كيف يمكنك تناول اللحوم النباتية بطريقة لا تضر بالبيئة؟

3 دقائق
اللحوم النباتية
حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

الحياة ليست بسيطة تنقسم فيها الأمور إلى جيدة أو سيئة، وفي عالم تسوده الأزمات المناخية حيث لا يستطيع أحد التأكد مما إذا كان أي سلوك جيد أو ضار بالبيئة، لا يمكن بسهولة التمييز بين الصحيح والخاطئ.

مع ذلك، فإن إنقاذ الكوكب والحفاظ على البيئة هي من المثاليات التي لا تقاوم. وبالنسبة للبعض، يمكن أن يكون التوهّم حولها أمراً سهلاً جداً حتى في إطار اتخاذ قرارات بسيطة مثل نوع شطيرة البرغر التي يفضّل تناولها. بالنسبة لـ «ريكاردو سان مارتن»، المؤسس المشارك لمختبر اللحوم البديلة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، هذا هو الحال للأسف عندما يتعلق الأمر ببعض شركات الأطعمة النباتية التي نشأت في السنوات الأخيرة بهدف منافسة شركات تصنيع اللحوم ومنتجات الحليب.

يقول سان مارتن واصفاً مدراء هذه الشركات: «إنهم فصيحون للغاية»، ويضيف: «كما أنهم يستخدمون بشكل متكرر جملتين مقلقتين: نحن سننقذ العالم، ولدينا مهمة علينا إنجازها».

منذ نجاح منتجات شركات مثل «بيوند ميت» (Beyond Meat) و«إمبوسيبل فودز» (Impossible Foods) في المتاجر والمطاعم وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة مثل «باندا إكسبرس» (Panda Express) و«بيرغر كينغ» (Burger King)، كشف العلماء وخبراء الأعمال المستدامة بعض الثغرات في هذه الموضة الجديدة. قالت «روكسانا دوبريه»، مديرة أبحاث السلع الاستهلاكية في شركة «ساستيناليتيكس» (Sustainalytics) المتخصصة في تقييم مدى استدامة سياسات الشركات الأخرى بيئياً واجتماعياً وإدارياً، لصحيفة «ذا نيويورك تايمز» في وقت سابق من هذا الشهر: «لا نعتقد أن لدينا معلومات كافية لنقول إن شركة بيوند ميت تختلف جوهرياً عن [شركة معالجة اللحوم العملاقة] جاي بي إس».

من ناحية أخرى، لا يزال قادة شركات تصنيع اللحوم النباتية يروجون للفوائد البيئية والصحية لمنتجاتهم مقارنة بفوائد اللحوم الحيوانية. إذن كيف على المستهلك أن يختار؟ فيما يلي تحليل مفصل لمدى استدامة اللحوم النباتية ضمن نظام غذائي أميركي نموذجي.

اقرأ أيضا: أضرار التعدين على البيئة

منتجات شركات تصنيع اللحوم النباتية مقابل اللحوم الحيوانية ومقابل الخضراوات

في نهاية المطاف، إذا كنت تريد أن تنتقي الخيارات الأفضل بالنسبة للبيئة وصحتك، فتناول الخضار والفواكه والحبوب والبقوليات المعالجة بالحد الأدنى هو الخيار الأفضل على الأرجح. إذا كنت قلقاً بشأن مدخولك من البروتين، فهناك فرصة جيدة لأن تحصل على كمية كافية منه من النباتات، حتى لو كنت رياضياً أو من رواد صالة الألعاب الرياضية. لحوم البرغر النباتية التي صممت لتحاكي اللحوم الحيوانية مُعالجة بشكل كبير، وهو ما جعل النقاد يتأهبون. على سبيل المثال، تتكون شريحة اللحم في شطيرة البرغر من شركة إمبوسيبل فودز من 21 مكوناً، ومنها منتجات مثل فول الصويا، والتي من المعروف أن زراعتها تستهلك الكثير من الموارد وتنتج انبعاثات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري.

ولكن هناك نقطة مهمة أخرى يجب تذكرها، وهي أن الهدف من هذه المنتجات ليس أن تحل محل الخضروات، بل يُفترض أن تمثّل بديلاً عن اللحوم. قال «بات براون»، الرئيس التنفيذي لشركة إمبوسيبل فودز، لشبكة «سي إن بي سي» الإخبارية: «ما نسعى لاستبداله بمنتجنا هو البرغر المصنوع من لحم الأبقار، وليس سلطة الكرنب. لذا، إذا قيل إن منتجاتنا ليست 'أطعمة فائقة'، فهذا صحيح»، وأضاف: «هدفنا هو تحضير منتجات صحية أكثر للمستهلك وأرفق بالبيئة من البرغر المصنوع من الأبقار. وبالنسبة للعديد من المستهلكين، منتجاتنا ألذ».

عندما يتعلق الأمر بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أوكسيد الكربون والميثان، فإن اللحوم النباتية تنتج أقل بكثير من نظيراتها من اللحوم الحيوانية، وذلك وفقاً للأبحاث الحديثة من جامعتي أوكسفورد وجونز هوبكنز. حسب تقرير كتبه باحثان في العلوم البيئية وسياسات الحيوان، ونُشر على موقع «فوكس» (Vox) الإخباري، تتطلّب زراعة فول الصويا والبازلاء، وهما المكونان الرئيسيان لشطيرتي بيوند وإيمبوسيبل برغر على الترتيب، مساحات أقل بكثير من تلك التي تتطلبها تربية الأبقار والخنازير والدجاج. يحاجج المؤلفان أيضاً أنه عندما يتعلق الأمر بالقضايا الزراعية الأخرى، مثل التعامل الأخلاقي مع الحيوانات أو انتشار الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية بين المواشي، فليس هناك أي شك حول نوع البرغر الذي من المرجح أن يفاقم هذه المشكلات.

مع ذلك، بالمقارنة بين بيوند برغر وبرغر نباتي صرف، فللأول تأثير بيئي أكبر بكثير من الأخير، وذلك وفقاً لـ «ماركو سبرينغمان»، عالم البيئة من جامعة أوكسفورد، والذي قال لشبكة سي إن بي سي في عام 2019: «شطائر بيوند وإيمبوسيبل برغر تحد بالفعل من انبعاثات الكربون، ولكن ادّعاء أنها الخيار الأسلم بيئياً هو وعد كاذب». يجب على المستهلكين استخدام هذه المنتجات كمرحلة انتقالية قبل اعتماد نظام غذائي نباتي بأغلبه بدلاً من اعتبارها عناصر إضافية.

اقرأ أيضا: 4 أسباب تجعل الحفاظ على البيئة أهم أهدافنا

جعل شركات تصنيع اللحوم النباتي أكثر عرضة للمساءلة

تمثل صناعة اللحوم مشكلة كبيرة للاستدامة والصحة العامة بلا شك. لكن الواقع ليس فيلماً سينيمائياً، أي، لا يمكن لمنتج واحد، أو حتى نوع من المنتجات، إنقاذ البشرية بسهولة. ورغم أن   اللحوم النباتية قد تتلائم مع حلول الأزمة المناخية، إلا أنها ليست الحل الوحيد، ولا هي الحل الأمثل أيضاً. يفيد سان مارتن بأنه على الرغم من أن هذه الخيارات أكثر استدامة إلى حد ما من اللحوم الحقيقية، إلا أن ذلك لا يجعلها حلاً سحرياً. إلى جانب ذلك، يضيف سان مارتن أنه لا يزال هناك الكثير من المعلومات التي يجب أن نتعلّمها عن الآثار الصحية والبيئية لهذه البدائل أثناء ازدياد رواجها. بلغت قيمة هذه الصناعات 20.7 مليار دولار بنهاية عام 2020، ومن المرجح أن تصل إلى 23.2 مليار دولار بحلول عام 2024.

يقول سان مارتن: «بالنسبة للأشخاص الذين يديرون هذه الشركات، الأمر ليس أكثر من تجارة»، ويضيف: «يجب أن ينبّهنا ذلك إلى أنه يجب علينا التعامل مع هذه المنتجات مثل أية منتجات تجارية أخرى. يجب أن يتم تنظيم إنتاجها قانونياً». يفيد سان مارتن أيضاً بأن القيم الغذائية والبصمة البيئية التفصيلية يجب أن تكون معروفة للعوام، حتى عندما تدّعي الشركات إن سبب وجودها هو «إنقاذ الأرض».

اقرأ أيضا: باحثون من جامعة سعودية يطورون أغشية صديقة للبيئة لتنقية المياه

المحتوى محمي