عالمنا مملوء بالغرائب التي لا يمكننا أن ننكر أنها حقائق، إذ من الغريب أن يمتلك الكوالا بصمات أصابع مثلنا، وسيصعب حتى على المحققين الجنائيين اكتشافها. كما أن التعرُّض الكبير للأناناس وعصيره قد يمحي طيات بصماتنا. وفي عالم بعيد عنهما، استكشف البكتيريا التي تعيش مع رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية.
أصابع الكوالا تحمل بصمات مثل البشر
تمتلك الكوالا بصمات أصابع تتطابق تقريباً مع بصمات أصابع الإنسان، إذ توجد على رؤوس أصابعها نتوءات ملتوية ودوامة دائرية لا يمكن تمييزها عن تلك الموجودة في بصمات الأصابع البشرية، حتى بالتحليل الدقيق باستخدام المجهر. قد يكون امتلاك الكوالا هذه الأصابع نتيجة للتطور المتقارب، حيث تطوّر الكائنات غير ذات الصلة خصائص مماثلة استجابة لضغوط تطورية مماثلة.
لم يحدد العلماء حتى الآن الوظيفة الأساسية لبصمات الأصابع، بما في ذلك بصمات الكوالا، ولكن يُعتقد أنها تساعد في الإمساك بشكلٍ أفضل بالأسطح الخشنة مثل الفروع وجذوع الأشجار وبالتالي التسلق عمودياً على الفروع الصغيرة لأشجار الأوكالبتوس، والوصول إلى الأوراق وتناولها، بالإضافة إلى زيادة حساسية اللمس، وبالتالي تمييز التفاصيل الدقيقة، خاصة فيما يتعلق بتفضيلاتها الغذائية، حيث من المعروف أن الكوالا صعب الإرضاء عند البحث على الطعام، وتظهر تفضيلات قوية لأوراق الأوكالبتوس التي تصل إلى حد نضج معين. يشير هذا إلى أن بصمات أصابعها تسمح لها بفهم طعامها بشكل أكثر أماناً وفحصه قبل تناوله.
وبذلك تؤدي بصمات الكوالا دوراً مهماً في بقائها على قيد الحياة من خلال المساعدة في الحركة والتغذية، وقد تؤثّر في تحقيقات الطب الشرعي بسبب تشابهها مع بصمات الأصابع البشرية.
اقرأ أيضاً: جينات حيوان الكوالا قد تكشف عن سبب بقائه اعتماداً على نظامه الغذائي السام
الأناناس يذيب بصمات الأصابع
يحتوي الأناناس على خليط من إنزيمات هضم البروتين، تندرج تحت مسمى "البروميلين"، والمعروف بخصائصه في تطرية اللحوم واستخدامه مكملاً غذائياً ذا خصائص مضادة للالتهابات. لهذه الإنزيمات القدرة على تحطيم البروتينات، بما فيها الموجودة في الجلد وبصمات الأصابع، ما يؤدي إلى تآكل الأجزاء المتعرجة من الجلد التي تشكّل بصمات الأصابع، وإزالتها بمرور الوقت. يجدر بالذكر أن بصمات الأصابع تعود وتتشكل من جديد، وبالتالي فإن التأثير ليس دائماً.
بالإضافة إلى إزالة بصمات الأصابع، يمكن أن يؤدي التعرض للبروميلين إلى أعراض مختلفة، بما في ذلك الغثيان والقيء والإسهال والخفقان وعسر الهضم وفقدان الشهية والصداع وآلام العضلات والدوخة والنعاس والخمول، كما قد يؤدي إلى ردود فعل تحسسية والطفح الجلدي والحكة والتورم ومشكلات التنفس وضيق الحلق، وقد يؤدي في الحالات النادرة إلى نزيف الحيض الشديد ونزيف الرحم.
علاوة على ذلك، قد يزيد البروميلين من خطر النزيف في أثناء الجراحة وبعدها، ويجب على النساء الحوامل والأفراد الذين يعانون اضطرابات النزيف وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد أو الكلى تجنب تناول البروميلين. عموماً، قد يكون بعض الأشخاص أكثر حساسية تجاه الأناناس من غيرهم، وأكثر قابلية لظهور الأعراض.
من ناحية أخرى، يُستخدم إنزيم البروميلين في الطب الشرعي لتسهيل معالجة أنسجة الجلد المحنطة لالتقاط بصمات الأصابع.
اقرأ أيضاً: محطة الفضاء الدولية تعج بالبكتيريا، وقد يكون بعضها مؤذياً
محطة الفضاء الدولية تؤوي مجموعة من البكتيريا
إن محطة الفضاء الدولية موطنٌ لمجموعة متنوعة من البكتيريا، ارتبط بعضها بآثارٍ صحية محتملة على روّاد الفضاء. على سبيل المثال، وُجِد انتشار لابأس فيه لبكتيريا الجلد التي تسبب فرط حساسية الجلد أو الطفح الجلدي، والبكتيريا المسببة لالتهاب الأمعاء، كما تكيّفت عدة أنواع من البكتيريا للعيش على محطة الفضاء الدولية، إذ أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية، ما قد يؤثّر سلباً في صحة روّاد الفضاء.
من مخاطر وجود البكتيريا في الفضاء أيضاً تأثرها بالجاذبية الصغرى والإشعاع في الفضاء، ويمكن أن تشكّل الميكروبات أغشية حيوية على الأسطح المختلفة، بما في ذلك البدلات الفضائية وأنظمة المياه، ما قد يسبب تلف المعدات.
لهذه الأسباب يتخذ روّاد الفضاء تدابير عديدة للقضاء على البكتيريا، ومنها المعالجات السطحية، والتحكم في الرطوبة، ومرشحات هواء الجسيمات عالية الكفاءة (HEPA)، والأسطح الذاتية التنظيف. بالإضافة إلى ذلك، تُرسل مواد التنظيف باستمرار إلى محطة الفضاء الدولية، وتُنظَّف المحطة بشكلٍ متكرر باستخدام مناديل التطهير.
ليس من الغريب أن تصل البكتيريا إلى محطة الفضاء الدولية، فبيئتها ليست عقيمة ورواد الفضاء بشر يحملون عدداً كبيراً من الكائنات الحية الدقيقة.
من جهةٍ أخرى، قد يُستفاد من هذه الأنواع من البكتيريا في زراعة الغذاء في أثناء مهام استكشاف الفضاء الطويلة، إذ إن بعض البكتيريا يعزز نمو النباتات ويساعدها على مقاومة مسببات الأمراض.
بالإضافة إلى البكتيريا المنقولة عرضياً إلى الفضاء، ينقل روّاد الفضاء ميكروبات من الأرض إلى المحطة بهدف دراسة استجابتها لبيئة الفضاء وللظروف غير المألوفة، وكيفية تطورها وتغيرها في الفضاء بمرور الوقت.
اقرأ أيضاً: بكتيريا خارقة تنجو لمدة ثلاث سنين في الفضاء