تحدّث المسؤولون في وكالة ناسا لسنوات عن استخدام القمر نقطة انطلاق لاستكشاف كوكب المريخ؛ لكن الآن بدأت وكالة الفضاء بإعادة تنظيم إدارتها أخيراً لتضمين هذا الهدف في بنيتها البيروقراطية، وأنشأت وكالة ناسا في نهاية شهر مارس/ آذار 2023 مكتب برنامج جديداً يحمل اسم "من القمر إلى المريخ" (Moon to Mars) في مقرها الرئيسي في واشنطن العاصمة.
مهام برنامج "من القمر إلى المريخ"
سيوحّد هذا المكتب مجموعة من البرامج الجارية بالفعل، وهي تتضمن أهداف مهمة أرتميس القمرية (Artemis Moon mission) التي تجريها وكالة ناسا؛ مثل تصميم البدلات الفضائية لرواد الفضاء الذين سيذهبون إلى القمر، بالإضافة إلى برنامج مركبة أورايون الفضائية وصاروخ نظام الإطلاق الفضائي الذي حمل رحلة أرتميس 1 التجريبية غير المأهولة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بنجاح. سترتبط هذه المشاريع بصورة رسمية أكثر بتطوير التكنولوجيات والعمليات المتعلقة برحلات البشر المستقبلية إلى كوكب المريخ.
قال مدير وكالة ناسا، بيل نيلسون (Bill Nelson) في بيان صحفي: "سيسهم هذا المكتب الجديد في ضمان نجاح وكالة ناسا في تأسيس إقامة بشرية طويلة الأمد على سطح القمر، وهو إنجاز ضروري للتحضير للقفزة الكبيرة التالية إلى الكوكب الأحمر".
وفقاً لقانون تفويض ناسا (NASA Authorization Act) الذي صدر في عام 2022، كلّف الكونغرس الأميركي هذه الوكالة بإنشاء مكتب برنامج من القمر إلى المريخ لضمان أن "تثبت كل مهمة قمرية من مهمات أرتميس نوعاً من التكنولوجيا أو مفهوماً تشغيلياً يسهم في نجاح المهمات المريخية، أو أن تحرز تقدماً في هذين المجالين".
تخطط وكالة ناسا بعد نجاح رحلة أرتميس 1 التجريبية، لإرسال 4 رواد فضاء في رحلة طيران بالقرب من القمر ضمن مهمة أرتميس 2 في أواخر عام 2024؛ كما تخطط لإرسال البشر مجدداً إلى سطح القمر في عام 2025 ضمن مهمة أرتميس 3. ستطلق مهمات أرتميس اللاحقة كل سنتين، ويُفترض أن تتيح لرواد الفضاء بناء موطن قمري على القطب الجنوبي للقمر؛ إذ تخطط وكالة ناسا لإبقاء رواد الفضاء هناك فترة من الزمن.
اقرأ أيضاً: رواد فضاء كُلّفوا بإنجاز مهمة طارئة خارج مركبتهم الفضائية
إقامة طويلة على القمر
قالت نائبة مدير المكتب الجديد، لاكيشا هوكينز (Lakiesha Hawkins) لموقع بوبيولار ساينس: "سنعود إلى القمر، ونحن نؤسس لإقامة أطول مقارنة بعصر مهمات أبولو السابقة. تحضّرنا التجارب التي نجريها حالياً للبقاء على القمر فترة أطول، ويمكننا نوعاً ما الاعتماد على العيش فيه".
سيجري رواد فضاء وكالة ناسا تجارب تهدف لاستخلاص الماء من الجليد في الفوهات القمرية وإذابة الحطام الصخري القمري أو المواد الصخرية الأخرى لاستخراج الأوكسجين. سيتدرّب رواد الفضاء أيضاً على إنجاز العمليات والإجراءات كما لو كانوا على سطح المريخ، وسيتعاملون مع التأخير المتعمد في الاتصالات مع الأرض لفترات طويلة ولن يحصلوا على المساعدة. سيختبر هؤلاء المستكشفون على القمر موثوقيّة أنظمة دعم الحياة والأنظمة الأخرى مع التركيز على تطبيقها المحتمل في الكوكب الأحمر، وتقول هوكينز: "كلما ابتعدنا عن الأرض أكثر، قلت قدرتنا على الحصول على المساعدة منه".
وفقاً لهوكينز؛ لا يزال مكتب برنامج من القمر إلى المريخ قيد الإعداد، ويبحث المسؤولون الآن عمن يشغلون الأدوار الرئيسية فيه؛ لكن بعض التغييرات بدأ بالفعل.
من القمر إلى المريخ
وتقول هوكينز: "يتمثل أحد التغييرات الواضحة في أنه كانت لدينا 3 أقسام مختلفة من قبل؛ قسم لكل من نظام الإطلاق الفضائي ومركبة أورايون والأنظمة الأرضية؛ وقسم لمحطة فضائية خططنا لبنائها على القمر تحمل اسم "غيتوي" (Gateway)، ومركبة فضائية قمرية هابطة والبدلات الفضائية وتكنولوجيات سطح القمر، وقسم مخصص للتكنولوجيات والقدرات المتعلقة باستكشاف المريخ واستعماره". والآن دُمجت هذه الأقسام في مكتب برنامج من القمر إلى المريخ. تقول هوكينز أيضاً إن الدمج بين هذه الأقسام "سيساعدنا على النجاح في جهودنا المستقبلية".
اقرأ أيضاً: من الخيال العلمي إلى التنفيذ: 14 مشروعاً مذهلاً لوكالة ناسا
وعلى الرغم من أن التغييرات حتى الآن إدارية إلى حد كبير، وتعتقد هوكينز أن تفويض الكونغرس الأخير يؤيد نهج وكالة ناسا في التعامل مع المهمات القمرية والمريخيّة. تقول هوكينز: "يبدو أن لدينا استراتيجية واضحة وأثبتت فعاليتها عبر الزمن، وشقّت هذه الاستراتيجية طريقها عبر العديد من الإدارات الرئاسية حتى الآن. سنعود إلى القمر بالتأكيد وسنتوجه إلى المريخ في النهاية".