بدأت قصة المادة المظلمة عندما اقترح عالم الفلك الهولندي "ياكوبس كابتين" وجودها في عام 1922، ثم لاحظ عالم الفلك السويسري الأميركي "فريتز زفيكي" في عام 1933، حركة غريبة في عنقود بعيد من المجرات، فقد كانت المجرات تدور حول بعضها بسرعة أكبر من المعتاد، ما جعله يفترض وجود مادة غير مرئية مسؤولة عن ذلك، وأطلق عليها اسم "المادة المظلمة" (Dark Matter)، وكان يُطلق عليها أيضاً "المادة المفقودة"، لأن العلماء لم يستطيعوا التأكد من وجودها عملياً.
لكن في سبعينيات القرن الماضي استطاع اثنان من علماء الفلك الأميركيين وهما "فيرا روبين" وتلميذها "كينت فورد" التأكد من وجود المادة المظلمة، وتُوفيت فيرا عام 2016، واليوم تُعد المادة المظلمة واحدة من ألغاز الكون التي يسعى العلماء جاهدين للإجابة عن الأسئلة الغامضة حولها.
اقرأ أيضاً: في لعبة ناسا الجديدة: كن أنت التلسكوب الذي يبحث عن المادة المظلمة
المادة المظلمة
المادة المظلمة، هي عبارة عن مادة لا يمكن رؤيتها بصورة مباشرة، وتتكون من جسيمات تُسمى "الباريونات"، لا تمتص الضوء أو تصدره أو تعكسه، ما يجعل الكشف عنها بالطيف الكهرومغناطيسي غير ممكن، وقد تمكن العلماء من الكشف عن هذه الجسيمات من خلال ملاحظة امتصاصها للإشعاعات التي تمر عبرها. وهي تشكل نحو 85 % من المادة في الكون، وتُركت العديد من الأسئلة حولها دون إجابة شافية.
5 أسئلة عن المادة المظلمة ليس لها إجابة
تُعد المادة المظلمة لغزاً محيراً من ألغاز الكون الكثيرة، وهناك العديد من الأسئلة التي تُركت دون إجابة، منها:
-
هل هناك قوى للمادة المظلمة لا نعرفها؟
استطاع العلماء الاستدلال على المادة المظلمة من خلال الجاذبية التي تطبقها على الأشياء من حولها، ما جعل العلماء يفترضون وجود قوى مظلمة، تنطبق قوانينها على المادة المظلمة فقط، وبدؤوا أيضاً البحث عن الفوتونات المظلمة المقابلة لفوتونات الطيف الكهرومغناطيسي التي نعرفها. إذا استطاع الباحثون الكشف عنها، ستُفتح آفاق جديدة في الكون لم نكن نعرفها من قبل.
-
هل تحتوي المادة المظلمة على شحنة كهربائية؟
اقترح بعض الفيزيائيين أنّ المادة المظلمة قد تحتوي على شحنة كهربائية، فهناك إشعاع طوله الموجي 21 سم، صدر بعد 180 مليون سنة من الانفجار العظيم، ثم امتصه الهيدروجين البارد، واكتُشف لأول مرة في فبراير/شباط 2018، وكان أبرد من المتوقع، ما جعل العلماء يخمنون أنّ المادة المظلمة لديها شحنة كهربائية سحبت الحرارة من الهيدروجين، لكن هذا الاحتمال ليس أكيداً بعد.
-
هل المادة المظلمة موجودة حقاً؟
واجه العلماء الكثير من الصعوبات في رحلة البحث عن المادة المظلمة، حتى إنّ بعضهم رأى أنّ المادة المظلمة قد تكون غير موجودة، وأنهم فقط في حاجة إلى فهم الكون من منظور مختلف، وأنّ القوى التي عرفوها ربما تعمل بصورة مختلفة على النطاقات الكبيرة من الكون. لكن ما زال البحث جارياً.
اقرأ أيضاً: رصد مجرة يمكن أن تكون قد تشكّلت بدون المادة المظلمة
-
هل تتفاعل المادة المظلمة مع أي شيء؟
غالباً ما يستدل العلماء على المادة المظلمة عبر ملاحظة تأثيرها على الأشياء من حولها، وبالفعل لُوحظت قوة جاذبيتها للأجسام السماوية. وفي عام 2015، لاحظ الباحثون 4 كتل للمادة المظلمة حول 4 مجرات، لكن كانت هناك واحدة من تلك الكتل تختبئ وراء مجرتها بصورة مريبة، ما جعل العلماء يفكرون في أنّ المواد المظلمة قد تتفاعل مع بعضها بعضاً أيضاً، ويظهر تفاعلها مع الأجسام المرئية عبر تأثيرها الملحوظ عليها، وهو نفس السبب الذي جعل العلماء من قبل يشكون في وجود المادة المظلمة عبر ملاحظة شيئ غامض غير مرئي يؤثر على الأجسام السماوية المرئية. لكن ما زالت هذه افتراضات حتى الآن.
-
هل من الممكن أن تتحلل المادة العادية إلى مادة مظلمة؟
عند النظر إلى الإلكترونات والبروتونات، نجد أنّ النيوترونات تتحلل إلى بروتونات وإلكترونات، بينما تتعادل الإلكترونات مع البروتونات مكونة نيوترونات، ما جعل بعض الباحثين يفكرون في أنّ 1 % من تلك الجسيمات دون الذرية قد تتحلل إلى مواد مظلمة.
اقرأ أيضاً: لغز جديد: علماء «المادة المظلمة» يرصدون نشاط زائد
هناك العديد من الألغاز والأسئلة الأخرى التي بقيت دون إجابة بخصوص المادة المظلمة، ما جعلها مادة مثيرة للجدل، ولكنها في نفس الأمر مدهشة، فإذا كانت المادة المظلمة هناك في مكان ما من الكون حقاً، لماذا لا تعطي إشارات واضحة للكشف عنها ودراستها؟ هل تحتاج إلى قدرات تفوق البشر؟