حلّقت مركبة «جونو» الفضائية بالقرب من قمر المشتري «غانيميد» في يونيو/حزيران عام 2021، وأنشأ العلماء باستخدام بيانات من هذا اللقاء تسجيلاً صوتياً لأصوات الغلاف الجوي لهذا القمر.
تسجيلات لأصوات الغلاف الجوي لغانيميد
خلال دورة جونو الـ 38 حول كوكب المشتري، حلّقت هذه المركبة حول القمر غانيميد وسجّلت أمواج القمر الكهربائية والمغناطيسية. التقطت المركبة هذه الأمواج التي تصدرها طبقة الغلاف المغناطيسي للقمر باستخدام أداتها الموجية. غيّر علماء وكالة ناسا ترددات هذه التسجيلات لإنشاء تسجيل صوتي مدّته 50 ثانية يستطيع البشر سماعه. يبدو هذا التسجيل وكأنه من فيلم «حرب النجوم»، مع رنّات وتصفيرات عالية تشبه صوت روبوت «آر2-دي2» الشهير.
قال «سكوت بولتن»، المشرف الرئيسي في مهمة جونو، والعالم من معهد «ساوث ويست» البحثي في سان أنتونيو، في بيان: «هذا التسجيل الصوتي غريب بما يكفي ليجعلك تشعر وكأنك تحلّق مع مركبة جونو بجانب قمر غانيميد، والتي اقتربت من هذا القمر لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمن». أضاف بولتن: «إذا أنصتّ بتمعّن، يمكنك أن تلاحظ انتقال الصوت إلى ترددات أعلى عند منتصف التسجيل تقريباً، وسبب ذلك هو أن المركبة انتقلت عندها إلى منطقة مختلفة من الغلاف المغناطيسي للقمر».
اقرأ أيضاً: بعد أكثر من 50 سنة: علماء الفضاء يكشفون سر «أزمة الطاقة» لكوكب المشتري
تحليل التسجيلات الصوتية لغانيميد
لا يزال العلماء يحللون التسجيلات الصوتية لقمر غانيميد، ولكن وفقاً لما قاله «ويليام كورث»، المشرف المشارك الرئيسي للبحث في الأمواج الصوتية، في بيان، «من المحتمل أن يكون تغيّر التردد قُبيل وصول المركبة إلى أقرب نقطة من القمر ناتج عن انتقالها من الجانب المظلم إلى المضيء من القمر».
غانيميد هو القمر الأكبر في المجموعة الشمسية، إذ يبلغ قطره 41% من قطر الأرض. كما أنه القمر الوحيد الذي يمتلك حقلاً مغناطيسياً.
كان الهدف من مهمّة جونو التابعة لوكالة ناسا هو فهم طريقة تشكّل العمالقة الغازية ودورها في تطوّر المجموعة الشمسية. أُطلقت هذه المهمة في 2011، وبدأت المركبة بالدوران حول المشتري في 2016، وهي أول مركبة فضائية تخترق طبقة الغاز الثخينة التي تغطي الكوكب العملاق.
أصدر علماء وكالة ناسا مؤخراً باستخدام مقياس المغناطيسية الخاص بمركبة جونو أدق خريطة للحقل المغناطيسي لكوكب المشتري. استنتج العلماء عن طريق مقارنة البيانات التي جمعتها المركبة خلال الـ 5 سنوات التي دارت بها حول المشتري أن البقعة الزرقاء الكبيرة، وهي الشذوذ المغناطيسي عند خط استواء الكوكب، تتحرّك باتجاه الشرق. تتحرّك هذه البقعة بسرعة 5 سنتيمتر في الثانية تقريباً بالنسبة إلى الكوكب ككل، ما يعني أنها ستكمل دورة حول المشتري بعد 350 سنة تقريباً. بينما تتحرّك البقعة الحمراء الكبيرة، وهي الإعصار العكسي الذي يقبع جنوب خط استواء المشتري، باتجاه الغرب، وستكمل دورة حول الكوكب خلال 4 سنوات ونصف تقريباً.
قال بولتون لصحيفة «ذا واشنطن بوست»: «هذه أول مرة نشهد فيها تأثر حقل مغناطيسي بغلاف جوي»، وأضاف: «يبين ذلك أن الغلاف الجوي الثخين للمشتري نشط للغاية، أكثر بكثير مما كنا نعتقد».
اقرأ أيضاً: أقمار المشتري تسخن بعضها البعض
صور جديدة للمشتري
أصدر الفريق أيضاً صوراً جديدة للمشتري وعواصفه. تشبه الدوامات على كوكب المشتري الدوامات التي نراها في المحيطات على الأرض، ويعتقد علماء الفلك أنها تتشكّل بشكل تلقائي، ولا يعلمون متى، وما إذا كانت ستتبدد. تساهم الصور والبيانات الجديدة في توسيع فهمنا لكوكب المشتري ولمجموعتنا الشمسية بشكل عام. أثّر تشكّل هذا الكوكب الغازي العملاق بالتأكيد على تطوّر المجموعة الشمسية، ولكن نشأة كوكب المشتري لا تزال غير مفهومة بشكل جيد. تساعد البيانات الجديدة علماء الكواكب في فهم الطريقة التي تشكّل بها هذا العملاق الغازي.
قال بولتون لصحيفة ذا واشنطن بوست: «نحن نحاول فهم أصلنا، وكيف وصلنا إلى هذه المرحلة»، وأضاف: «وكوكب المشتري هو جزء مهم من هذه القصة».