ملخص: على الرغم من أن التشجيع الذي يحصل عليه الطلاب والموظفون من المعلمين والموظفين قد يبدو فعالاً ظاهرياً، لكن وفقاً لأبحاث جديدة يبدو أن المجهود العقلي يرتبط بمجموعة متنوعة من المشاعر والعواطف غير السارة في المواقف التي تتطلب بذل جهدٍ عقلي. تناولت الدراسة أداء مهام معرفية مختلفة، منها التدرب على ضربات الغولف وتعلم كيفية استخدام نوع من التكنولوجيا الجديدة والتنقل في وسط غير مألوف وممارسة إحدى ألعاب الواقع الافتراضي وغيرها. أبلغ المشاركون عن مستوى الجهد الذي بذلوه وشدة المشاعر مثل التضايق والإحباط والانزعاج والتوتر. وكان من المُلاحظ أن عدد المشاركين في الدراسات الذين أبلغوا عن المشاعر المزعجة يزداد بازدياد الجهد العقلي المطلوب لإنجاز مهمة ما، مهما كانت الفئة السكانية. ربط الباحثون بين تجارب التعلم والمشاعر، ومن جهة أخرى قد يكون الارتباط بين المكافأة المنتظَرة والجهد المبذول هو السبب في استمرار ممارستنا لنشاطات تتطلب مجهوداً عقلياً.
لاحظ الفريق أن عدد المشاركين في الدراسات الذين أبلغوا عن المشاعر المزعجة يزداد بازدياد الجهد العقلي المطلوب لإنجاز مهمة ما، وذلك عبر الفئات السكانية جميعها.
وفقاً لبعض الأبحاث الجديدة التي أجرتها جمعية علم النفس الأميركية، يبدو أن المجهود العقلي يرتبط بمجموعة متنوعة من المشاعر والعواطف غير السارة في العديد من المواقف المرهقة. فصّل الباحثون النتائج الجديدة حول كيفية تعامل الأشخاص عموماً مع الجهد العقلي المكثف في دراسة نشرتها مجلة سايكولوجيكال بوليتن (Psychological Bulletin) بتاريخ 5 أغسطس/آب 2024.
قال عالم النفس في جامعة رادباود الهولندية والمؤلف المشارك للدراسة، إريك بيليفيلد، في بيان صحفي: "يحصل الموظفون والطلاب غالباً على التشجيع من المدراء والمعلمين لبذل الجهد العقلي. يبدو هذا التشجيع فعالاً ظاهرياً؛ إذ يختار الموظفون والطلاب غالباً الأنشطة التي تتطلب بذل جهد عقلي. قد يدفعك ذلك إلى استنتاج أن الموظفين والطلاب يميلون إلى الاستمتاع بالتفكير بتمعن. لكن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن هذا الاستنتاج خاطئ؛ إذ إن الأشخاص يكرهون الجهد العقلي للغاية عموماً".
اقرأ أيضاً: 10 أعمال يدوية لتنمية موهبة التصميم والتفكير الثلاثي الأبعاد لدى أطفالك
التفكير بتمعن غير سار
=أجرى فريق الدراسة الجديدة تحليلاً تجميعياً لـ 170 دراسة شارك فيها 4,670 شخصاً من 29 دولة. شملت هذه الدراسات طلاب الجامعات والرياضيين الهواة والمهندسين والمعلمين وأولئك الذين يعملون في المجال العسكري أو مجال الرعاية الصحية.
نظر الفريق في 358 مهمة معرفية مختلفة، منها التدرب على ضربات الغولف وتعلم كيفية استخدام نوع من التكنولوجيا الجديدة والتنقل في وسط غير مألوف وممارسة إحدى ألعاب الواقع الافتراضي وغيرها. أبلغ المشاركون في الدراسات جميعها عن مستوى الجهد الذي بذلوه وشدة المشاعر مثل التضايق والإحباط والانزعاج والتوتر.
لاحظ الفريق أن عدد المشاركين في الدراسات الذين أبلغوا عن المشاعر المزعجة يزداد بازدياد الجهد العقلي المطلوب لإنجاز مهمة ما، وذلك عبر الفئات السكانية جميعها.
قال بيليفيلد: "تبين نتائجنا أن الجهد العقلي مزعج بالنسبة لمجموعة واسعة من السكان وفي العديد من المهام. هذه نتيجة يجب على المحترفين، مثل المهندسين والمعلمين، أن يأخذوها في الاعتبار عند تصميم المهام أو الأدوات أو الواجهات البينية أو التطبيقات أو المواد التدريسية أو التعليمات. عندما يضطر الأشخاص إلى بذل جهد عقلي كبير، يجب أن يحصلوا على الدعم أو المكافآت مقابل جهودهم".
الارتباط بين الجهد العقلي والمشاعر السلبية
وفقاً لبيليفيلد، إحدى النتائج البارزة للدراسة هي أن الارتباط بين الجهد العقلي والمشاعر السلبية كان أقل وضوحاً في الدراسات التي أجراها الباحثون في البلدان الآسيوية مقارنة بالدراسات في أميركا الشمالية أو أوروبا، على الرغم من أنه ما يزال جلياً. وفقاً لمؤلفي الدراسة الجديدة، تتوافق هذه النتائج مع الفكرة العامة التي تنص على أن النفور من الجهد العقلي قد يعتمد على تجارب التعلم التي خاضها كل فرد. عادةً، يميل طلاب المدارس الثانوية في البلدان الآسيوية إلى قضاء وقت أطول في إنجاز المهام المدرسية مقارنة بنظرائهم في أوروبا أو أميركا الشمالية، ومن المحتمل أنهم تدربوا على تحمل مستويات أعلى من الجهد العقلي في وقت مبكر من حياتهم.
اقرأ أيضاً: التفكير الإيجابي: استغل وحدتك بطريقة صحيحة
لاحظ الباحثون ظاهرة واقعية مهمة أخرى، وهي أن الأشخاص يؤدون المهام الصعبة عقلياً طواعية على الرغم من أنها تبدو مزعجة.
قال بيليفيلد: "على سبيل المثال، لماذا يمارس الملايين لعبة الشطرنج؟ ربما يتعلم الأشخاص أن بذل جهد عقلي في بعض الأنشطة سيؤدي إلى الحصول على مكافأة على الأرجح. إذا كانت فوائد الشطرنج تفوق سلبياتها، فقد يختار الناس ممارسة هذه اللعبة ويبلغون ذاتياً حتى عن استمتاعهم بها. مع ذلك، عندما يختار الأشخاص ممارسة الأنشطة التي تتطلب جهداً عقلياً، فهذا لا يشير إلى أنهم يستمتعون بالجهد العقلي بحد ذاته؛ إذ من المحتمل أنهم اختاروا فعل ذلك على الرغم من الجهد المتطلب، وليس بسببه".
يواصل البشر إجراء المهام الصعبة على أي حال، ويعود ذلك جزئياً إلى أن أفراد النوع البشري يقدّرون النشاط أكثر كلما ازداد الجهد المتطلب لإنجازه. أشارت دراسة من عام 2022 إلى أن سبب ذلك هو أن الحصول على مكافأة مقابل الجهد اللازم لإنجاز المهمة، وليس نتيجة المهمة، أدى إلى إجراء المهام الأصعب التي لا مكافآت عليها في وقت لاحق.