يبلغ طول اليوم الشمسي للمريخ، والذي يشار إليه عادةً باسم «سول»، قرابة الـ24 ساعة و 40 دقيقة. ورغم أن هذا الاختلاف في المدة مقارنةً بيوم الأرض طفيفاً بعض الشيء، إلا أنه يتطلّب دراسة متأنية للوصول لأفضل طريقة لمعرفة التوقيت على المريخ. وعلى الرغم من أن البشر لم تطأ أقدامهم الكوكب بعد، إلا أن مسألة الوقت لها أهمية كبرى حتى بالنسبة للمركبات الفضائية غير المأهولة؛ مثل مسبار الأمل الإماراتي، وذلك لضرورة ضوء النهار للألواح الشمسية، وتأثير الشمس على تقلبات درجات الحرارة في الغلاف الجوي الرقيق نسبياً للمريخ، وأوقات التوقف المركبات؛ التي تعيد فيها شحن بطارياتها.
آلية تحديد الوقت على كوكب المريخ
كان العرف الذي شاع في مشاريع هبوط المركبات الفضائية حتى الآن هو التوقيت الشمسي المحلي؛ ذلك باستخدام «ساعة المريخ» لمدة 24 ساعة في اليوم الواحد والتي تكون فيها الساعات والدقائق والثواني أطول بنسبة 2.7% من مثيلاتها على الأرض. أما بالنسبة لبعثات مثل «مارس باثفايندر» و «فينيكس» و «كيوريوسيتي»، عملت فرق العمليات على الأرض بتوقيت المريخ وفق جدول عمل متزامن مع التوقيت المحلي في موقع الهبوط على المريخ، بدلاً من توقيت الارض. ونتيجةً لذلك، يحدث انزلاق لجدول عمل الفريق بمقدار 40 دقيقة تقريباً كل يوم. لذل، تم استخدام ساعات اليد التي تمت معايرتها على زمن المريخ، وليس وقت الأرض، من قبل العديد من أعضاء الفرق.
كما هو الحال على الأرض، يوجد على المريخ أيضاً معادلة للوقت تمثل الفرق بين وقت الساعة الشمسية والوقت المنتظم المتمثل بساعة اليد أو الحائط. وتتّضح هذه المعادلة من خلال ما يسمى بـ«الأناليما»؛ أي التقاط صورة للشمس من مكانٍ ثابت في توقيتٍ ثابت، وملاحظة الفرق. لكن نظراً لكون المريخ ينحرف عن مداره بشكلٍ أكبر من الأرض، فإن طول اليوم الشمسي ليس ثابتاً تماماً. وبالتالي يختلف طول اليوم على مدار العام بمقدارٍ أكبر من معدل الاختلاف على الأرض.
ليس للمريخ مناطق زمنية محددة على فترات منتظمة من خط الزوال الرئيسي، كما هو الحال على الأرض. حيث استخدمت كل مركبة هبوط حتى الآن تقديراً تقريبياً للتوقيت الشمسي المحلي كإطار مرجعي خاص بها، كما كان حال المدن على الأرض قبل إدخال التوقيت القياسي في القرن التاسع عشر.
يستخدم المعيار الأكثر شيوعاً لتحديد المواقع على سطح المريخ ما يسمى بـ«إحداثيات مركزية الكواكب»، والتي تقيس خط الطول من 0 إلى 360 درجة باتجاه الشرق، وزوايا خطوط العرض بدءاً من مركز المريخ. وقد يُستخدم بديل آخر قائم على إحداثيات كوكب الأرض، والتي تقيس خطوط الطول من 0 درجة 360 درجة باتجاه الغرب، وخطوط العرض المحددة كما هي على السطح.
بداية التأريخ على كوكب المريخ
يتم تقسيم اليوم المريخي إلى نظام 24 ساعة، ذلك في سبيل الراحة، باعتبار البشر معتادين على هذا النظام. تتعقب كل مهمة هبطت على كوكب المريخ «التوقيت الشمسي المحلي» أو (LST) في موقع هبوطها، ذلك لأن التوقيت الشمسي المحلي يرتبط مباشرةً بموقع الشمس في السماء، وبالتالي الزاوية التي تُضاء منها مشاهد الكاميرا. كما يعتمد الوقت من اليوم على التوقيت الشمسي المحلي كذلك، على خط طول المسبار على سطح المريخ.
على عكس الأرض، لا يوجد قمر يدور ببطء لمنح المريخ نظام الشهور، وعلى الرغم من وجود العديد من التقاويم المبتكرة المقترحة للمريخ، فلا يوجد أي منها شائع الاستخدام على نطاقٍ واسع. والطريقة التي يحدد بها العلماء وقت سنة المريخ هي استخدام خط الطول الشمسي، والمختصر له بـ«Ls»، حيث يكون عند الدرجة 0 عند الاعتدال الربيعي، وعند الدرجة 90 عند الانقلاب الصيفي، وعند الدرجة 180 عند الاعتدال الخريفي، وعند الدرجة 270 عند الانقلاب الشتوي.
اختار الباحثون السنة المريخية الأولى تاريخياً لتتوافق مع عام عاصفة ترابية هائلة حدثت هناك لوحظت على نطاقٍ واسع في عام 1956. وحددت ورقة بحثية سنة بدء التاريخ المريخي الصفرية في 24 مايو/أيار 1953، وعُرفت السنوات السابقة لها على أنها تحتوي على أرقام سالبة. وتوفر أداة عبر الإنترنت تحويل التواريخ إلى نظام خط الطول الشمسي.
تاريخ التقويم المريخي
الفترة الزمنية التي يستغرقها المريخ لإكمال دورة واحدة حول الشمس هي سنته الفلكية، وتبلغ حوالي 687 يوماً أرضي، أو 668.5 يوم مريخي. وبسبب الانحراف لمدار المريخ، فالفصول ليست متساوية الطول. فإذا اعتبرنا أن الفصل يمتد من الاعتدال إلى الانقلاب الشمسي أو العكس، فإن موسم الربيع في نصف الكرة الشمالي الخريف في نصف الكرة الجنوبي هو أطول موسم؛ إذ يدوم 194 يوماً مريخياً، و خريف نصف الكرة الشمالي الربيع في نصف الكرة الجنوبي هو أقصر موسم، حيث يستمر 142 يوماً مريخياً فقط.
كما هو الحال على الأرض، فإن السنة الفلكية ليست الكمية المطلوبة لأغراض التقويم. بدلاً من ذلك، من المرجح أن يتم استخدام السنة الاستوائية لأنها تعطي أفضل تقويم لتعاقب الفصول. وهي أقصر قليلاً من السنة الفلكية بسبب ميل محور دوران المريخ.
قبل وقت طويل من بدء فرق التحكم على الأرض في جدولة نوبات العمل وفقاً لليوم المريخي «سول» أثناء التواصل مع مركبة فضائية على سطح المريخ، تم اقتراح العديد من التقاويم التي تحدد الأيام والأشهر على سطح الكوكب الأحمر، وذلك انطلاقاً من حاجة الباحثين إلى مزامنة أبحاثهم ودراساتهم مع التوقيت هناك للوصول لأكثر النتائج دقة.
وصف كتاب عالم الفلك الإيطالي «مينتور ماجيني» عام 1939 تقويماً مريخياً تم تطويره من قبل علماء الفلك الأمريكيين «أندرو إليكوت دوجلاس» و «ويليام إتش بيكرينج»، حيث احتوت الأشهر التسعة الأولى على 56 يوماً مريخياً بينما احتوت الأشهر الثلاثة الأخيرة على 55 يوم مريخي. تبدأ السنة التقويمية الخاصة بهذا التقويم بالاعتدال باتجاه الشمال في 1 مارس/آذار، وبالتالي يقلدون التقويم الروماني الأصلي. التواريخ الأخرى ذات الأهمية الفلكية في هذا التقويم هي؛ الانقلاب الشمسي الشمالي؛ يوم 27 يونيو/حزيران، والاعتدال الجنوبي؛ 36 سبتمبر/أيلول، والانقلاب الجنوبي؛ 12 ديسمبر/كانون الأول، والحضيض؛ 31 نوفمبر/تشرين الثاني، والأوج؛ 31 مايو/أيار. قد يكون إدراج بيكرينغ لتواريخ المريخ في تقريرٍ عن ملاحظاته عام 1916 أول استخدام لتقويم المريخ في منشور فلكي، إلا أنه لم يعد هذا التقويم قيد الاستخدام، وتم اقتراح أنظمة جديدة بشكل دوري ولم تحظ بالمثل بقبولٍ كاف لتأخذ مكانة دائمة في فترتها.
وفي عام 1936، عندما كانت حركة إصلاح التقويم في أوجها، نشر عالم الفلك الأمريكي «روبرت جي أيتكين» مقالاً يلخص التقويم المريخي. حيث في كل ربع سنة هناك ثلاثة أشهر يتألف الواحد منها من 42 يوماً مريخياً، ويتألف الشهر الرابع 41 يوماً مريخي. بينما يتكرر نمط الأسابيع ذات السبعة أيام على مدار دورة مدتها سنتان، أي أن السنة التقويمية تبدأ دائماً في يوم الأحد في السنوات الفردية، مما ينتج عنه تقوياً دائماً للمريخ.
وفي تقويمٍ مقترحٍ آخر، وصف عالم الفلك البريطاني، السير «باتريك مور»، في كتابة «دليل للمريخ»، تقويماً مريخياً من تصميمه الخاص عام 1977. كانت فكرته هي تقسيم السنة المريخية إلى 18 شهراً. تحتوي الأشهر السادس والثاني عشر والثامن عشر على 38 يوماً مريخياً، بينما تحتوي الأشهر المتبقية على 37 يوماً مريخي.
نشر مهندس الفضاء وعالم السياسة «توماس جانجيل» الأميركي تقويماً مريخياً عام 1986، مع نشر تفاصيل إضافية في عامي 1998 و 2006. كان يتألف من 24 شهراً للعام على المريخ، مع الحفاظ على مفهوم الشهر الذي يشبه بشكل معقول طول شهر الأرض. إلا أنه لا علاقة للشهر بالفترة المدارية لأي قمر من أقمار الكوكب، حيث يدور القمر «فوبوس» في حوالي 7 ساعات ويدور «ديموس» في 30 ساعة. والسبب وراء اعتبار الشهر القمري شهراً كذلك على المريخ هو مراقبة الأرض والقمر من على سطح المريخ فوق الأفق، إذ أنه وبالنسبة لمراقبٍ مريخي، فإن الوقت المستغرق للقمر للانتقال من أبعد نقطة عن الأرض في اتجاه لأبعد نقطة في الاتجاه الآخر كانت تستغرق ما يقارب مدة الشهر.
قدم عالم الفلك التشيكي «جوزيف أوران» بعدها تصميماً لتقويم المريخ عام 1997، حيث يكون للسنة 672 يوماً من أيام المريخ موزعة على 24 شهراً يتكون الواحد منها من 28 يوماً -أو 4 أسابيع من 7 أيام لكل منها-؛ وفي سنوات التخطي، يتم حذف أسبوع كامل في نهاية الشهر الثاني عشر. ويوفر موقع الكتروني الساعة المريخية وتقويم الكوكب لمعرفة الوقت هناك في أية لحظة.
اقرأ أيضاً: ما سر كل هذا الاهتمام بكوكب المريخ؟