اكتشاف نجم «مقلوب» نادر مغطّى ببقايا نجم ميت

اكتشاف نجم «مقلوب» نادر مغطّى ببقايا نجم ميت
تصور فني لاصطدام نجمين قزمين أبيضين. حقوق الصورة: نيكول رايندل.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وفقاً لدراستين جديدتين نشرتا في فبراير/شباط 2022، يمكن أن تتصادم النجوم القزمة البيضاء لتشكّل نوعاً جديداً من النجوم «المقلوبة رأساً على عقب».

حدد فريق من علماء الفلك نجمين صغيرين ساطعين يُطلق عليهما اسم النجوم شبه القزمية الساخنة، لهما تركيب يرصد لأول مرة. ووجدت مجموعة بحثية أخرى آلية لشرح كيفية تشكل هذه الأنواع من النجوم. 

يقول «مارسيلو ميلر برتولامي»، عالم الفيزياء الفلكية في معهد الفيزياء الفلكية في لا بلاتا، الأرجنتين، والذي قاد الدراسة النظرية حول كيفية تشكل مثل هذه النجوم، والتي نُشرت في دورية «المنشورات الشهرية للجمعية الملكية لعلم الفلك»، إن النجمان الغريبان هما «أول نجمين من نوعهما» تم رصدهما، وهما نادرين للغاية.

الأقزام البيضاء

الأقزام البيضاء هي نوى النجوم الميتة التي تبرد ببطء. يقول ميلر برتولامي إن شبه الأقزام الساخنة غير شائعة إلى حد ما، وهي نجوم قديمة تحترق بدرجات حرارة أعلى بـ 4 مرات من سطح الشمس، وعلى عكس شمسنا، فهي تدمج الهيليوم في أنويتها بدلاً من الهيدروجين. 

يقول ميلر برتولامي إنه بالنسبة لمعظم النجوم، يتكون ثلاثة أرباعها من الهيدروجين، وربعها من الهيليوم، والقليل من العناصر الأخرى. يدمج النجم أخف العناصر أولاً، لذا فهو يدمج الهيليوم فقط إذا كان قد استهلك الهيدروجين، أو إذا سحبت جاذبية جسم آخر الهيدروجين بعيداً عنه. 

لكن كما لاحظ فريق من علماء الفلك، لا يشبه النجمان المكتشفان حديثاً أشباه الأقزام الأخرى التي تدمج الهيليوم، وذلك وفقاً لتقرير نُشر في نفس الدورية في فبراير/شباط 2022. أدرك الفريق، بقيادة «كلاوس فيرنر»، عالم الفلك في مركز فيزياء الفلك والجسيمات في ألمانيا، أنه لم يرصد نجماً بسطح غني بالهيليوم فحسب، بل رصد أيضاً نجماً غنياً بالكربون والأوكسجين.  

اقرأ أيضاً: تصادمات كونية بين النجوم القزمة البيضاء

نجوم تخالف ما هو مألوف

يقول ميلر برتولامي: «هذا غير شائع للغاية». عادةً ما ينتج النجم الكربون والأوكسجين عن طريق دمج الهيليوم في نواته، ولن تكون هذه العناصر مرئية على السطح. لكن الفريق وجد أن نحو 40% من سطح النجم يتألف من الكربون والأوكسجين.  

يقول ميلر برتولامي: «لا بد من وجود طريقة في هذا النجم لنقل كل هذا الكربون والأوكسجين إلى السطح، وهذا ليس بالأمر السهل».

قام فريق فيرنر، والذي كان يعرف ميلر بيرتولامي من قبل، بالتواصل معه لمحاولة اكتشاف كيف يمكن أن تتشكل هذه الأشياء الغريبة. كان فريق ميلر بيرتولامي يعمل مسبقاً في مشروع مماثل، وتمكن من إظهار كيف يمكن أن يتشكل مثل هذا النجم الغريب. 

وجد ميلر بيرتولامي وزملاؤه أنه يمكن لقزم أبيض أثقل وأغنى بالهيليوم، في ظل الظروف المناسبة، أن يتفاعل مع قزم أبيض أخف وغني بالكربون والأوكسجين. معاً، يمكن أن يخلق هذا الزوج شبه قزم ساخن يجمع مواد كلاهما. 

كان من الممكن أن يتواجد هذان النجمان في نظام ثنائي، بمعنى أن يدوران حول بعضهما بعضاً. يقول ميلر بيرتولامي إنه بمرور الوقت، سيصدر النجمان موجات الجاذبية، وسيدوران في اتجاه بعضها بعضاً حتى يتصادمان. في هذه العملية، سوف يقتربان بدرجة كافية بحيث تؤدي القوى المدية لهما إلى تمزيق أحدهما أو كليهما.  

عادةً ما يقوم النجم الأكثر ضخامة بتدمير النجم الأقل كتلة واستهلاك مادته. في نموذج ميلر برتولامي، دمّر قزم الهليوم الأبيض قزم الكربون والأوكسجين الأخف، وهذا هو السبب الذي جعل أحشاء نجم الكربون والأوكسجين تتناثر على سطحه. 

كان القزمان الأبيضان ميتان سابقاً، أي أنهما لم يكونا يدمجان الذرات لتشكّل عناصر أثقل لإنتاج الطاقة. يقول ميلر بيرتولامي إن حدث الاندماج بين النجمين حفّز تفاعلات الاندماج الجديدة داخل نجم «مولود من جديد»، وهو شبه القزم. 

اقرأ أيضاً: انظر إلى السماء: إنه انفجار نووي!

كيف انقلب هذا النجم؟

يقول «وارن براون»، عالم الفيزياء الفلكية في مركز الفيزياء الفلكية التابع لجامعة هارفارد ومؤسسة سميثسونيان، والذي لم يشارك في أي من الدراستين إن الدراستان تشكّلان «علاقة جيدة بين النظرية والأرصاد»، ويضيف: «القياسات واضحة ومباشرة»، ويبدو التفسير النظري «حلاً رائعاً» للغز رصدي. 

يقول براون إن الأمر المثير للدهشة هو أن هذه النجوم «مقلوبة نوعاً ما». إذ تظهر العناصر الثقيلة التي يتوقع العلماء أن تتشكل في أنويتها (الكربون والأوكسجين) على السطح، في حين أن النوى مليئة بالهيليوم الخفيف. 

يقول براون: «هذا ممكن فيزيائياً، لذا يجب أن يحدث». السؤال هو: ما مدى شيوع هذه الظاهرة؟ بمجرد أن يحصل علماء الفلك على عينة أكبر، أي مئات، أو على الأقل عشرات النجوم، يمكنهم البدء في معرفة مدى شيوع هذه الأنواع من النجوم في المجرة.  

على الرغم من أن هذه الأرصاد غير مسبوقة، فقد يتمكن علماء الفلك قريباً من استخدام أدوات جديدة لاكتشاف أحداث نجمية مماثلة. يقول براون إن هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي (أو «ليسا» اختصاراً) وغيره من أجهزة الكشف عن الموجات الثقالية من الجيل التالي ستكون قادرة على التقاط عشرات الآلاف من الثنائيات النجمية في مجرتنا. عمليات اندماج الأقزام البيضاء مثل هذه ستصدر موجات ثقالية وستوفر عدسة أخرى يمكن من خلالها دراستها.