، كان يُطلب منه أكل أشياء مختلفة وتسجيل كيفية مرورها عبر جسده، حيث يسجل شخص مختص ما أكله هولزل، وعدد القطع التي أكلها والجاذبية النوعية للأشياء ونسبة المادة التي تم "استردادها" بعد خروجها من جسمه، والمدة التي استغرقها المرور عبر جهازه الهضمي.
فمثلاً استغرق استرداد كريات الذهب التي تناولها 22 يوماً بعدما أكلها، بينما استغرق السلك الفضي الذي ابتلعه نحو 80 ساعة للخروج، واستغرقت الحصى ما يزيد قليلاً على 50 ساعة.
3. هلوسة الفيلة
قررت مجموعة من الباحثين في مدينة أوكلاهوما الأميركية عام 1962 إعطاء حقنة تحتوي على 297 مليغراماً من عقار إل إس دي المحفز للهلوسة للفيل "توسكو"، وهذه الجرعة مساوية لنحو 3000 ضعف مستوى الجرعة البشرية النموذجية في الواقع، ولا تزال هذه أكبر جرعة إل إس دي معروفة تُعطى لكائن حي حتى اليوم.
وكانت التجربة ستدرس تأثير العقار على تحفيز جنون الفيل، ولكن انحرفت التجربة على الفور، إذ كان رد فعل توسكو على الحقنة كما لو أن نحلة لدغته، حيث دار حول خرطومه لبضع دقائق، ثم انحنى على الأرض، وحاول الباحثون إنعاشه باستخدام مضادات الذهان، لكنه توفي بعد نحو ساعة.
وفي السنوات اللاحقة، استمر الجدل حول سبب وفاة توسكو؛ فبعضهم يقول إن عقار إل إس دي قتله وغيرهم يقول إن مضادات الذهان المستخدمة لمحاولة إحيائه كانت السبب، وبعد مرور عشرين عاماً، قرر رونالد سيجل من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس حسم الجدل بإعطاء فيلين جرعة مماثلة لتلك التي تلقاها توسكو، لكنه خلط العقار بالماء، فنجا الفيلان وتأرجحا ذهاباً وإياباً، وأصدرا بعض الأصوات الغريبة مثل النقيق والصرير، وعادا لطبيعتهما بعد ساعات قليلة.
اقرأ أيضاً: هل يبلغ ذكاء الدببة درجة تمكنها من التقاط صور السيلفي؟
4. كلاب ديميخوف ذات الرأسين
فاجأ العالم السوفييتي فلاديمير ديميخوف العالم عندما كشف عن كلبه ذي الرأسين عام 1954، حيث ابتكر هذا المخلوق في مختبر على مشارف موسكو عن طريق تطعيم رأس جرو وأكتافه وأرجله الأمامية على رقبة كلب راعٍ ألماني بالغ، واستعرض ديميخوف الكلب أمام الصحافيين من مختلف أنحاء العالم.
وكان الاتحاد السوفييتي آنذاك يتباهى بفخر بأن الكلب كان دليلاً على التفوق الطبي، وخلال 15 عاماً اللاحقة، استطاع ديميخوف عمل 20 كلباً من كلابه ذات الرأسين، ولكن لم يعش أي منها طويلاً، إذ كانت تتعرض لمشكلات رفض الأنسجة، ومعظم هذه الكلاب يموت قبل إتمامها شهراً بعد العملية.
كان الهدف النهائي لهذه التجارب وفقاً لديميخوف هو تعلم كيفية إجراء عملية زرع القلب البشري والرئة البشرية، ولكن قد سبقه إلى ذلك جراح آخر هو الدكتور كريستيان بارنارد عام 1967. وعلى الرغم من ذلك يعد ديميخوف صاحب فضل كبير في التمهيد لعمليات زراعة الأعضاء.
اقرأ أيضاً: لماذا يصنف الزئبق معدناً؟
5. إحياء الموتى عن طريق الأرجوحة
كان روبرت إي كورنيش طبيباً وأكاديمياً من كاليفورنيا، واشتهر بمحاولاته المختلفة لإحياء الموتى، حيث قام بعدة تجارب لإنعاش جثث الإنسان والحيوان بعد الموت، إذ كان واثقاً بأن هذا الأمر ممكن بالنسبة له.
وفي عام 1934، كان كورنيش قد طوّر طريقة غير عادية لإنعاش الموتى، إذ ربط الحيوانات النافقة على أرجوحة، وحقنها بالأدرينالين والهيبارين لتمييع الدم، ثم هزها بقوة لاستعادة حركة الدورة الدموية في أجسادها.
ومن أبرز تجاربه الناجحة تجربة لازاروس، حيث حصل على خمسة كلاب دُعيت "لازاروس" بأرقام مختلفة مثل لازاروس 1 وصولاً للرقم 5، وطبّق طريقة الأرجوحة الخاصة به بعد قتل هذه الكلاب عمداً، واستطاع بعدها إحياء اثنين من الكلاب بنجاح، لكن كلاً منهما أصبح أعمى وغير حساس لمحيطه. وعلى الرغم من هذه النتيجة، فقد اعتُبرت تجاربه ناجحة.