45 عاماً على مهمة فوياجر: ماذا بعد؟

3 دقائق
45 عاماً على مهمة فوياجر: ماذا بعد؟
تم إطلاق فوييجر 1 و2 قبل 45 عاماً ووصلت إلى الامتدادات الخارجية لنظامنا الشمسي. لكن تقدم المسبار في العمر دفع العلماء للتفكير في مستقبله في الفضاء. ناسا/ مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا

بعد عقود من إرسال "فوياجر 1" وتوأمه "فوياجر 2"، في مسارات مختلفة لاستكشاف الكون، بقي المسبار لفترة أطول بكثير مما توقعته وكالة ناسا. ساهم المسباران في اكتشاف البراكين النشطة والأقمار الجديدة لنظامي المشتري وزحل. ولكن، وحتى بالنسبة للمركبات الفضائية، فإن الاستمرار بالعمل لفترة طويلة من الزمن لا بُدّ وأن يحمل معه العديد من المشكلات. 

فوياجر يواجه التقدم في السن

على الرغم من خلو سجل المسبار من أي مشكلات يمكن أن تؤثر على أدائه، واجه هذا العام خللاً في نظام التوجيه والتحكم (AACS) الذي يحافظ على توجيه هوائياته نحو الأرض. بدأ المسبار الذي فقد القدرة على تحديد وضعيته في الفضاء بإرسال بيانات قياس غير دقيقة عبر جهاز حاسوب على متنه كان قد توقف منذ سنوات عن العمل، ما أدى إلى إتلاف البيانات الصحيحة. 

على الرغم من أن مهندسي ناسا تمكنوا مؤخراً من إصلاح العطل عن طريق إصدار أوامر للنظام بالعودة إلى العمل عبر جهاز الحاسوب السابق، فإن العطل الذي أصاب مسبار فوياجر يطرح السؤال: هل حان وقت تقاعد أحد أقدم مسابر ناسا الفضائية وأبعدها؟ على الرغم من أن الوكالة تؤكد أن الخلل لا يشكل أي تهديد على سلامة المهمة على المدى الطويل، فإن بعض العلماء كانوا يدرسون بالفعل تطوير خليفة لفوياجر. 

اقرأ أيضاً: ماذا تعلمنا من مهمة فوياجر 2 التي امتدت لخمسة وأربعين عاماً؟

يقول كبير علماء علوم الفضاء في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز، رالف مكنوت: «لقد حالفنا الحظ إلى حد كبير مع بعثات فوياجر، واستمرار عملهما بشكلٍ جيد حتى الآن هو بمثابة مزيج من معجزة تكنولوجية مع القليل من الحظ. لذلك إذا حدث خلل ما، فلن يكون الأمر مفاجئاً لنا».

علماء يرتدون بدلات واقية بيضاء يبنون مسباراً فضائياً كبيراً في المختبر.
صورة من الأرشيف تظهر المهندسين وهم يختبرون مهمة فوياجر التابعة لناسا في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1976. ناسا/ مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا

مكنوت، والذي كان من المحظوظين القلائل الذين شهدوا إطلاق فوياجر 1 عام 1977 من قاعدة كيب كارنيفال في فلوريدا، هو الباحث الرئيسي في فريق من مختبر الفيزياء التطبيقية كان قد قدم مؤخراً مقترحاً مفصلاً إلى وكالة ناسا لمفهوم مهمة يمكن أن تتجاوز ما قامت به مهمة فوياجر إلى حد كبير. أُطلق على المهمة الجديدة اسم "المسبار بين النجمي" (Interstellar Probe)، ويمكن لها السفر إلى مكانٍ أبعد من المكان الذي وصلت إليه مهمة فوياجر، وستستمر بإجراء الأبحاث المتعلقة بالغلاف الشمسي، المنطقة الشبيهة بالفقاعة في الفضاء والتي تحمي نظامنا الشمسي من الإشعاعات المجرية. 

اقرأ أيضاً: تسبح بين النجوم: «فوياجر 1» ترسل بصمة الفراغ الهش في الفضاء

نحو بناء خليفة لفوياجر

باستخدام التكنولوجيا المناسبة، يمكن أن يكون المسبار الذي اقترحه مكنوت جاهزاً للإطلاق بين عامي 2036 و2042، وذلك يعود إلى الوقت الذي يكون فيه المسبار قادراً على الاستفادة من جاذبية كوكب المشتري، حيث سيستخدم مدار المركبة الفضائية جاذبية الكوكب لقذف نفسه نحو الامتدادات الخارجية للفضاء. إذا أصبح المسبار النجمي حقيقة يوماً ما، فقد يحطم الرقم القياسي لمسبار فوياجر باعتباره أبعد جسم من صنع الإنسان في الكون. وعلى عكس مهمة فوياجر التي وصل عمرها إلى 45 عاماً متجاوزة بذلك عمرها الافتراضي بعشر مرات، سيبقى المسبار النجمي 50 عاماً على الأقل في الفضاء. 

لكن لا يزال هناك بضع سنوات على الإطلاق المحتمل. على الرغم من أن وكالة ناسا قامت بتمويل الدراسة الأولية، فإن المفهوم لا يزال في مراحله الأولى، ولن يتحول إلى مهمة رسمية حتى تتم مراجعته واختياره من قبل لجنة المسح لعلم الفلك والفيزياء الفلكية التي تجتمع كل 10 سنوات، والتي قد تستغرق عامين آخرين لمناقشة الخطط المعروضة عليها واتخاذ قرار بشأنها. 

ولكن لماذا نحتاج إلى مسابر جديدة في حين يتمتع علماء الفلك بإمكانية الوصول إلى تلسكوبات قوية مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي وتلسكوب نانسي جريس رومان الفضائي الذي سيحقق في المادة المظلمة ومن المنتظر إطلاقه قريباً؟ الجواب ببساطة هو أنه غالباً ما تكون للمهمات الفضائية أولويات وإمكانات مختلفة. على سبيل المثال، يدرس مسبار فوياجر ومسبار باركر الشمسي الفيزياء الشمسية وتأثيراتها في الفضاء، بينما يدرس تلسكوب جيمس ويب الفضائي ومسبار نانسي جريس رومان الفضائي الفيزياء الفلكية التي تشمل أجساماً مثل الكواكب الخارجية والمجرات البعيدة. على الرغم من الاختلافات بينهما، فإن المسابر والتلسكوبات الفضائية الأكبر حجماً وجهان لعملة واحدة، وهناك حاجة لاكتشافات كلّ منها لإنشاء صورة أكثر دقة شمولاً لمحيطنا الكوني.  

اقرأ أيضاً: المسبار «فوياجر 2» يرسل تحياته من بين النجوم

على الرغم من أن مهمة فوياجر لن تنتهي في وقت قريب على أقل تقدير، فإن بعض الخبراء يرحّب بحقيقة أن جزءاً كبيراً من المجتمع العلمي يتحضر للوقت الذي قد تتوقف فيه هذه المهمة نهائياً. 

تقول عالمة الفلك في جامعة بوسطن والتي كانت تتعاون مع فريق فوياجر منذ فترة طويلة، ميراف أوفير: «قد تستمر معدات فوياجر بالعمل حتى عام 2030». وتقول إنها سعيدة بعمل العديد من زملائها في مشاريع الجيل التالي من المهمات التي يمكنها أن تستنير بالمعرفة التي وفرتها مهمة فوياجر على أفضل وجه». 

وتقول أوفير أخيراً: «تحتاج هذه المهمات طويلة الأمد إلى التنوع. إن تحقيق التنوع في الفِرق ليس أمراً جيداً وحسب، بل ويعزز أيضاً الاكتشاف».  

المحتوى محمي