بيانات جديدة: التغيّر المناخي هو السبب الرئيسي لموجات الحر التي حدثت في شهر يوليو 2023

بيانات جديدة: التغيّر المناخي هو السبب الرئيسي لموجات الحر التي حدثت في شهر يوليو 2023
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Oleg Senkov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حسب تحليل أوليّ صدر بتاريخ 25 يوليو/ تموز 2023 عن مبادرة عزو الطقس العالمية (World Weather Attribution initiative)، تسبب التغيّر المناخي بتفاقم موجات الحر المتطرفة التي اجتاحت أميركا الشمالية وأوروبا والصين خلال شهر يوليو/ تموز 2023. وفقاً لهذه المبادرة، التي تتألف من مجموعة دولية من العلماء المتطوعين الذين يقيّمون دور التغير المناخي في ظواهر الطقس المتطرفة، لم تكن لتحدث موجات الحر التي شهدتها أجزاء من الولايات المتحدة وجنوب أوروبا من دون التغير المناخي. بالإضافة إلى ذلك، قال الخبراء في المبادرة إن التغير المناخي زاد احتمال حدوث موجة الحر التاريخية التي شهدتها الصين 50 مرة على الأقل.

اقرأ أيضاً: مميتة للإنسان ومهددة للبيئة: ما هي القبة الحرارية التي تُخيّم على بعض البلدان العربية؟

التغير المناخي وظاهرة الحر

قالت عالمة المناخ في كلية إمبريال كوليدج لندن والمؤلفة الرئيسية للتحليل الجديد، مريم زكريا، لوكالة أسوشيتد برس: “من المرجح أن مثل هذا الحدث لم يكن ليقع على الإطلاق لو لم تكن ظاهرة التغير المناخي موجودة”.  ووصفت زكريا احتمال حدوث موجات الحر في أوروبا وأميركا الشمالية بأنه “شبه معدوم” من دون الارتفاع في درجات الحرارة الناجم عن التغير المناخي.

أرقام قياسية عالمية لارتفاع درجات الحرارة

تسببت موجات الحر الخطيرة منذ بداية يوليو/ تموز 2023 بنفوق الماشية والمحاصيل وحرائق الغابات وازدياد الضغط على المستشفيات، كما تسببت بالعديد من الوفيات البشرية في 3 قارات. فقد لقي أكثر من 100 شخص حتفهم بسبب الحر في المكسيك منذ مارس/ آذار 2023، بينما وصلت درجة الحرارة في وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأميركية إلى 53 درجة مئوية خلال شهر يوليو/ تموز من العام نفسه. وسُجّلت درجة حرارة قياسية في الصين بلغت 52 درجة مئوية في وقت سابق من شهر يوليو/ تموز 2023، في حين أن درجة الحرارة في أجزاء من إيطاليا وإسبانيا تقترب من الوصول إلى رقم قياسي أوروبي لدرجات الحرارة يبلغ 48.7 درجة مئوية.

ومن المتوقع أن مدينة فينيكس في ولاية أريزونا الأميركية شهدت اليوم السادس والعشرين على التوالي بدرجات حرارة تزيد على 43 درجة مئوية بتاريخ 25 يوليو/ تموز 2023، محطّمة بذلك الرقم القياسي الذي يبلغ 18 يوماً والذي سُجَّل في عام 1974.

فحص الفريق في التحليل الجديد بيانات الطقس وعمليات المحاكاة النمذجية الحاسوبية لمقارنة مناخ الأرض الحالي، والذي ارتفعت درجة حرارته بنحو 1.2 درجة مئوية منذ أواخر القرن التاسع عشر، مع المناخ السائد في الماضي. وجد الفريق أن التغير المناخي لم يؤدِّ فقط إلى زيادة احتمال حدوث موجات الحر، بل جعلها أشدّ حرارة.

اقرأ أيضاً: موجات الحر التي تشهدها بلدان آسيا تؤثر سلباً على صحة السكان

أدى ركود الغلاف الجوي الأرضي، الذي رفع كل من غاز ثنائي أوكسيد الكربون والغازات الأخرى درجة حرارته، إلى ارتفاع درجة حرارة موجة الحر في أوروبا بمقدار 2.5 درجة مئوية، بينما تسبب برفع درجة حرارة موجة الحر في الصين بمقدار درجة مئوية واحدة، وأدى إلى ارتفاع درجة حرارة موجة الحر في جنوب الولايات المتحدة والمكسيك بمقدار درجتين مئويتين.

وفقاً للتحليل الجديد، من المتوقع حدوث موجات حر شديدة مثل هذه مرة كل 15 عاماً في الولايات المتحدة والمكسيك، ومرة كل 10 سنوات في جنوب أوروبا، ومرة كل 5 سنوات في الصين.  قال القائد المشارك للمبادرة السابقة الذكر وعالم المناخ في كلية إمبريال كوليدج لندن، فريدريك أوتو، لصحيفة واشنطن بوست: “موجات الحر ليست نادرة في مناخ اليوم. ما يفاجئني هو أن الجميع مندهشون للغاية، على الرغم من أن هذه الظواهر هي ما توقعنا حدوثه”.

أضاف أوتو قائلاً إن النتائج الجديدة ستُضاف إلى الإجماع العلمي المتنامي الذي ينص على أنه كلما ازدادت درجة حرارة العالم، سيزداد احتمال حدوث موجات الحر المعطّلة والعواصف القوية والكوارث المناخية المنشأ.

لم يحدث الانهيار المناخي بعد

وفقاً للمؤلفين، على الرغم من نتائج هذا التحليل الرهيبة، يجب ألا تؤوَّل على أنها أدلة على ما يسمى “الانهيار المناخي” أو أننا في وضع لا يمكننا تغييره. شدد التقرير على أنه لا يزال لدينا الوقت الكافي لاتخاذ الإجراءات حول التغير المناخي، وأنه يجب على المجتمعات أن تحدَّ بسرعة من انبعاثات الغازات الملوِّثة التي ترفع درجة حرارة الكوكب. شجّع المؤلفون البلدان والمدن حول العالم على اعتماد أنظمة الطاقة المستدامة والتخطيط الحضري المستدام ومبادرات الصحة العامة المستدامة للاستعداد على نحو أفضل للارتفاع المتطرف القادم في درجات الحرارة.

قال أوتو لشبكة سي إن إن: “لا يزال لدينا الوقت لتأمين مستقبل آمن وصحي، لكننا في حاجة ماسة إلى التوقف عن حرق الوقود الأحفوري والاستثمار في جهود تقليل التعرّض لخطر التغير المناخي. إذا لم نفعل ذلك، سيستمر عشرات الآلاف من الأشخاص بالموت نتيجة أسباب مرتبطة بالحرارة سنوياً”.