كيف تساهم سياسات خفض الانبعاثات في حماية التنوع الحيوي وتحسين صحة السكان؟

3 دقائق
تأثير سياسات خفض الانبعاثات على الصحة العامة
حقوق الصورة: أنسبلاش.

يعد التقليل من اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري أمراً بالغ الأهمية لعدة أسباب. السبب الذي نسمع عنه في أغلب الأحيان هو إبطاء تغيّر المناخ الكارثي. لكن سياسة تغير المناخ لديها القدرة على فعل أكثر بكثير من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وذلك لأنها إذا طُبّقت بشكل صحيح، يمكن لها أن تساعد في بناء مجتمعات عادلة قوية، وفي حماية التنوع الحيوي، وتحسين صحة الإنسان.   

كيف يؤثر خفض الانبعاثات على صحة السكان؟

قدم علماء المناخ من مجموعة الأبحاث المستقلة «ريسورسز فور ذا فيوتشر» (أو «آر إف إف» اختصاراً) مؤخراً تحليلاً يتنبأ بمدى تحسن الصحة في السنوات القادمة إذا حققت الولايات المتحدة أهدافها المناخية لعام 2030. تنص هذه الأهداف، والتي حددها الرئيس «جو بايدن»، على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 50-52% مقارنة بمستويات عام 2005 بحلول عام 2030

تعمّق علماء مجموعة آر إف إف بشكل خاص في تأثيرات انبعاثات «المواد الدقيقة الثانوية» من الوقود الأحفوري، وكيف تؤثر على معدلات الصحة والوفاة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ترتبط هذه الملوثات، مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروز والأمونيا، في الغلاف الجوي عند حرق الوقود الأحفوري، ويمكن أن تسبب آثاراً صحية من الربو المتفاقم إلى الوفاة المبكرة عند مرضى القلب والرئة. كل عام، يموت نحو 50,000 أميركي من التعرض لهذه الملوثات.  

وجد الباحثون أنه يمكن إنقاذ آلاف الأرواح وتوفير ملايين الدولارات عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة.

تقول «مايا دوميشيك»، كبيرة محللي الأبحاث في مجموعة آر إف إف، ومؤلفة التحليل الجديد: «ما يخبرنا به هذا التحليل، باختصار، هو أنه يمكننا أن ننقذ ما يصل إلى 3,800 حياة سنوياً بحلول عام 2030 نتيجة للإجراءات المناخية التي لا تستهدف حتى الصحة العامة، ولكن لها هذه الفوائد أيضاً».

ستؤثر هذه الفوائد بشكل كبير على الولايات المعتمدة على الوقود الأحفوري في جميع أنحاء الغرب الأوسط والساحل الشرقي في الولايات المتحدة، مع توفير ما يقدر بنحو 33 مليار دولار في تكاليف الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد. تقول دوميشيك: «إذا تم تطبيق السيناريو الذي يُخطط له، لا سيما في تقليل الانبعاثات من محطات حرق الفحم، والذي ينطوي على إجراء تخفيضات في الاستهلاك في قطاع الكهرباء، نتوقّع ظهور الكثير من تلك الفوائد الصحية في المناطق من الدولة التي تعتمد على الفحم».  

جودة الهواء ستؤدي إلى تحسين صحة الجميع

ستأتي الغالبية العظمى من فوائد الرعاية الصحية من إزالة الكربون من قطاع إنتاج الطاقة، إذ أنه وفقاً للتحليل الأخير، ستؤدي إزالة 2.7 مليون طن من ثنائي أوكسيد الكربون إلى تجنب 2,645 حالة وفاة. نظر الباحثون أيضاً في قطاعات النقل والتجارة والسكن والصناعة. كانت الفوائد الصحية لكل وحدة من انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون هي الأعلى في قطاعي النقل والصناعة.   

نعلم منذ فترة أن الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سيكون له آثار إيجابية على الصحة العامة على الأرجح، ولكن هذه الدراسة تظهر ارتباطاً مباشراً بأهداف الإدارة الأميركية التي من شأنها أن تغطي قطاعات متعددة. مع ذلك، ينص التحليل على أن التقديرات المذكورة فيه من المرجّح أن تكون أقل من الواقع، كما أن الفوائد ستتراكم على مر السنين على الأرجح. 

مع ذلك، لم تتناول الدراسة بشكل كامل قضايا العدالة البيئية، مثل الآثار غير العادلة للتلوث على المجتمعات المستضعفة. لقد وجد البحث أن الملوثات المعينة التي تمت دراستها في هذه الورقة البحثية تؤثر بشكل منتظم وغير متناسب على الأشخاص ذوي البشرة الملونة، كما أن هذه الملوثات تبقى في الجو حتى مع انخفاض التلوث بالمواد الدقيقة الخطرة في جميع أنحاء البلاد.  

بالنظر إلى البلد ككل، لا يبدو أن فوائد جودة الهواء التي يمكن أن تنتج من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 تختلف اختلافاً كبيراً عبر المستويات الديموغرافية ومستويات الدخل، وذلك بفضل الحجم الهائل لهذا التحليل. مع ذلك، قد يظهر التلوث الذي يؤثر على التراكيب السكانية المختلفة إذا ركزت الأبحاث المستقبلية على ولايات ومجتمعات معينة. 

تضيف دوميشيك: «على الرغم من أن تحليلنا يعطي بعض المعلومات حول ذلك، فإن نوع المقاييس المكانية لتحليلنا أكبر من أن تجيب حقاً عن هذا السؤال»، وتضيف: «لا شك في أن الكثير من العنصرية البيئية وعدم المساواة البيئية المقلقة تحدث على نطاق مكاني ضيق للغاية يصل إلى مستوى المقاطعات الفرعية». 

مع ذلك، إذا لم يكن تغير المناخ سبباً مقنعاً بدرجة كافية للتخلي عن الوقود الأحفوري، فإن إنقاذ الآلاف من الأرواح في العقد المقبل هو دافع آخر لتطبيق سياسات رفيقة بالبيئة.

نُشر هذا المقال استناداً إلى بحثٍ مقدّم من مركز "أبحاث الشباب العربي"

المحتوى محمي