عند عودتهم إلى القمر، قد يجد رواد الفضاء معلماً جغرافياً جديداً إذا ما غامروا وانتقلوا إلى جانبه البعيد: حفرة غير مألوفة ناتجة عن تحطم صاروخ. في مارس/آذار، اصطدمت مركبة فضائية مهجورة بالقمر، وعلى الرغم من معرفة الفلكيين بحدوث هذا التصادم، فإن موقع التصادم والأثر الذي تركه ظل لغزاً.
اكتشاف جديد
ولكن في 24 يونيو/حزيران، اكتشف علماء الفلك الذين حللوا صوراً فضائية من قمر صناعي في مدار القمر لموقع التصادم على سطح القمر حفرةً مزدوجة -فوهتان متراكبتان على بعضهما بعضاً. قد يساعد هذا الاكتشاف وكالات الفضاء على معرفة ما يمكن أن يحدث عندما يصطدم شيء من صنع الإنسان بالقمر.
اقرأ أيضاً: لماذا توقفنا عن إرسال البشر إلى القمر؟
تشكل الفوهتان المتداخلتان حفرةً مزدوجة؛ فوهة شرقية يبلغ قطرها نحو 18 متراً متداخلة مع فوهة غربية بقطر 16.5 متراً. التقط مستكشف القمر المداري "ريكونيسينس" التابع لناسا -وهي مركبة فضائية تدور حول القمر وتقوم بتصوير سطحه منذ عام 2009- صورةً للحفرة التي تشكلت في 4 مارس/آذار. ومع ذلك، لم يتمكن من تصوير سطح القمر في وقت التصادم بدقة، ما أجبر علماء الفلك على فحص الصور قبل وبعد الاصطدام الهائل.
في الواقع، لقد وقعت حوادث تصادم لشظايا من الصواريخ الفضائية مع سطح القمر وصنعت فيه حفراً من قبل. على سبيل المثال، أحدثت صواريخ "ساتورن 5" التي تعود إلى حقبة أبولو، والتي حملت مستكشفي القمر الأوائل، حفراً على سطح القمر. ولكن لم تترك تلك الصواريخ وراءها حفراً مزدوجة كالحفرة المكتشفة حديثاً.
اقرأ أيضاً: تمهيداً للبعثات المستقبلية: كيف يخطط العلماء للحصول على الأوكسجين والوقود من تربة القمر؟
يقول أستاذ العلوم الجيولوجية في جامعة ولاية أريزونا، مارك روبنسون، والذي أبلغ عن الاكتشاف يوم الجمعة لصحيفة نيويورك تايمز: «إنها نتيجة رائعة لأن ما وجدناه لم يكن متوقعاً. الأمر أكثر إثارة حقاً مما إذا كان تنبؤنا بقطر وعمق الحفرة صحيحاً تماماً».
في يناير/كانون الثاني، كان عالم الفلك الهاوي بيل جراي أول من اكتشف خردة فضائية متجهة في مسار تصادم على الجانب البعيد من القمر. تبين أن هذه الخردة الفضائية هي المرحلة العليا من صاروخ مهمل، ولم تكن أي دولة أعلنت بعد مسؤوليتها عنه. توقع جراي مبدئياً أن هذه الشظايا جاءت من صاروخ سبيس إكس فالكون 9 الذي حمل "مرصد مناخ الفضاء العميق" (DSCOVR) في عام 2015. لكن أحد مهندسي ناسا دحض هذه الفرضية لاحقاً لأن مرصد مناخ الفضاء العميق لم يتبع نفس مدار الصاروخ المهمل.
اقرأ أيضاً: من سيأخذنا إلى القمر أولاً: صواريخ ناسا أم سبيس إكس؟
بدلاً من ذلك، ربما كان الحطام يعود إلى صاروخ "لونج مارش 3 سي" الذي أطلقته الصين في أكتوبر/تشرين الأول عام 2014. أكد الباحثون في جامعة أريزونا هذا الافتراض، حيث انبعث من الجسم المتحطم ضوء ذو أطوال موجية مماثلة لتلك التي تصدر من الصواريخ الصينية الأخرى. ومع ذلك، تنفي الصين أن مركبتها تسببت في الحادث قائلةً إن مرحلة الصاروخ المستخدمة لإطلاق مركبة الفضاء "تشانغ إي- 5 تي 1" قد احترقت لدى دخولها مجدداً الغلاف الجوي للأرض.
بغض النظر عن أصل الصاروخ، تشير الحفرة المزدوجة التي أحدثها إلى أن المركبة كانت بها كتل كبيرة في كلا طرفيها. عادةً ما تكون مرحلة الصواريخ المستهلكة أثقل في الجزء السفلي حيث توجد المحركات، بينما ينبغي أن تكون أخف وزناً في طرفها العلوي إذا كانت خزانات الوقود فارغة. لكن شيئاً ما في الطرف العلوي من هذا الصاروخ له ثقل كافٍ ليسبب انحرافه، ما يجعل هذا الحادث حالة غريبة ولكنها استثنائية.