اكتشف فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا 3 من أقدم النجوم في الكون. وما أثار دهشة الباحثين أن هذه النجوم لم تكن في مجرة بعيدة لا يستطيع رصدها سوى تلسكوب جيمس ويب الفضائي الفائق الكفاءة. بل وفقاً لدراسة نُشرت بتاريخ 14 مايو/أيار 2024 في مجلة الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society)، تقع هذه النجوم في جوارنا المجري داخل "هالة" مجرة درب التبانة.
نجوم داخل هالة مجرة درب التبانة
هالة مجرة درب التبانة هي سحابة من النجوم تشمل القرص المجري الرئيسي لمجرتنا بأكمله. يعتقد الفريق أن هذه النجوم الثلاثة تشكلت قبل 12-13 مليار سنة؛ أي في الفترة التي بدأ فيها كوننا بالتشكل. أطلق العلماء على هذه النجوم اسم "نجوم النظام النجمي المتراكم الصغير"، ومن المحتمل أن كل نجم منها انتمى إلى مجرته الصغيرة الخاصة التي امتصتها مجرة درب التبانة الأكبر حجماً والآخذة في النمو.
هذه النجوم الثلاثة هي كل ما تبقى من مجراتها السابقة. وفقاً للفريق؛ تدور هذه النجوم حول أطراف مجرة درب التبانة؛ حيث قد يوجد المزيد من النجوم القديمة الحية. قالت عالمة الفلك والفيزياء الفلكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، آنا فريبل، في بيان عبر موقع إم آي تي نيوز (MIT News): "لا شك في أن هذه المنطقة تحتوي المزيد من النجوم الأقدم، بالنظر إلى ما نعرفه عن عملية تشكّل المجرات. تنتمي هذه النجوم إلى شجرة عائلة مجرتنا الكونية، ولدينا الآن طريقة جديدة للعثور عليها".
اقرأ أيضاً: ورقة بحثية جديدة تكشف عن منشأ محتمل لقضيب مجرة درب التبانة وعلاقته بنشأة الحياة على الأرض
البحث عن النجوم القديمة
استُمدّت الدراسة الجديدة من فكرة ظهرت في صف دراسي خلال فصل خريف عام 2022 الدراسي، عندما درّست فريبل مقرراً بعنوان "علم الآثار النجمية الرصدي". تعلم الطلاب وفقاً لهذا المقرر التقنيات اللازمة لتحليل النجوم القديمة ثم طبّقوها على النجوم التي لم تُدرس بهدف تحديد منشئها. شملت دورة المقرر العديد من الطلاب الجامعيين والخريجين الجدد الذين شاركوا في تأليف الدراسة الجديدة.
قالت العضو في دفعة عام 2023 في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلفة المشاركة للدراسة، هيلاري أنداليس، في بيان صحفي: "في حين أن أغلبية المقررات تُدرّس من الألف إلى الياء، وضعتنا هذه الدورة في طليعة الأبحاث في مجال الفيزياء الفلكية على الفور". تمثّل هدف الدورة في البحث عن النجوم القديمة التي تشكلت بعد فترة وجيزة من الانفجار العظيم، قبل نحو 13.8 مليار سنة.
تشكلت هذه النجوم في الفترة التي تألّف الكون فيها بأغلبه من الهيليوم والهيدروجين ولم يكن يحتوي كميات كبيرة من العناصر الكيميائية الأخرى مثل الباريوم والسترونتيوم. راجع المشاركون في الدورة البيانات التي جمعتها فريبل على مر السنين باستخدام تلسكوب ماجلان-كلاي في مرصد لاس كامباناس في تشيلي. بحث المشاركون عن نجوم ذات أطياف ضوئية نجمية تشير إلى أنها تحتوي كمية قليلة من السترونتيوم والباريوم. وركزوا على 3 نجوم رصدها تلسكوب ماجلان أول مرة بين عامي 2013 و2014.
نجوم تعود إلى فترة الانفجار العظيم
لم يحلل علماء الفلك أطياف هذه النجوم أو يكتشفوا منشأها من قبل؛ ما جعلها مرشحة بقوة للدراسة بالنسبة للمشاركين في الدورة. كشف التحليل الجديد أن النجوم الثلاثة تحتوي كمية قليلة للغاية من السترونتيوم والباريوم؛ كما أنها لا تحتوي كمية كبيرة من العناصر الأخرى مثل الحديد مقارنة بالشمس. بلغت نسبة الحديد إلى الهيليوم في نجم من النجوم الثلاثة أقل من 1/10,000 مقارنة بالشمس كما نرصدها اليوم. تعد هذه الكمية المنخفضة مؤشراً جلياً يبين أن النجوم الثلاثة تشكلت قبل نحو 12-13 مليار سنة.
اقرأ أيضاً: 3 مليارات سنة: الفاصل المحتمل بين الانفجار العظيم وتشكل أبعد المجرات المكتشفة حتى الآن
قالت الطالبة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أناندا سانتوس، في بيان صحفي: "استغرق التوصل إلى هذه نتيجة زمناً طويلاً قضيناه في التحديق في أجهزة الكمبيوتر وكشف الأخطاء البرمجية وإصلاحها وإرسال الكثير من الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني. كان منحنى التعلم في هذه الدراسة حادّاً، وكانت تجربة مميزة". تخطط فريبل لإعادة إطلاق الدورة في فصل الخريف القادم.
يأمل الفريق في استخدام نجوم النظام النجمي المتراكم الصغير المشابهة على أنها مؤشرات إلى وجود المجرات القزمة الفائقة الخفوت مع متابعة العمل على الكشف عن المزيد من هذه النجوم. يعتقد العلماء أن هذه المجرات هي من أقدم المجرات التي ما تزال موجودة في الكون. على الرغم من أن هذه المجرات ما تزال موجودة اليوم، فإنها بعيدة للغاية لدرجة أن علماء الفلك لا يستطيعون دراستها من كثب وبعمق. نظراً إلى أن نجوم النظام النجمي المتراكم الصغير ربما انتمت من قبل إلى مجرات قزمة مشابهة ولكنها أقرب بكثير وتوجد في مجرتنا؛ فإنها قد تساعد علماء الفلك على التوصل إلى فهم أعمق لكيفية تطور المجرات القزمة الفائقة الخفوت. قالت فريبل: "يمكننا الآن البحث عن المزيد من النجوم المشابهة الأكثر سطوعاً في مجرة درب التبانة ودراسة تطورها الكيميائي دون الحاجة إلى البحث عن هذه النجوم الخافتة للغاية".