كيف يستنزف التلوث المياه العذبة؟

كيف يؤثّر التلوث في مشكلة استنزاف المياه العذبة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Piyaset

ازداد الطلب العالمي على المياه العذبة منذ عام 1900 إلى عام 2010 نحو 8 أضعاف، وذلك نتيجة النمو السكاني وتوسيع الأراضي الزراعية المروية والتنمية الاقتصادية والتحولات الغذائية وغيرها. ولكن، أدّى الطلب المتزايد على المياه العذبة بالتزامن مع قلة توافرها وبطء تجددها إلى جعل أزمة استنزاف المياه مشكلة عالمية، وقد فاقم هذه المشكلة أيضاً وجود مشكلة تلوث المياه. فما العلاقة بين مشكلة استنزاف المياه وتلوثها؟

استنزاف المياه مشكلة عالمية

ندرة المياه هي عدم كفاية موارد المياه العذبة في تلبية المتطلبات البشرية والبيئية في منطقة ما، إذ يحدث الاستنزاف عندما تُستهلك مصادر المياه على نحو أسرع مما يمكن تجديدها. بكلمات أخرى، تحدث ندرة المياه عندما يتجاوز الطلب على المياه الصالحة للاستخدام في منطقة ما كمية المياه الموجودة، وهو ما يُسمى أيضا الإجهاد المائي.

في الواقع، يواجه العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم سواء الغنية منها أو الفقيرة مشكلة في استنزاف المياه، وذلك بسبب النمو السكاني الهائل، وهدر المياه، والتلوث المتزايد، والتغير في أنماط الطقس الناتج عن تغيّر المناخ وغيرها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تؤدي الفيضانات إلى انعدام الأمن الغذائي؟

هناك نوعان أساسيان من ندرة المياه؛ ندرة المياه الناتجة عن أسباب طبيعية، وندرة المياه الناتجة عن أسباب اقتصادية. تحدث ندرة المياه الطبيعية عندما يفوق طلب المنطقة على المياه الموارد المائية الطبيعية الموجودة فيها وذلك بسبب الظروف البيئية المحلية.

بحسب منظمة الفاو، منظمة الأغذية والزراعة (Food and Agricultural Organisation) التابعة للأمم المتحدة، فإن نحو 1.2 مليار شخص يعيشون في مناطق تعاني ندرة المياه الناتجة عن أسباب طبيعية، حيث يعيش هؤلاء في مناطق قاحلة أو شبه قاحلة، ويمكن أن تكون ندرة المياه الطبيعية موسمية، إذ يعيش نحو ثلثي سكان العالم في مناطق معرضة لندرة المياه الموسمية لمدة شهر واحد على الأقل سنوياً. ومن المتوقع أن يعيش نصف سكان العالم في مناطق تواجه ندرة المياه بحلول عام 2025.

يُعزى النوع الثاني من ندرة المياه إلى الافتقار إلى البنية التحتية الخاصة بالمياه بشكل عام أو إلى سوء إدارة موارد المياه، حيث توجد البنية التحتية. تقدّر الفاو أن أكثر من 1.6 مليار شخص يواجهون نقصاً في المياه لأسباب اقتصادية.

اقرأ أيضاً: ما تكنولوجيا الاستمطار؟ وهل هي فعّالة في مقاومة الجفاف؟

تأثير التلوث على استنزاف المياه

لا يكفي فقط أن تتواجد المياه بكمية كافية في منطقة ما لتكون قادرة على تلبية الاحتياجات البشرية والبيئية، وإنما ينبغي أن تكون هذه الكمية من المياه متاحة وصالحة للاستخدام. وهذا يعني أن التلوث من شأنه أن يسهم في مشكلة استنزاف المياه، لأنه يؤثّر على جودة المياه ويجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري أو الاستخدام الزراعي أو الصناعي، ويفاقم مشكلات الإجهاد المائي الموجودة أساساً.

وتلوث المياه هو تسرب المواد الملوثة سواء كانت موادَّ كيميائية أو كائنات حية دقيقة إلى المياه الجوفية أو السطحية، حيث يصل مستوى هذه المواد إلى درجة تؤثّر فيها على الاستخدام المفيد للمياه أو على الأداء الطبيعي للنُظم البيئية، وقد تصبح سامة للإنسان والبيئة. ويحدث تلوث المياه بواسطة العديد من العوامل مثل:

  • مياه المجاري والصرف الصحي: تنتج عن الاستخدامات المنزلية مثل مياه المراحيض وغسيل الأطباق والاستحمام، وعن الاستخدامات البشرية الأخرى مثل الاستخدامات التجارية أو الزراعية الصناعية، بالإضافة إلى مياه الأمطار التي تحمل الحطام والمواد الكيميائية والشحوم وغيرها من الأرض إلى المجاري المائية. تقدّر الأمم المتحدة أن 80% من مياه الصرف الصحي تعود إلى النظام البيئي دون معالجتها أو إعادة استخدامها.
  • الزراعة: إن الطريقة التي تسبب فيها الزراعة تلوث مصادر المياه العذبة هي عن طريق مياه الأمطار، فعندما تمطر، يغسل المطر الملوثات مثل الأسمدة ومخلفات الحيوانات والمبيدات الحشرية من المزروعات إلى مصادر المياه الجوفية والسطحية.
  • البلاستيك والقمامة: ينتج البشر نحو 1.4 مليار طن من النفايات سنوياً، و10% من هذه النفايات هي عبارة عن مواد بلاستيكية، والتي يصل بعضها إلى مصادر المياه العذبة وبعضها ينتهي في المحيطات والبحار.
  • النفايات المشعة: تبقى النفايات المشعة في البيئة لآلاف السنين ما يجعل التخلص منها بطريقة آمنة أمراً صعباً. وفي حال تم التخلص منها بطريقة غير صحيحة، فيمكن أن تصل إلى مصادر المياه العذبة مشكّلة خطراً كبيراً على صحة الإنسان والحياة المائية والبيئة.
  • التكسير الهيدروليكي: وهي عملية استخراج النفط والغاز الطبيعي من الصخور. تستخدم هذه التقنية كميات كبيرة من الماء والمواد الكيميائية لتكسير الصخور تحت ضغط عالٍ، حيث يحتوي السائل الناتج على ملوثات يمكن أن تصل إلى مصادر المياه الجوفية.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر النفايات التقنية على المناخ؟

المناطق الأكثر تضرراً من استنزاف المياه

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر تضرراً من حيث ندرة المياه لأسباب طبيعية، وذلك لأن هذه المنطقة تشهد كمية قليلة جداً من الأمطار مقارنة بالمناطق الأخرى، بالإضافة إلى أن بلدانها تشهد نمواً سريعاً واكتظاظاً سكانياً متسارعاً، وهو الأمر الذي يتطلب المزيد من المياه.

اقرأ أيضاً: ما العوامل المؤثرة في مناخ الوطن العربي؟

وبالطبع، يفاقم المشكلة وجود تلوث المياه والإدارة غير المستدامة للمياه والتغيّر المناخي والصراعات والنزاعات المسلحة. في الواقع وعلى الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي موطن 6% من سكان العالم، فإنها تتلقى 2% فقط من المياه العذبة المتجددة في العالم.

المحتوى محمي