يطلق الظربان المرقط الغربي رائحة كريهة. إنه ظربان على أي حال. ولكنه جذاب أيضاً. انظر إلى وجه هذا الحيوان الصغير:
كلنا سنقول بدهشة وبصوت واحد: أووووه.
يسرق هذا الظربان ذو البأس الشديد الطعام مباشرة من الأسد الأمريكي، مع أن حجم الأسد الأمريكي أكبر من حجمه بمائة ضعف. وليست الروائح الكريهة التي يطلقها الظربان عند إحساسه بالخطر هي كل ما يميزه، فهو يقف على قوائمه الأمامية ويوجه مؤخرته تجاه مصدر التهديد.
عموماً، هذه الحيوان مذهل. ولكن له تاريخ مثير. ففي دراسة نشرت في أوائل مايو عام 2017، في مجلة البيئة والتطور Ecology and Evloution، وجد علماء الأحياء أنه ومن وجهة نظر وراثية، يوجد ثلاثة تقسيمات فرعية بارزة للظربان المرقط الغربي في أمريكا الشمالية. ومع أن جميع أنواع الظربان المرقط الغربي تنتمي إلى نفس النوع، فإن هناك بعض التغيرات الجينية بين هذه التقسيمات، تسمى الفروع الحيوية. وفي حين أن بعض الفروع الحيوية تبرز في أنواع تفصل بينها حواجز كسلاسل الجبال والأنهار، وجد العلماء أن التقسيمات بين الفروع الحيوية للظربان كان لها جذور أعمق بكثير.
اقرأ أيضا: ما هي إيجابيات تغير المناخ؟
يقول آدم فيرغيسون المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأحياء في المتحف الميداني للتاريخ الطبيعي: "لقد كان الظربان المرقط الغربي موجوداً من حوالي مليون سنة، منذ العصر الجليدي البليستوسيني. وخلال العصر الجليدي كان غرب أمريكا الشمالية مغطى تقريباً بالأنهار الجليدية. وكان هناك مناطق مناخية ملائمة للظربان تفصل بينها مناطق مناخية أخرى غير ملائمة. وتدعى هذه المناطق بالملاذ المناخي. وعندما حللنا الحمض النووي للظربان المرقط الحالي وجدنا ثلاث مجموعات تتطابق مع ثلاثة ملاذات مناخية". وهذا يعني أن أنواع الظربان في كاليفورنيا وكولورادو قد تعود للفرع الحيوي نفسه، رغم أن مناطقها منفصلة بجبال شاهقة. وذلك لأن أسلافها لجأت من الأنهار الجليدية في نفس المنطقة. ومن ناحية أخرى، عُزلت بعض الفروع الحيوية -كما هو الحال في أريزونا- من حيوانات ظربان أخرى عندما انحسرت الأنهار الجليدية بسبب تشكل أنهار مثل نهر ريو غراندي.
يقول فيرغيسون: "يملك التغير المناخي البشري اليوم القدرة على تغيير جينات الظربان مرة أخرى. فالتغيرات التي يسببها الإنسان للمناخ أو الطبيعة قد تكسر بعض الحواجز -كالمراعي- التي تعزل تجمعات هذا الظربان، ما يعني أن أعداداً مختلفة من هذه الفروع الحيوية ستتداخل مرة أخرى في المستقبل".
لقد استغرق الأمر عدة سنوات لجمع 97 عينة من أجل عمل إتمام الدراسة. وعندما انضم فيرغيسون للمشروع في جامعة تكساس للتكنولوجيا عام 2007، ضم المختبر الذي كان يعمل فيه 30 عينة من الظربان المرقط الغربي. وقد استغرق الأمر ست سنوات أخرى لجمع الـ 67 عينة الأخرى من مستودعات المتحف، وعينات الدم المأخوذة من دراسات أخرى، والحيوانات المقتولة بحوادث السيارات. كان طول مدة جمع العينات يعود جزئياً إلى كون الظربان حيوان ليلي تماماً، ويفضل الحركة بين الشجيرات والأجمات، ما يجعل الإمساك به أثناء النهار أمراً صعباً. كما أن جمع العينات استغرق المزيد من الوقت لأن التقاط الظربان المقتول بحوادث السيارات على طرقات تكساس ليس عملاً ممتعاً. يقول فيرغيسون: "نحن مدينون بالشكر الجزيل للأشخاص الذين قاموا بهذه المهمة لأجلنا".
اقرأ أيضا: حين أمطرت السماء دماً، وظواهر مناخية أخرى