مطر حديدي وبرق عجيب: 4 أمثلة عن الأمطار في الفضاء

4 دقائق
الطقس على الكواكب
حقوق الصورة: رون لاش/ بيكسلز.

عندما قال «أوسكار وايلد»: «الحديث عن الطقس هو الملاذ الأخير لفاقد الخيال»، لم يكن على دراية ببعض الأحوال الجوية الأكثر قسوة على الكواكب والأقمار بخلاف الأرض.

منذ اكتشاف أول كوكب خارجي في عام 1992، تم اكتشاف أكثر من 4000 كوكب يدور حول نجوم غير كوكبنا الذي يدور حول الشمس.

يتضمن البحث المستمر حول الكواكب الخارجية محاولة تحديد تكوين غلافها الجوي، وتحديداً للإجابة عن سؤال حول إمكانية وجود الحياة هناك. في خضم هذا البحث عن الحياة، وجد علماء الفلك مجموعة كبيرة ومتنوعة من العوالم المحتملة هناك.

هنا نذكر 4 أمثلة حول الطقس الغريب في أجرام فلكية أخرى، لإظهار مدى تنوّع الغلاف الجوي لكوكب ما خارج المجموعة الشمسية.

1- المطر الحديدي في كوكب «دبليو إيه إس بي- 76 بي» (WASP-76b)

الكوكب «دبليو إيه إس بي- 76 بي» هو كوكب خارجي ضخم ساخن، اكتشف في عام 2013. تبلغ درجة حرارة سطح هذا الكوكب «الوحش» 2,200 درجة مئوية تقريباً. هذا يعني أن الكثير من المواد التي ستكون صلبة في طقس كوكب الأرض؛ ستذوب وتتبخر على هذا الكوكب. 

وكما هو موضّح في دراسة شهيرة جرت عام 2020، فإن هذه المواد تحتوي على الحديد. وفي جانب الكوكب الذي يكون فيه النهار، أي في مواجهة نجمه، يتحوّل هذا الحديد إلى غاز، ثم يرتفع في الغلاف الجوي ويتدفق نحو الجانب الليلي. 

عندما يصل هذا الحديد الغازي إلى الجانب الليلي من الكوكب، حيث تكون درجة الحرارة أكثر انخفاضاً، يتكثّف الحديد مرّة أخرى على شكل سائل ثم يسقط باتجاه السطح. هذا هو المثال الوحيد الذي لدينا حالياً لكوكب فيه تغيرات في درجات الحرارة محددة كفاية للسماح -حرفياً- بسقوط المطر الحديدي ليلاً.

اقرأ أيضاً: عدد الكواكب الهائمة في الفضاء أكبر مما ظننا

طقس الكواكب
المطر الحديدي. حقوق الصورة: كورنميسر/ المرصد الأوروبي الجنوبي.

2- بحيرات الميثان على القمر «تيتان»

تيتان هو أكبر قمر لكوكب زحل، وليس كوكباً. إنه ممتع بشكلٍ خاص لأنه يحتوي على غلاف جوي ثخين وهو أمر نادر بالنسبة لقمر يدور حول كوكب.

هذا القمر له سطح يتدفق فيه السائل مثل الأنهار على الأرض. وعلى عكس الأرض، هذا السائل ليس ماء، بل خليط من الهيدروكربونات المختلفة. على الأرض، سنستخدم هذه المواد الكيميائية (الميثان والإيثان) للوقود، ولكن على تيتان يكون الجو بارداً لدرجة كافية بحيث تظل سائلة وتشكل بحيرات.

يُعتقد أن البراكين الجليدية تطلق هذه الهيدروكربونات -بشكلٍ متقطع- في الغلاف الجوي كغاز لتكوين غيوم تتكثف بعد ذلك وتشكّل المطر. هطول الأمطار هذا لا يشبه المطر المعتاد الذي قد نشهده على الأرض؛ تمطر فقط نحو 0.1% من الوقت، مع قطرات أكبر (قدر قطرها بنحو 1 سم) وتنهمر بشكل أبطأ بخمس مرات، بسبب انخفاض الجاذبية وزيادة السُّحب.

اقرأ أيضاً: الكواكب «الهيدرومحيطية» يمكن أن تأوي الحياة الخارجية التي نبحث عنها

الطقس على الكواكب
بحيرات الميثان. حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث- كالتيك.

3- الرياح على المريخ

المريخ لديه نظام طقس مختلف تماماً عن الأرض، ويرجع ذلك بشكلٍ رئيسي إلى مدى جفاف الكوكب ومدى رقّة غلافه الجوي. بدون وجود مجال مغناطيسي كبير، يكون الغلاف الجوي للمريخ مفتوحاً على المجال المغناطيسي للشمس، ما يؤدي إلى تحييد الغلاف الجوي العلوي بعيداً. وقد ترك هذا غلافاً جويّاً رقيقاً يتكوّن في الغالب من ثاني أكسيد الكربون.

كانت الرحلة الأولى التي قامت بها مروحية «إنجنويتي» (ingenuity) التابعة لوكالة ناسا على المريخ مذهلة - ليس فقط لعامل الاستكشاف، ولكن لأن الشفرات الدوارة توفر القليل جداً من تيارات الرفع في الغلاف الجوي الرقيق، والذي يمثل ما يقرب من 2% من الموجود على سطح الأرض. وكان تماسها مع هذا الغلاف الجوي الرقيق متمثلاً بمجموعة مزدوجة من الشفرات الكبيرة التي تدور 2,500 دورة في الدقيقة، أي ما يعادل تقريباً سرعة دوران طائرة بدون طيار ولكن أسرع بكثير من طائرة هليكوبتر مخصصة للركاب.

الغلاف الجوي للمريخ رقيق بالفعل، لكنه بالتأكيد ليس هادئاً. سرعات الرياح المتوسطة البالغة 30 كم/ ساعة كافية لتحريك المواد على السطح حولها، وفي عمليات الرصد المبكرة من مركبة الهبوط «فايكنج» (Viking) تم قياس سرعات الرياح التي وصلت حتى 110 كم/ ساعة.

قد يبدو احتمال حدوث عواصف رملية وترابية عالية السرعة مشكلة رئيسية لاستكشاف الكوكب، لكن الغلاف الجوي ضعيف وبالتالي فإن الضغط ضئيل. على سبيل المثال، مشهد انفجار الصاروخ في فيلم «المريخي» (The Martian) لن يحدث ببساطة. يشتهر المريخ أيضاً بوجود عواصف ترابية واسعة النطاق تحجب رؤية السطح ويمكن أن تستمر لأسابيع في كل مرة.

اقرأ أيضاً: لماذا تتخذ الكواكب أشكالاً كروية؟

أمطار على الكواكب
المريخ قبل (يسار) وأثناء (يمين) عاصفة ترابية. حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث- كالتيك.

4- البرق على المشتري

الطقس على الكواكب
كيف يمكن أن يبدو الكائن في الغلاف الجوي لكوكب المشتري. حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث- كالتيك.

في عام 1979، حلّق المسبار «فوياجر 1» عبر كوكب المشتري ورصد ضربات البرق. ثم في عام 2016، ألقت مهمة «جونو» نظرة معمّقة على العواصف الرعدية على كوكب المشتري.

على الأرض، يتركز معظم البرق بالقرب من خط الاستواء. لكن استقرار الغلاف الجوي على كوكب المشتري يعني حدوث معظم تيارات الحمل الحراري والاضطراب بالقرب من المناطق القطبية، حيث تحدث الصواعق بشكلٍ أساسي. بدلاً من طريقة توليد البرق الأرضية التي تحدث عند اصطدام قطرات الماء فائقة التبريد مع كرات الثلج، على المشتري تتزايد كمية الشحنة المتراكمة في كرات الأمونيا الثلجية. تعمل هذه الأمونيا كمضاد لتجمد الماء، ما يبقيه سائلاً على ارتفاعات أعلى بكثير.

كوكب المشتري لديه نوعان من البرق أقل شيوعاً يسمى أحدهما «العفاريت»، والآخر «الجان». تتكون «العفاريت» من البرق الذي يرتفع من الغيوم نحو الغلاف الجوي العلوي ويخلق توهجاً مائلاً إلى الحُمرة وقصير العمر، بينما «الجان» عبارة عن حلقات تتشكّل عندما يصل البرق إلى الجزء المشحون من غلافنا الجوي (الأيونوسفير). تم التنبؤ بها في عام 1921، ولكن لم يتم تصويرها على الأرض حتى عام 1989، ويرجع ذلك أساساً إلى وجود سحب عاصفة في طريقها.

كما لوحظ أيضاً ما يسمى بالأحداث المضيئة العابرة على كوكب المشتري، ما يوفر معلومات مهمة عن الغلاف الجوي لكوكب المشتري، وكذلك كيفية نشوء تكوينات البرق هذه واستدامتها.

وفي حين أن هناك العديد من احتمالات الطقس المختلفة على الكواكب الخارجية، فإن التحدي الأكبر هو مراقبتها بتفاصيل كافية لتحديد مما يتكون غلافها الجوي - إذا كانت تمتلك واحداً.

قد يكون الاكتشاف التالي لنظام طقس خارج المجموعة الشمسية شبيهاً بالأرض، أو قد يكون مشابهاً لأحد الأمثلة المذكورة أعلاه، أو شيئاً لا يُصدق.

المحتوى محمي