هل يمكن للبشر العيش في أنفاق القمر يوماً ما؟

2 دقيقة
استخدم الباحثون البيانات التي جمعتها المركبة المستكشفة القمرية المدارية التابعة لوكالة ناسا في عام 2010.

مشى رواد فضاء وكالة ناسا على سطح القمر خلال مهمات أبولو، ومن المرجح أن يمشوا عليه مجدداً في غضون سنوات قليلة في برنامج أرتميس. الآن، يبدو أن هناك أدلة جديدة تؤكد أن البشر قد يستكشفون يوماً ما باطن القمر، بل وربما يعيشون أو يعملون فيه. وفقاً لنتائج دراسة نشرتها مجلة نيتشر أسترونومي (Nature Astronomy) بتاريخ 15 يوليو/تموز 2024، يعتقد فريق دولي من الباحثين يقوده أساتِذة من جامعة ترينتو الإيطالية أنه أثبت أخيراً وجود أنفاق تحت سطح القمر.

شبكات الكهوف القمرية

وضع علماء الفلك نظريات حول شبكات الكهوف القمرية على مدى أكثر من 50 عاماً، لكن وجودها كان موضع جدل منذ فترة طويلة. اكتشف الباحثون عام 2009 حفرة عميقة في القمر تدعم الفرضية التي تنص على أن الأنفاق قد تتشكل عندما تبرد الحمم البركانية تحت السطح. لكن الأدلة الجديدة هي أول أدلة يبدو أنها تثبت وجود قنوات أطول.

اقرأ أيضاً: ما التأثير الذي قد يُحدِثه البشر في القمر بسبب رحلاتهم إليه؟

راجع الخبراء مسوح حفرة تقع في منطقة بحر السكون (Mare Tranquillitatis) بالاستفادة من التطورات الحديثة في مجال تحليل معالجة الإشارات، وهي مسوح أجرتها أداة الترددات الراديوية المصغرة (Mini-RF) على متن المركبة المستكشفة القمرية المدارية (ريكونيسينس) التابعة لوكالة ناسا عام 2010. بناءً على رصد هذه الانعكاسات الرادارية، يعتقد الباحثون أنهم اكتشفوا فتحة يستطيع رواد الفضاء الوصول إليها.

يقول الباحث في جامعة ترينتو، ليوناردو كارير، في بيان مرافق للدراسة: "تمكنا بفضل تحليل البيانات من إنشاء نموذج لجزء من القناة. التفسير الأكثر ترجيحاً لأرصادنا هو وجود أنبوب حمم فارغ".

وفقاً لبيان إضافي أصدره الباحث الرئيسي المسؤول عن أداة الترددات الراديوية المصغرة في مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية، ويس باترسون، تبيّن الورقة البحثية الجديدة كيف يمكن استخدام بيانات الرادار بطرق جديدة ومبتكرة، فضلاً عن أنها تبرز "أهمية الاستمرار في جمع بيانات الاستشعار عن بُعد حول القمر".

إمكانية إقامة البشر على القمر

في حين أن الخطط الأولية حول إقامة البشر الدائمة في القمر ترتكز على إنشاء قاعدة عمليات فوق سطحه، قد يعتمد الحفاظ على الصحة الطويلة الأمد لهؤلاء البشر على العيش في أنظمة الأنفاق مثل تلك الموجودة في منطقة بحر السكون. وكما ذكّرت المركبة الذكية الهابطة لاستكشاف القمر اليابانية (SLIM) العالم مؤخراً، فإن بيئة القمر هي بيئة قاسية للغاية، حتى بالنسبة للآلات. يمكن أن تصل درجات الحرارة خلال النهار القمري إلى 126 درجة مئوية، بينما تنخفض درجة الحرارة خلال الليالي القمرية التي تدوم أسبوعين إلى نحو 173- درجة مئوية. من ناحية أخرى، فإن القصف الإشعاعي الشمسي والكوني للقمر أشدّ بما يصل إلى 150 ضعفاً من نظيره على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، القمر معرّض دائماً لخطر أحداث اصطدام النيازك، ما يعني أن الاختباء في أنفاق الحمم البركانية هذه يمكن أن يوفّر الأمان الذي تشتد الحاجة إليه لأي شخص سيقيم طويلاً على سطح القمر أو تحت سطحه.

اقرأ أيضاً: كيف ستساعد محطات الطاقة الشمسية حول القمر على توفير مصادر هائلة من الطاقة النظيفة؟

على الرغم من أن درجات الحرارة لن تكون مناسبة أكثر في هذه القنوات، يمكن أن تحمي هذه الأخيرة رواد الفضاء من الإشعاعات والحطام الفضائي بفاعلية. يمكن أيضاً استخدام هذه الشبكات للتنقيب عن الموارد القمرية القيّمة مثل المعادن وحتى مكامن الجليد التي قد تكون هناك. سيخفّض فعل ذلك التكلفة ويقلل الخدمات اللوجستية اللازمة بمقدار كبير مقارنة بسيناريو نقل المواد من الأرض.