تزامنت الثورة الصناعية مع التحول في عمليات التصنيع نحو استخدام التقنيات الحديثة، وما تبعه من تقدم صناعي وثقافي ومجتمعي وبيئي أيضاً. فعلى الرغم مما ألحقته مخلفات ونواتج الثورة الصناعية من آثار سلبية، فإنه يمكن لمفهوم التكنولوجيا البيئية أن ينقذ كوكبنا من الضرر الذي حدث. فما المقصود بالتكنولوجيا البيئية وما أهم آثار التكنولوجيا السلبية والإيجابية على البيئة؟
الآثار السلبية للتكنولوجيا على البيئة
تضرّ التكنولوجيا بعالمنا بطريقتين رئيسيتين وهما: التلوث واستنزاف الموارد الطبيعية.
تلوث الهواء
يحدث تلوث الهواء بشكل رئيسي نتيجة دخول غازات غير طبيعية وبكميات تحدث خللاً في أداء الغلاف الجوي لوظائفه البيئية.
من أهم ملوثات الهواء أول وثاني أوكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت والنيتريك وغاز الميثان رباعي كلور الفحم وغيرها، وتنتج هذه المواد عن الأنشطة البشرية والتقنيات الحديثة المستخدمة بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة وعمل المصانع ووسائل النقل وعمليات التعدين، وينتج عن تلوث الهواء الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة العالمية وما تتبعه من آثار بيئية ضارة، مثل:
- الأمطار الحمضية.
- فرط المغذيات (التخثث).
- تغيّر المناخ.
- فقدان التنوع الحيوي.
تلوث المياه
تشكل المياه نحو 70% من سطح كوكبنا، متضمنة مياه المسطحات المائية من محيطات وبحار وأنهار وبحيرات والمياه الجوفية.
وتسببت التكنولوجيا الحديثة بزيادة مخلفات الأنشطة البشرية المنزلية والصناعية في الصرف الصحي الذي يتم إطلاقه إلى المسطحات المائية، بما في ذلك المخلفات البلاستيكية والنفايات الصناعية السائلة والمبيدات الحشرية ومبيدات الآفات، ما يؤدي إلى تدهور النُظم البيئية المائية، وندرة مياه الشرب، إضافة للمشكلات الصحية ونشر الأمراض مثل التيفوئيد والكوليرا وغيرها.
اقرأ أيضاً: ما أضرار مياه الصرف الصحي على البيئة وما طرائق معالجتها؟
استنزاف الموارد الطبيعية
يمكن تعريف استنفاد الموارد بأنه استهلاك الموارد الطبيعية بتأثير الأنشطة البشرية والتكنولوجيا بمعدل أسرع من استبدالها.
فالموارد الطبيعية هي تلك الموارد الموجودة دون تدخل بشري، وقد تكون متجددة أو غير متجددة، في إشارة إلى نضوب المياه والوقود الأحفوري والثروات المعدنية الباطنية، وإزالة الغطاء النباتي، وتعرية التربة.
اقرأ أيضاً: ماذا يحدث عندما يقل الغذاء في البيئة؟
الآثار الإيجابية للتكنولوجيا على البيئة
في أيديولوجية مناقضة، يمكن للابتكار والتكنولوجيا البيئية أن يمنحا الأمل بمستقبل أنظف وأكثر خضرة. التكنولوجيا البيئية أو التكنولوجيا الخضراء هي تطوير تقنيات تهدف للحفاظ على البيئة، ومراقبة استهلاك الموارد وتقليلها إلى أدنى حد ممكن. ومن أهم الآثار البيئية الإيجابية للتكنولوجيا:
تقليل استهلاك الطاقة والموارد
منذ أن بدأنا باستخدام الكهرباء لتشغيل التقنيات الحديثة ازداد استهلاكنا لموارد الطاقة، سواء للإضاءة أو لتشغيل البرادات أو الغسالات أو أجهزة التلفاز أو غيرها. لكن وعلى الرغم من أننا نستخدم أجهزة أكثر من أي وقت مضى، فإننا نستهلك كهرباء أقل من العقود السابقة. مع تقدم التكنولوجيا وتطورها تم استبدال معظم الأجهزة بأخرى أقل استهلاكاً للطاقة. على سبيل المثال، تعد مصابيح الليد أكثر كفاءة بنسبة 60% من المصابيح المتوهجة التقليدية، وأطول عمراً بنحو 50 مرة، كما تستهلك الغسالات الحديثة كهرباء وماء أقل بنحو 25% و75% على التوالي من تلك المستخدمة قبل عقدين من الزمن.
اقرأ أيضاً: كيف يمكننا التخفيف من الآثار البيئية للاستهلاك المفرط؟
إنتاج طاقة نظيفة
قد تكون أعداد السكان في تزايد مستمر، وهو ما يترافق مع استهلاك أكبر للطاقة وزيادة طلب لها، ومع ذلك فإن الطرائق اليوم في إنتاج الطاقة أصبحت أكثر نظافة، ويعود السبب في ذلك إلى استخدام أنظمة الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح والمياه كبديل على الوقود الأحفوري، وبالتالي تقليل إنتاج الملوثات.
على سبيل المثال، انخفض التلوث الناتج عن تنظيف محطات إنتاج الطاقة التي تعمل بالفحم لاستبدالها بمحطات تعمل بالطاقة المتجددة أو المفاعلات النووية التي تنتج الطاقة النووية النظيفة بالكامل تقريباً.
تحسين الإنتاج الزراعي
مع زيادة الوعي بتأثير الأساليب الزراعية وطرق إنتاج الغذاء على البيئة، أصبحت طرائق الزراعة أقل ضرراً على البيئة، حيث يمكن للمزارع التي تستخدم التقنيات الزراعية الحديثة أن تزيد الإنتاج بنحو 10 أضعاف إنتاج نفس المساحة من الأرض، مقارنة بطرق الإنتاج التقليدية، ما يحمي الموائل الطبيعية ويقلل من ملوثات البيئة، مثل المحاصيل المعدلة وراثياً واللحوم المصنّعة في المعامل.
إعادة التدوير لتقليل النفايات والتلوث
مع تطور التكنولوجيا أصبح بالإمكان إعادة التدوير بطرائق أكثر فعالية، ومن المتوقع أن يتمكن الإنسان من إنشاء نظام حلقة مغلقة 100% عن طريق إعادة تدوير غالبية المواد التي نستخدمها.
تساعد إعادة التدوير في حفظ الموارد الطبيعية، وتقليل التلوث واستهلاك الطاقة.
اقرأ أيضاً: ما القواعد الثلاث لحماية البيئة؟
مدن أقل تلوثاً
فيما مضى، اتسمت المدن بالضباب والملوثات والاستهلاك المفرط للطاقة، إلا أن التكنولوجيا الحديثة حوّلتها شيئاً فشيئاً إلى مكان أكثر نظافة وصحة. على سبيل المثال، استطاعت تقنية المحول الحفّاز، المستخدمة في السيارات الحديثة، منع أطنان من الملوثات السامة من دخول الغلاف الجوي، كما ساعدت الروبوتات المستقلة في جمع البلاستيك واحتواء النفايات التي تنتجها المدن.
اقرأ أيضاً: إليك أضرار عوادم السيارات على البيئة والإنسان
إذاً، قد لا تتمكن التكنولوجيا الحديثة من إصلاح المشكلات البيئية، لكنها على الأقل قادرة على تحسينها وإدارتها بالاستخدام الصحيح للتكنولوجيا، بعبارة أخرى إن طرائق استخدام التكنولوجيا هي التي تحدد أثارها السلبية والإيجابية على البيئة.