لا تطفو أغلبية المواد البلاستيكية التي تلوث محيطات الأرض على السطح، بل تحت الأمواج، ما يجعل تتبع النفايات الإشكالية ومراقبتها باستخدام التكنولوجيا مثل الأقمار الاصطناعية صعباً على الباحثين. لكن يمكن أن يساعد نظام جديد لخوارزميات البحث المخصصة للكمبيوترات الفائقة على تسخير الأقمار الاصطناعية لهذه المهمة. إذا أجري المزيد من الأبحاث حول هذا التصميم وضُبط بدقة أكبر، فإنه سيتمتع بالقدرة على أن يصبح أداة مهمة في معالجة هذه المشكلة العالمية.
اقرأ أيضاً: طريقة لاستخدام نفايات الحفاضات في مواد البناء
تحديد أكوام النفايات
أجرى الباحثون مشروعاً دربوا فيه برنامجاً لتعلم الآلة باستخدام 300 ألف صورة من الصور المتعددة الأطياف وصور الأشعة تحت الحمراء للبحر الأبيض المتوسط التي جمعها القمر الاصطناعي كوبرنيكوس سنتينل-2 (Copernicus Sentinel-2) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية على مدى 6 سنوات، وفصّل الباحثون نتائجهم في دراسة نشرت بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2024 في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications). استخدم الفريق قاعدة البيانات هذه لتحديد ما تُعرف باسم بالكُوَم (ركام الريح)، وهي خيوط عائمة تتكون من القمامة والبلاستيك تشكلها التيارات البحرية والرياح. على الرغم من أن الكوم (المعروفة أيضاً باسم البقع أو الخطوط السطحية) هي بنى قصيرة الأجل غالباً، فإنها قد تمتد عدة كيلومترات قبل أن تتبدد في المحيط. المشروع الجديد هو عبارة عن جهد تعاوني بين معهد علوم البحار والمجلس الأعلى للبحث العلمي وجامعة قادس الإسبانية.
قال الباحث والمدير المشارك للمشروع في معهد علوم البحار، مانويل أرياس: "حتى وقت نشر دراستنا، كان البحث عن تجمعات القمامة التي تبلغ أقطارها عدة أمتار على سطح المحيط مثل البحث عن إبرة في كومة قش؛ إذ إن تشكّل المسارات يتطلب وجود كمية كبيرة من القمامة ورياح قليلة تمنعها من التبدد".
اقرأ أيضاً: رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادئ هي منطقة مثالية للحيوانات البحرية
القمامة مؤشر على النقاط الأكثر تلوثاً
في حين أن الكوم لا تمثل سوى جزء صغير للغاية من القمامة البحرية الإجمالية، افترض الباحثون أن القمامة يمكن أن تؤدي دور مؤشر على النقاط الأكثر تلوثاً. اكتشف الفريق ما مجموعه 14,374 من كوم المخلفات وراقبها بين يوليو/تموز 2015 وسبتمبر/أيلول 2021، وهي كمية تعكس زيادة هائلة في أعداد بنى القمامة الموثّقة. بعد ذلك، تحققت السفن في المنطقة من وجود العديد من الكوم التي بيّنتها صور الأقمار الاصطناعية. في المجمل، تشير التقديرات إلى أن التلوث غطى 94.5 كيلومتراً مربعاً، وهي مساحة تعادل مساحة نحو 7,500 ملعب كرة قدم. على الرغم من أن طول أغلبية الخيوط يبلغ كيلومتراً واحداً فقط، تراوح طول 27 من الكوم الموثقة بين 10 كيلومترات و23 كيلومتراً.
حلل الباحثون أنماط التلوث البحري واستنتجوا عدداً من العوامل التي تؤثر في مكان تراكم نفايات المحيط وزمانه، مثل الكثافة السكانية القريبة والتضاريس ومعدل هطل الأمطار. على سبيل المثال، تُطرح القمامة في المناطق التي تتعرض لأمطار غزيرة غالباً إلى الماء، في حين قد تسهم المناطق الصحراوية الساحلية بمعدل أقل بكثير في تشكل الكوم. تقع أغلبية النقاط الأكثر تلوثاً على بعد 15 كيلومتراً عن الساحل، وتقترب كثيراً من الشاطئ خلال الأسابيع أو الأشهر التالية.
يعتقد الباحثون أن النظام الجديد يمكن أن يساعد القائمين على مشروعات التنظيف على تحديد المناطق الأكثر تلوثاً بالبلاستيك في المحيطات وحتى التنبؤ بمكان تبدد القمامة وزمانه. يعتقد هؤلاء أيضاً أنه يمكن توسيع قدرات البرنامج ليتتبع المشكلات الأخرى، مثل فقدان حمولة السفن وتسرب النفط وحالات البحث والإنقاذ.
اقرأ أيضاً: طريقة جديدة قد تساعد في حل مشكلة التلوث بالغبار القمري
كتب الفريق في الدراسة: "يعكس وجود القمامة البحرية فشل حضارتنا في إدارة النفايات، وتُعد عمليات الرصد المعتمدة على الأقمار الاصطناعية أحد أفضل الطرق لمراقبة هذه النفايات على نطاق واسع".