لم يعد بالإمكان إنكار الآثار السلبية لأزمة المناخ في الوقت الحالي. إذا لم نتمكن من تغيير اتجاهات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030، فمن المرجح أن يحتاج الكوكب كله إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 كي يتجنب الآثار الكارثية مثل الجفاف وحرائق الغابات وارتفاع مستويات سطح البحر.
على الرغم من أن الجزء الأكبر من الانبعاثات الضارة يرتبط بالأعمال والصناعات الكبيرة مثل الطاقة والزراعة والتصنيع، لكن لا يمكننا التقليل من شأن الجهود المبذولة لتقليل البصمة الكربونية للمساهمين الأصغر، بما في ذلك أنت وشركتك الصغيرة.
لكن تحقيق الحياد الكربوني لشركتك الصغيرة قد يستغرق وقتاً طويلاً، إذ يجب عليك تتبع وقياس الانبعاثات لكل حلقةٍ في سلسلة التوريد التي تعتمد عليها، وتقليل ما يمكنك منها، ثم البحث والعثور على برامج حسنة السمعة لتعويض تلك الانبعاثات.
لا تقلق، فكل ما تفعله يحدث فرقاً فعلاً. إنها مجرد مسألة الخوض في غمار هذه العملية خطوة بخطوة.
اقرأ أيضا:
الخطوة الأولى: التقليل
الإجراء الأول والأهم الذي يمكنك اتخاذه كي تسلك شركتك طريق حياد الكربون هو تقليل آثارها السلبية القابلة للقياس.
على سبيل المثال، ابدأ بإجراء تغييرات بسيطة ومستهدفة في مجالات مثل التعبئة والتغليف. قلل من المواد التي تستخدم مرة واحدة أو تخلص منها، وقم بتكييف حجم الصناديق من أجل استخدام أقل قدر ممكن من مواد الحشو والملحقات اللازمة لتجهيز كل طلب. وعند اختيار الحشو والأدوات الأخرى مثل الشريط اللاصق، ابحث عن بدائل قابلة للتحلل، والأفضل من ذلك، إعادة استخدام ما لديك بالفعل. يمكنك مثلاً استخدام الصحف الممزقة كمادة حشو تحمي منتجاتك أثناء نقلها، وإذا كان لديك بعض مواد الحشو القديمة، يمكنك إعادة استخدامها، ومن المؤكد أنها بديلٌ رخيص أيضاً.
على سبيل المثال، قامت شركة «prAna» لتصنيع الملابس بالاستغناء عن الأكياس البلاستيكية لتغليف منتجاتها المعدة للشحن، واستخدمت بدلاً عنها شرائط «الرافيا» التي يمكن استخدامها كسماد. وبالمثل، تحمي علامة الأغذية الرياضية التجارية، «Untapped Maple»، منتجاتها أثناء شحنها بنشارة الخشب.
الخطوة التالية هي التقليل من السفر. إذا كنت تتعامل مع شخص لا يمكنك الوصول إليه إلا بالسيارة، فاستخدم تقنيات الاتصال الحديثة ما لم يكن لقاؤك به ضرورياً للغاية. وبالمثل، شجع موظفيك على مشاركة سياراتهم عند التنقل أو أعرض عليهم خيار العمل من المنزل عندما يكون ذلك ممكناً. وإذا كان عليك السفر بالطائرة، فاختر الرحلات الجوية المباشرة ومقاعد الدرجة الاقتصادية، لأن بصمتها الكربونية أقل. بالنسبة لمنتجاتك، اختر الشحن البري بدلاً من الشحن الجوي.
يقرر الكثير من الناس أن يصبحوا نباتيين لأسباب بيئية، ويمكن لشركتك أيضاً أن تفعل ذلك. إذا كانت شركتك تقدم الطعام للعملاء أو الموظفين، من الجيد تقديم المزيد من الخيارات النباتية أو استبعاد اللحوم نهائياً، خصوصاً وأن صناعتها إحدى أكبر المساهمين في غازات الاحتباس الحراري.
عند تأثيث مكتبك ومتاجرك، اعتمد على العناصر المستعملة والمعاد تدويرها، وأعطِ الأولوية لإصلاح المعدات بدلاً من استبدالها. ثم يمكنك اتخاذ الخطوة التالية واستخدام مواد مستدامة أكثر في المنتجات التي تصنعها أو تبيعها. على سبيل المثال، تصنع شركة «كاموك»، وهي شركة حيادية الكربون معترف بها ومتخصصة بصنع معدات التخييم، الأراجيح الشبكية من مواد معادٍ تدويرها.
يقول أوستن ويتمان، الرئيس التنفيذي في كلايمت نيوترال، وهي شركة استشارية تساعد الشركات على أن تصبح أكثر استدامة: «بالطبع، يمكن أن تكون كل هذه التغييرات صعبة بالنسبة للشركات الصغيرة التي لا تملك القوة الشرائية لتطلب من كل فرد في سلسلة التوريد الخاصة بها إجراء تغييرات مستدامة. في الواقع، كلما كانت الشركة أصغر، تقل القدرات التي تمتلكها غالباً».
ولكن عندما تبذل أقصى ما يمكنك القيام به، لا تفترض أنه يمكنك التوقف ونسيان الأمر. يقول جريج ماكيفيلي، الرئيس التنفيذي لشركة كاموك: «الأمر ليس مجرد فعل شيءٍ واحد وينتهي الأمر. يجب تطوير استراتيجية تقليل الانبعاثات للشركات الصغيرة باستمرار مع تغير الأعمال ونموها».
بالطبع، هناك حد لمقدار ما يمكنك تقليله دون الوصول إلى إغلاق عملك بالكامل. عندما تتخلص من أكبر قدرٍ ممكن من الانبعاثات، ستكون الخطوة التالية تعويض الباقي.
اقرأ أيضا:
الخطوة الثانية: تعويض الانبعاثات
هناك طرق عديدة لتعويض الانبعاثات. يمكنك استئجار شركة مثل «كلايمت نيوترال» لإرشادك خلال العملية، ولكن إذا كان فريقك صغيراً أو تريد البدء بالتدريج، فيمكنك تجربة القيام بذلك بنفسك.
على سبيل المثال، يمكنك الاستعانة بمواقع الويب، مثل (terrapass.com) أو (GoldStandard.org)، واستخدام الحاسبة الموجودة لديهما لتحديد بصمتك الكربونية. وبعد حصولك على هذه المعلومات، يمكنك المساعدة في تمويل مشاريع التعويض مثل مزارع الرياح أو التقاط غاز مكبات النفايات أو إعادة التحريج عبر هذه المواقع نفسها. تساعد مثل هذه البرامج إما على إزالة الانبعاثات الزائدة الضارة مثل الكربون والميثان من البيئة أو تقليل اعتمادنا على الموارد غير المتجددة.
ولكن قبل أن تستثمر أموالك في هذه البرامج، قم بإجراء بعض البحث للتأكد من أنها مشروعة. تحقق من المعلومات المتعلقة بها من مصادر أخرى مختلفة، وقم بإجراء المزيد من البحث للتأكد من أن أموالك موجهة لتعويض الكربون وليس للنفقات العامة للمؤسسة ونفقات الأعمال. يمكنك أيضاً التحقق من المواقع الإلكترونية للمؤسسات المعتمدة ومراجعة برامج التعويض المعتمدة.
إن مفهوم الحياد الكربوني ليس بهذا التعقيد. إنه ينطوي على القليل من البحث وجمع البيانات لمعرفة ما هي بصمتك الحالية، وكيفية تعويضها بطرق هادفة. تذكر أنه، وبغض النظر عن حجم ما تقوم به، يمكنك دائماً إحداث فرق، والتغييرات الصغيرة والتدريجية بالتأكيد أفضل من بقائك متفرجاً وعدم القيام بأي شيء على الإطلاق.
يقول ماكيفيلي: «التحول إلى حياد الكربون طريقة رائعة لبذل جهد واعٍ لخلق عالم أفضل من خلال أعمالنا وشركاتنا. أعتقد أن أعمالنا يجب أن تركز على رفاهية الناس أيضاً، وهي أداة قوية لتحقيق ذلك حقاً». أعتقد أن أعمالنا يجب أن تركز على رفاهية الناس أيضاً، وهي أداة قوية لتحقيق ذلك حقاً».
اقرأ أيضا: