ما التفسير العلمي لظاهرة كسوف الشمس؟

3 دقيقة
حقوق الصورة: غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سيحظى الملايين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة في 8 أبريل/نيسان 2024 بفرصة لن تتكرر لمشاهدة كسوف كلي للشمس. سيتمكن سكان المدن مثل أوستن في ولاية تكساس وبوفالو في ولاية نيويورك وكليفلاند في ولاية أوهايو من رؤية هذا الحدث الكوني النادر الذي يستمر بضع ساعات فقط مباشرة.

على الرغم من أننا نستطيع أن نشهد العديد من الأحداث الفلكية مثل مرور المذنبات وزخات الشهب من أي مكان على الأرض، فإن الكسوف مختلف؛ إذ يجب أن تذهب إلى منطقة تحمل اسم “منطقة مسار الكسوف الشامل” لتشاهد الكسوف الكلي. لا تمكن مشاهدة الكسوف الكلي إلا من أماكن معينة، ويتعلق ذلك بالمقاييس.

اقرأ أيضاً: شاهد 31 صورة من أجمل الصور الفلكية لعام 2023

الكسوف هو فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في الحياة بسبب الحجم الصغير نسبياً لكل من القمر وظله. يحدث الكسوف الكلي للشمس في مكان ما على الأرض مرة كل بضع سنوات في المتوسط؛ لكن المدّة التقريبية بين كل كسوف وآخر في الموقع نفسه هي 375 سنة.

أنا عالم فلك لكنني لم أشهد كسوفاً كلياً من قبل؛ لذا فأنا أخطط للذهاب إلى مدينة إيري في ولاية بنسلفانيا التي ستقع في مسار الكسوف الشامل في حدث الكسوف التالي. هذه واحدة من الفرص القليلة المتاحة لي لرؤية الكسوف الكلي دون أن اضطر لإجراء رحلة أكثر تكلفة بكثير إلى مكان بعيد. سألني الكثيرون عن سبب ندرة أحداث الكسوف القريبة، والإجابة تتعلق بحجم القمر وبُعده عن الشمس.

الحجم والمقياس

يحدث الكسوف عندما يمر القمر أمام الشمس؛ ما يحجب جزءاً منها عن الأنظار أو يحجبها بكاملها. يجب أن يتموضع القمر في أثناء دورانه حول الأرض على طول خط رؤية الراصد للشمس بالضبط حتى يتمكن هذا الأخير من رصد الكسوف. لن يتمكن إلا بعض الراصدين من رصد الكسوف لأن القمر لن يحجب الشمس عن الجميع في اليوم الذي يقع فيه هذا الحدث.

حدوث كسوف الشمس بحدث ذاته هو مصادفة عددية نوعاً ما؛ إذ إن بلوغ حجم الشمس 400 ضعف من حجم القمر تقريباً وبلوغ بعدها عن الأرض 400 ضعف من بعد القمر عن الأرض هو مجرد صدفة.

لذلك؛ على الرغم من أن القمر أصغر بكثير من الشمس، فإنه قريب بما يكفي من الأرض ليبدو بحجم الشمس عند رصده من الأرض.

على سبيل المثال؛ إصبع الخنصر أصغر بكثير من الشمس؛ ولكن إذا رفعت خنصرك على طول الذراع، سيبدو أنه كبير بما يكفي لحجب الشمس بالنسبة إليك. القمر يحجب الشمس بالطريقة نفسها؛ إذ إنه يفعل ذلك عندما يكون على استقامة واحدة معها من وجهة نظر المراقب.

اقرأ أيضاً: 4 حقائق تُبيّن لماذا لم تهيمن الديناصورات على الأرض كما كنا نعتقد

مسار الكسوف الشامل

يلقي القمر بظله على الأرض عندما يقع على استقامة واحدة مع الأرض والشمس، ويكون الظل مستدير الشكل لأن القمر كروي. الوحيدون الذين يشاهدون الكسوف هم الذين يكونون في المنطقة على الأرض التي يغطيها ظل القمر في لحظة معينة.

يدور القمر في مدار حول الأرض؛ ما يعني أن ظله سيتحرك على سطحها مع مرور الوقت في أثناء حدث الكسوف. في النهاية، سيبدو ظل القمر كخط ثخين يمكن أن يغطي مسافة تبلغ مئات الكيلومترات. يطلق علماء الفلك على هذا الخط اسم “مسار الكسوف الشامل”.

ويستطيع الراصد رؤية الشمس مكسوفة تماماً خلال بضع دقائق من أي موقع على طول مسار الكسوف هذا. بعد ذلك، يتحرك الظل بعيداً عن هذا الموقع وتصبح الشمس مرئية أكثر فأكثر ببطء.

مدار مائل

لا يحدث الكسوف في كل مرة يمر فيها القمر بين الأرض والشمس. ولو حدث ذلك، سنشهد كسوفاً كل شهر.

إذا كنا قادرين على الطفو فوق القطب الشمالي للأرض ورؤية مدار القمر من الأعلى، سنرى أن القمر سيقع على استقامة واحدة مع الشمس مرة واحدة لكل دورة له حول الأرض؛ أي مرة واحدة تقريباً كل شهر. يبدو من وجهة النظر هذه أن ظل القمر يجب أن يقع على الأرض مرة واحدة لكل دورة.

مع ذلك، إذا تمكنا من تغيير منظورنا ومراقبة مدار القمر من المستوى المداري، سنرى أن مدار القمر يميل بزاوية تبلغ نحو 5 درجات مقارنة بمدار الأرض حول الشمس. ينتج عن هذا الميل أن القمر يكون مرتفعاً جداً أحياناً ويمر ظله فوق الأرض؛ بينما يكون منخفضاً جداً في أحيان أخرى ويمر ظله تحت الأرض. لا يحدث الكسوف إلا عندما يكون القمر على استقامة واحدة مع الأرض والشمس ويلقي بظله على الأرض.

مع مرور الوقت، يستمر دوران الأرض والقمر ويحاذي القمر في النهاية مدار الأرض حول الشمس في اللحظة نفسها التي يمر فيها بين الشمس والأرض.

اقرأ أيضاً: شاهد الجرم السماوي الذي يتمتع بالنشاط البركاني الأشد في المجموعة الشمسية

على الرغم من أن مسار الكسوف الشامل الذي سيتشكّل في كسوف أبريل/نيسان 2024 سيغطي بعض المدن فقط، فإن الولايات المتحدة بأكملها تظل قريبة بما يكفي من المسار بما يتيح للمراقبين خارجه رصد كسوف جزئي. سيبدو القمر في تلك المواقع وكأنه يمر أمام جزء من الشمس، تاركاً شكل هلال في قرص الشمس مرئياً في لحظة الكسوف الأقصى.