مهمة جوس الفضائية ستبحث عن آثار للحياة على أقمار كوكب المشتري

مهمة جوس
حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث/ مركز الفضاء الألماني.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سترسل وكالة الفضاء الأوروبية قريباً مركبة “جوس” (JUICE) أو “مستكشفة أقمار المشتري الجليدية” في مهمة لاستكشاف كوكب المشتري و3 من أقماره البالغ عددها 79، وهي “أوروبا” و”كاليستو” و”غانيميد”.

استعدادات الإطلاق المقبل لمركبة جوس الفضائية

يُخطط لإطلاق هذه المركبة في أبريل/نيسان 2023، وستنطلق على متن صاروخ “آريان 5” قبل الشروع في رحلة مدتها 7.6 سنة للوصول إلى العملاق الغازي. ستستخدم المركبة عدة “مساعِدات بالجاذبية”، وهي  الاندفاعات الناتجة عن جاذبية الأجرام السماوية والتي تساعد على ضبط سرعة المركبة الفضائية ومسارها، من كوكبي الزهرة والأرض، وسوف تحمل بعضاً من أدق أدوات الاستشعار عن بعد والأدوات الجيوفيزيائية التي تم إرسالها على الإطلاق إلى المجموعة الشمسية الخارجية.

الشهر الماضي، تم اختبار نموذج بمقياس 1:18 للمركبة في مركز اختبار وكالة الفضاء الأوروبية في هولندا لتجربة أحد الأدوات، وتُدعى “رايم” (أو “رادار استكشاف الأقمار الجليدية”، RIME). هذه الأداة مزوّدة برادار لاختراق الجليد وهوائيات يبلغ طولها 15.8 متراً لرسم خريطة للبنية تحت السطحية لهذه الأقمار، من مسافة تصل إلى 9 كيلومترات تقريباً.

وضع النموذج في غرفة مبطنة بجدران معدنية تحجب إشارات الراديو الواردة وطلاء رغوي أسود شائك يمتص إشارات الراديو الداخلية أو الإشارات الصادرة. ساعدت هذه التجربة فريق مركبة جوس على محاكاة كل من الفراغ الشاسع في الفضاء والتحديات التي يمكن أن تواجهها المركبة أثناء المهمة.

اقرأ أيضاً: ما هو مفهوم حزام الكويكبات؟

مهمة جوس: مهمة فريدة من نوعها

يقول “أوليفييه ويتاس“، عالم المشروع في مهمة جوس: “نحن لا نرسل المركبات إلى كوكب المشتري كثيراً، وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لوكالة الفضاء الأوروبية، لهذا فهذه مهمة كبيرة بالنسبة لنا”، ويضيف: “رؤيتنا هي فهم ما إذا كانت [الأماكن المستهدفة] تحتوي على ما نسميه ‘الأماكن الصالحة للعيش’ حول كوكب المشتري”.

وفقاً لويتاس، لطالما كان المريخ وجهة بحثية مثيرة في البحث عن الحياة، لكن العوالم الجليدية لها أيضاً إرث من الظروف الواعدة. يقول ويتاس: “منذ عشرين عاماً، اكتشفنا أن هناك الكثير من المياه السائلة تحت أسطح [العوالم الجليدية]، ولم تكن مفاجأة كبيرة”.

أُرسلت مسابير فضائية لدراسة المشتري منذ أوائل السبعينيات، ولكن في العام المقبل، ستكون مركبة جوس أول مركبة تدور حول أقمار الكوكب. سترفع هذه المهمة، جنباً إلى جنب مع مهمة “جونو” التابعة لوكالة ناسا، والتي تم تمديد مهمتها حتى عام 2025، العدد الإجمالي لمسابير الفضاء الخاصة بكوكب المشتري إلى 10، ما يجعله واحداً من أكثر المواقع زيارة في جوارنا الكوني.

اقرأ أيضاً: «يوروبا»: قمر المشتري يضيء باستمرار وبعيداً عن الشمس

بيئات نظام كوكب المشتري الخاصة

أحد أسباب بقاء كوكب المشتري وأقماره وجهات بحث شائعة هو موقعها في “النظام الجوبيتريّ”  (أو نظام كوكب المشتري، أي الكوكب وكل ما حوله من أقمار)، والمعروف بتنوع بيئاته الواسع. يمكننا من خلال دراسة أقمار كاليستو وأوروبا وغانيميد، وهي الأماكن التي يشتبه العلماء بالفعل في وجود محيطات داخلية فيها، اكتشاف معلومات تفصح عن أدلة جديدة حول قابلية العيش في العوالم الجليدية.

سيكون الهدف الرئيسي لمركبة جوس، إلى جانب التحقيق في الظروف الخاصة بكيفية نشوء هذه البيئات الصالحة للسكن، هو رصد الغلاف الجوي لكوكب المشتري والغلاف المغناطيسي له، وهي المنطقة التي يسيطر عليها الحقل المغناطيسي للكوكب. لكن هنا ستصبح الأمور صعبة. يجب أن تكون مركبة جوس قادرة من أجل نجاح المهمة على تحمل الإجهاد المادي لكونها قريبة جداً من العملاق الغازي.

يقول “مايكل سمرز“، أستاذ علوم الكواكب وعلم الفلك في جامعة “جورج ميسون”: “على الأرض، يحمينا الغلاف المغناطيسي من الجسيمات المشحونة التي تصدرها الشمس”، ويضيف: “لكن يمتلك كوكب المشتري حقلاً مغناطيسياً أشد بكثير من نظيره الخاص بالأرض”.

وفقاً لسمرز، فإن الغلاف المغناطيسي الأكبر للمشتري، والذي يدعى أيضاً “الحزام الإشعاعي”، قوي جداً لدرجة أنه يمكن أن يلحق أضراراً كبيرة بالأجهزة الحساسة التي تحملها المركبات الفضائية على متنها. صُممت جوس بهدف تجنب ذلك خصيصاً لتناسب بيئة المشتري القاسية. تحمي مئات الكيلوغرامات من دروع الألومنيوم السميكة المناطق الأكثر حساسية للمركبة، كما يخطط العلماء إلى إبقاء المركبة خارج حزام الإشعاع الرئيسي للكوكب في معظم عمليات مهمتها من خلال عدم إرسالها مطلقاً تحت مدار قمره أوروبا.

لكن كما هو الحال مع أي تجربة، ليس مضموناً حدوث السيناريو المثالي. يقول سمرز: “على الرغم من أننا نعلم أننا سنفاجأ، وأننا نحاول التفكير في كل الأمور التي قد تفاجئنا، إلا أننا ما زلنا متفاجئين”.

اقرأ أيضاً: ما الذي تكشفه أقمار النظم الشمسية الأخرى عن الكواكب الغازية؟

التطورات التكنولوجية تجعل المستحيل واقعاً

يقول سمرز إنه قبل عقد من الزمان، كان من المستحيل تحقيق مهمة مثل جوس تقريباً. لكن مع التطورات التكنولوجية الجديدة وإطلاق مشاريع مماثلة خاصة بالفضاء السحيق مثل “نيو هورايزونز”، فإن سمرز متفائل بأن المهمة، رغم كونها صعبة، ستكون ناجحة.

يقول سمرز: “كل من يهتم بالعلوم يريد أن يعرف ما إذا كنا وحدنا في الكون”، ومع مهمة جوس، يتوقع الباحثون أن يكون اليوم الذي يمكننا فيه الإجابة عن هذا السؤال أقرب مما نعتقد.