في صباح أحد أيام شهر أبريل/ نيسان 2022 في متنزه ساغارماثا الوطني، وهو أحد مواقع التراث العالمي في جبال الهيمالايا التي تضم جبل إيفرست، نظر دومي شيربا (Domi Sherpa) إلى المنحدرات الصخرية السوداء التي تقابل الجبال المغطّاة بالثلوج. في الماضي، كانت هذه المساحات المظلمة مغطّاة بالثلوج والجليد. لكن كما يقول شيربا، فإن ذوبان الأنهار الجليدية بدأ يكشف هذه الصخور التي تقبع تحتها بشكل متزايد.
تحتوي سلسلة جبال هيندوكوش على ثالث أكبر تجمّع للأنهار الجليدية في العالم، وهي تلي القطبين الشمالي والجنوبي. لهذا السبب، عادة ما يشار إلى هذه الجبال باسم "القطب الثالث". مع ذلك، ترتفع درجات حرارة هذه المنطقة بمعدل أكبر من الوسطي العالمي. إن الأنهار الجليدية في سلسلة هيندوكوش آخذة في التراجع، وهي عانت من زوال متسارع في العقود الأخيرة، ما يمكن أن يؤثر على إمدادات المياه في المجتمعات القريبة والبعيدة على حد سواء.
تأثيرات تغير المناخ
وفقاً لدراسة أجريت في عام 2017 ونشرت في مجلة نيتشر، ستتبقى نسبة 37-49% من كتلة الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا فقط بحلول عام 2100 (مقارنة بالنسب التي قُدّرت عام 2005) إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية عن درجات الحرارة التي سادت قبل الثورة الصناعية. يقول خبراء المناخ إن التغيّرات ستستمر بالتأثير على دورة المياه في المنطقة. قال سوديب تاكوراي (Sudeep Thakuri)، عالم الجليد في جامعة تريبهوفان في نيبال في رسالة بالبريد الإلكتروني لموقع أندارك: "تعتبر الأنهار والبحيرات الجليدية مؤشرات دقيقة للغاية للتغيّر المناخي". تعتبر جبال الهيمالايا مصدراً مهماً للمياه في قارة آسيا لدرجة أنه يشار إليها أحياناً باسم "أبراج المياه" للقارة.
لاحظ السكان المحليون التغيرات التي طرأت على الأنهار الجليدية على مر السنين. بدأ أنو شيربا (Anu Sherpa) بتسلق جبل إيفرست في عام 1970 عندما كان عمره 24 عاماً. وتقاعد في عام 1994 وهو يدير الآن متجراً في بلدة نامتشي بازار في نيبال. على مر السنين، لاحظ أنو شيربا التغيرات التي طرأت على مناخ المنطقة. إذ يقول إنه أصبح من الصعب التنبؤ ببداية المواسم، وإن المطر لا يبدأ بالهطول في الأوقات المتوقعة، ويضيف: "يجب أن يكون الطقس دافئاً في هذه الفترة من العام، ولكنه ليس كذلك". من المرجح أن التغيرات في مستوى مياه الأنهار المحلية في جميع أنحاء المنطقة ستؤثر على الزراعة ونظام الصرف الصحي وكمية مياه الشرب العذبة.
حتى البشر الذين يعيشون في مناطق بعيدة سيشعرون بتأثيرات ذوبان الأنهار الجليدية. كما أن هذه التغيرات ستؤثر على الكثيرين. توفّر الأجزاء الأقرب للمصبّات من أنهار قارة آسيا المياه لما يقرب من خُمس سكان العالم. قال تاكوراي إنه على سبيل المثال، ستشهد السهول المنخفضة والمناطق الساحلية في بنغلاديش زيادة في مستويات المياه في البداية، ما سيؤدي إلى المزيد من الفيضانات. مع ذلك، قد ينعكس هذا الوضع بمرور الوقت. أضاف تاكوراي قائلاً إنه نتيجة لانخفاض كمية الثلج والجليد في الأنهار الجليدية، ستصل كمية أقل من المياه إلى الأجزاء الأقرب من مصبات الأنهار خلال المواسم الجافة.
اقرأ أيضاً: كيف يتأثر سكان السواحل بارتفاع درجة حرارة المحيطات؟
اقرأ أيضاً: درجات الحرارة القياسية المسجلة في القارة القطبية الجنوبية تنذر بالخطر