عندما بدأ تلسكوب جيمس ويب الفضائي بإرسال الصور المذهلة إلى الأرض في شهر يوليو/ تموز 2022، أظهرت بعض البيانات أن هناك ما لا يقل عن نجمين وربما 3 نجوم، غير مكتشفة من قبل في سديم الحلقة الجنوبي.
هذا السديم هو سديم كوكبي، وهي تسمية ملتبسة تطلق على السديم الذي ليست له علاقة بالكواكب في الواقع. يتشكل السديم نتيجة للانفجار الداخلي لنوع من النجوم يحمل اسم النجوم العملاقة الحمراء. ووفقاً لوكالة الفضاء الأوروبية، تتحول النجوم الأكبر من الشمس إلى عمالقة حمراء عندما تستهلك وقودها من الهيدروجين، ويمكن أن تكون هذه النجوم أكبر بمئات المرات من النجوم الأصلية. يفقد العملاق الأحمر عادة طبقاته الخارجية، والتي تشكّل بعد ذلك سديماً كوكبياً، ثم يتقلص مشكّلاً ما يدعى بالقزم الأبيض.
اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب يلتقط صوراً مخيفة لمجرة حلزونية بعيدة
صور لسديم الحلقة الجنوبي
أعاد الباحثون إنشاء صورة لسديم الحلقة الجنوبي الذي يبعد نحو 2000 سنة ضوئية عن الأرض، وهي تبيّن وجود ما يصل إلى 5 نجوم جديدة يمكننا أن نرى منها اثنين فقط حالياً.
قام الفريق الذي يتألف من نحو 70 باحثاً تقودهم الباحثة من جامعة ماكوري في مدينة سيدني الأسترالية، أورسولا دي ماركو (Orsola De Marco)، بوصف النتائج الجديدة في دراسة نُشرت بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في مجلة نيتشر أسترونومي (Nature Astronomy). بدأ الباحثون عملهم في تحليل 10 صور مفصّلة للغاية التقطها تلسكوب جيمس ويب لسديم الحلقة الجنوبي بهدف إعادة إنشاء صورة لتجمع النجوم سابق الذكر. وفقاً لوكالة ناسا، من الشائع أن تتجمع مجموعة صغيرة من النجوم متفاوتة الكتل وتدور حول بعضها لفترات طويلة من الزمن. استخدم الفريق هذه الحقيقة لرصد الضوء الذي يبلغ عمره آلاف السنين في محاولة لتفسير وجود السحب الملونة من الغاز والغبار في سديم الحلقة الجنوبي.
- تبيّن هذه الصورة لسديم الحلقة الجنوبي (إن جي سي 3132)، والتي التقطتها كلٌّ من كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة وأداة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة في تلسكوب جيمس ويب الفضائي، أسهم الاتجاهات وشريط مقياس الصورة والألوان المرمّزة. مصدر المعلومات العلمية: وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، معهد مراصد علوم الفضاء، أورسولا دي ماركو (جامعة ماكوري). معالجة الصورة: جوزيف دي باسكوالي (معهد مراصد علوم الفضاء).
وجد الباحثون أنه من المحتمل أن أكثر من نجم واحد في السديم قد تفاعل مع النجمين الآخرين في مركز التجمّع (والموضّحان باللون الأحمر في الصورة أعلاه) قبل تشكّل هذا السديم الكوكبي. كتب فريق العلماء في موقع ناسا: "تسبب دوران النجم الأول حول النجم في مركز التجمّع في إصدار الأمواج الضوئية على شكل نفاثات من المادة في اتجاهين متعاكسين. وقبل توقّفه عن الدوران، تسبب هذا النجم في تشكّل طبقة من الغبار حول النجم الخافت. بعد ذلك، أصبح النجم الأول أصغر حجماً وربما اندمج مع النجم المحتضر، أو أنه أصبح غير مرئي بسبب وهجه.
حفلة نجمية حقيقية
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن نجماً آخر اقترب من النجم المركزي عدة مرات، وتسبب ذلك في تغيّر شكل النفاثات التي أطلقها النجم الأول، ما تسبب بدوره في نشوء الأشكال المتموجة في حواف كتل الغاز والغبار في السديم. أسهم نجم رابع أيضاً في هذه التفاعلات من خلال الدوران حول النجم المركزي واتخاذ مدار أبعد مقارنة بالنجوم الأخرى. حرّك هذا النجم أيضاً كتل الغاز والغبار، ما تسبب في تشكيل نظام من الحلقات في الطبقة الخارجية من السديم. أما النجم الخامس في هذا التجمّع، فهو أكثر نجم معروف بالنسبة لنا، هذا النجم هو نجم ذو لون أزرق مبيض لامع يدور حول التجمّع "بانتظام وبشكل قابل للتنبّؤ".
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك أن تبقى على اطلاع بآخر صور تلسكوب جيمس ويب الفضائي؟
بالإضافة إلى رصد هذه الحفلة من النجوم، قام الفريق أيضاً بقياس كتلة النجم المركزي بدقة كما كانت قبل أن يطرح طبقاته من الغاز والغبار. وقدّر الباحثون أن كتلة هذا النجم بلغت نحو 3 أضعاف كتلة الشمس قبل تشكيله هذا السديم الكوكبي، وبعد طرح كتل الغاز والغبار، بلغت كتلة النجم 60% من كتلة الشمس.
وفقاً لوكالة ناسا، تعتبر هذه الدراسة من أولى الدراسات المنشورة حول الصور التي التقطها تلسكوب جيمس ويب والتي كانت متوفرة للعوام. لذلك، سيتم على الأرجح نشر المزيد من التفاصيل والنتائج. تمثل هذه الدراسة أيضاً أول مرة يتم فيها المزج بين الصور التي التقطتها كلٌّ من كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة وأداة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة في هذا التلسكوب مع البيانات التي تم جمعها سابقاً باستخدام مرصد غايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. استخدم الفريق هذه البيانات لقياس كتلة النجم المركزي بدقة قبل تشكّل السديم.