كيف يمكنك أن تساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي للعناكب؟

8 دقيقة
كيف يمكنك أن تساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي للعناكب؟
العناكب هي من الحيوانات الأقل شعبية في العالم، على الرغم من أنها غير ضارة عموماً ومفيدة للغاية غالباً (وجميلة أحياناً). ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أنا مهووسة بالعناكب القافزة، ولكن لم أكن دائماً كذلك.

وعلى الرغم من أنني لم أكره العناكب أبداً ولا أعاني رهاب العناكب، كانت مشاعري تجاهها متفاوتة خلال معظم حياتي. بعد ذلك، تعلّمت عن هذه الكائنات، وكتبت التقارير عن حاسة البصر المثيرة للإعجاب التي تتمتّع بها (التي تعادل جودة حاسة بصر القطط من بعض النواحي) وذكائها المفاجئ (إذ إنها قادرة على التخطيط) واكتشاف أنها تمر بمرحلة نوم حركة العين السريعة (وأنها قد تحلم أيضاً). تعلقتُ منذ ذلك الحين بهذه الكائنات، وتعلمتُ أيضاً أن أعدادها قد تكون آخذة في التراجع.

وفقاً لعالمة الأحياء السلوكية التي تدرس العناكب القافزة في جامعة كانتربري في مدينة كرايست تشرتش النيوزيلندية، هيمينا نيلسون، كان من السهل العثور على العناكب القافزة خلال دقائق في الغابات الاستوائية. ولكن تغير ذلك بالنسبة لبعض الأنواع خلال العقدين المنصرمين. تقول نيلسون: “قد لا تتمكن من العثور على هذه العناكب على الإطلاق أحياناً”.

اقرأ أيضاً: خوفاً من الهلاك: ذكور نوع من العناكب تطور قدرة على الهرب من الأنثى بعد التزاوج

في الواقع، ووفقاً لعالم أحياء الحفاظ على البيئة في جامعة لشبونة، بيدرو كاردوسو، يبدو أن مختلف أنواع العناكب يختفي في أنحاء العالم كافة. أجرى كاردوسو وزميله استطلاعاً شمل مائة من خبراء العناكب والمهتمين بها على مستوى العالم حول التهديدات التي تواجه هذه الحيوانات. ويقول: “هناك إجماع إلى حد ما بين الخبراء والمهتمين على أن شيئاً ما يحدث لجماعات العناكب”.

مع ذلك، ليست هناك بيانات رصينة تدعم هذا الادعاء، ولكن ما سبب ذلك؟ هناك عدد من الأسباب على الأرجح، ولكن يُطرح سبب محتمل واحد على نحو متكرر في محادثاتي مع علماء العناكب، وهو أن البشر يكرهون العناكب للغاية. وهي مكروهة حتى من بين الحيوانات الأقل شعبية في العالم. لاحظ الباحثون في دراسة حديثة أن الناس يعتقدون أن العناكب هي أسوأ مزيج من الكائنات المرعبة والمثيرة للاشمئزاز على الإطلاق؛ إذ إنها تتفوق على الأفاعي والزنابير واليرقات الدودية والصراصير.

من البديهي أن يدفع ذلك الأشخاص إلى قتل العناكب التي تدخل منازلهم. ولكن إذا كان نفور البشر من العناكب سيفرض صعوبات على العلماء في الحصول على التمويل الضروري لدراستها، كما يعتقد البعض، فهو إذاً يمثّل مشكلة واضحة للعناكب أيضاً. لا توجد كمية كافية من البيانات حول أغلبية أنواع العناكب التي قد تكون معرّضة لخطر الانقراض تبيّن ضرورة حماية هذه الأنواع. لا يمكننا مساعدة العناكب إن لم نعرف ما الأنواع التي تحتاج إلى المساعدة أو أين تعيش ولماذا تتراجع أعدادها. وإن لم تكن مهتماً بتراجع العناكب انطلاقاً من الحرص عليها، خذ في الاعتبار أن انخفاض أعدادها له تبعات سيئة على مختلف الحيوانات، ومنها البشر.

اقرأ أيضاً: العناكب شركاء سكن رائعون

هناك أسباب مقنعة تدفعنا للاهتمام بهذه الكائنات. أولاً، لا تلدغ الأغلبية الساحقة من العناكب البشر أو تؤذيهم، على الرغم من الانتشار الواسع للمعلومات المضللة في وسائل الإعلام التي تدفعك للاعتقاد بأن أغلبية العناكب تؤذي البشر. في الواقع، هناك عدد منخفض للغاية من أنواع العناكب التي تعد خطيرة للإنسان. بدلاً من استهداف الإنسان، تفترس العناكب الحشرات، مثل البعوض والصراصير والمن، التي تضر بالفعل بالبشر وحدائقهم وحقولهم. العناكب هي مكافحات طبيعية ممتازة للآفات، لكنها تقع غالباً ضحية المبيدات الحشرية التي تستهدف تلك الآفات الحشرية نفسها. تضر هذه المواد السامة بالبشر أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك، العناكب هي مصدر غذاء مهم للطيور والأسماك والسحالي والثدييات الصغيرة. هناك أيضاً إمكانات غير مستغلّة يمكننا الاستفادة منها يوماً ما، إن لم تختف العناكب أولاً، مثل التطبيقات الصيدلانية وتلك المتعلقة بمكافحة الآفات، التي تعتمد على المركّبات الموجودة في سموم العناكب، فضلاً عن التطبيقات الطبيّة والهندسية المعتمدة على حرير العناكب المتين للغاية.

لن يساعد أي مما سبق على التغلّب على النفور العميق الذي يشعر به الكثيرون تجاه العناكب على الأرجح. مشاعر الخوف والاشمئزاز شديدة ومحددة للغاية لدرجة أن بعض العلماء اقترح أن العناكب تمثّل فئة معرفية فردية في عقولنا. إذا طلبت من الأشخاص تسمية نوع من الرهاب، على الأرجح أن أول نوع يخطر في بالهم هو رهاب العناكب.

ولكن قد تكون هناك طريقة لمعالجة عداء البشر للعناكب والنقص في البيانات حولها في الوقت نفسه، وهي إحصاء العناكب.

تغيير القناعات

لا شك في أن عوام الناس مستعدون لإحصاء الحيوانات لأهداف علمية. شارك أكثر من نصف مليون شخص في مشروع يحمل اسم مشروع إحصاء طيور الفناء الخلفي الكبير السنوي (Great Backyard Bird Count) في عام 2023، الذي اكتُشف فيه أكثر من 7,500 نوع على مدار 4 أيام في شهر فبراير/شباط. بالطبع، البشر يحبّون الطيور للغاية.

لكن وفقاً لعالمة البيئة في مركز المملكة المتحدة للبيئة وعلم المياه في بلدة والنغفورد والمؤلفة المشاركة لورقة بحثية نُشرت في مجلة المراجعة السنوية لعلم الحشرات (Annual Review of Entomology) عام 2022 وهدفت لتقييم إمكانات علوم المواطنين، هيلين روي، أثبت علم المواطنين، أو علم المجتمع، نجاحه في المشروعات الصغيرة المتعلقة بالحشرات واللافقاريات الأخرى. يقدّم هذا المجال البحثي فرصة للأشخاص للمشاركة في الأبحاث العلمية، وليصبحوا خبراء محليين أيضاً. تقول روي: “هناك الكثير من الاكتشافات التي يُمكن أن تُنجز حول المنازل. وأعتقد أن هذا المسعى مثير للحماس للغاية”.

عملت روي مؤخراً مع أحد طلاب الدراسات العليا الذي تلّقى نحو 3 آلاف طلب للمشاركة في مشروع علمي للمواطنين حول التنوّع البيولوجي للرخويات. استكشف الأشخاص الستون المحظوظون الذين قُبلوا في المشروع حدائقهم خلال الليل مدة 30 دقيقة كل 4 أسابيع على مدار عام واحد بهدف جمع البزّاقات والحلزونات ومحاولة تحديد أنواعها، ثم إرسال هذه الكائنات وهي على قيد الحياة إلى العلماء. لم يستمتع المشاركون بهذه المهمة فحسب، بل إنها ساعدتهم على تصحيح بعض الافتراضات الخاطئة لديهم حول هذه الحيوانات الصغيرة اللزجة. تقول روي: “ليست هذه الحيوانات جميعها آفات. وتوفّر مشروعات علم المواطنين فرصة رائعة للغاية لتغيير قناعات الناس”.

اقرأ أيضاً: ذكور هذه العناكب الوثابة ترقص لجذب انتباه الإناث

هل يمكن إنجاح مشروع مشابه يتعلق بالعناكب أيضاً؟ بيّن الخبراء في متحف التاريخ الطبيعي في المملكة المتحدة في لندن بالفعل أن ذلك ممكن على المستوى الوطني، وذلك من خلال مشروع أسبوعي العنكبوت البدين (Fat Spider Fortnight) الذي أجرته منصة آي ناتشوراليست (iNaturalist)، وهي منصة شعبية على الإنترنت متخصصة بتوثيق أنواع النباتات والحيوانات وغيرها من خلال التعهيد الجماعي.

أسهم المئات من المملكة المتحدة في عام 2021 بأكثر من 1,250 مشاهدة لـ 11 نوعاً من العناكب الكبيرة نسبياً التي استهدفها المشروع، ومنها العنكبوت الأخضر الغازل للشباك وعنكبوت السلطعون الزهري. ستُضاف المدخلات الجديدة إلى برنامج تسجيل العناكب التابع للجمعية البريطانية لعلم العناكب، الذي يجمع المشاهدات منذ عام 1987.

طلب القائمون على مشروع أسبوعي العنكبوت البدين، وهو أحد مشروعات علم المواطنين أجري في المملكة المتحدة، من المشاركين الإبلاغ عن المشاهدات لـ 11 نوعاً من العناكب الكبيرة نسبياً، ومنها العنكبوت الأخضر الغازل للشباك المبيّن في هذه الصورة. يُعد هذا النوع نادراً في بريطانيا، لكن يبدو الآن أن نطاقه يتوسّع. المصدر: أليكسس/آي ناتشوراليست يو كيه
طلب القائمون على مشروع أسبوعي العنكبوت البدين، وهو أحد مشروعات علم المواطنين أجري في المملكة المتحدة، من المشاركين الإبلاغ عن المشاهدات لـ 11 نوعاً من العناكب الكبيرة نسبياً، ومنها العنكبوت الأخضر الغازل للشباك المبيّن في هذه الصورة. يُعد هذا النوع نادراً في بريطانيا، لكن يبدو الآن أن نطاقه يتوسّع. المصدر: أليكسس/آي ناتشوراليست يو كيه

هناك أسباب منطقية تشير إلى أن التعلّم عن العناكب يمكن أن يغيّر شعور الناس تجاهها، حتى في الحالات المتطرفة. كانت الكاتبة الأسترالية، لين كيلي، تخاف من العناكب لدرجة أن مجرد الذهاب للتنزه أو قضاء الوقت في حديقتها كان صعباً. لكنها تمكّنت من التغلّب على رهابها من العناكب، وليست لديها حالياً مشكلة في وجود العناكب في حديقتها وحتى في منزلها.

تقول كيلي، التي ألّفت كتاباً عن تخلّصها من هذا الرهاب، إن التعلّم عن العناكب أحدث فرقاً. أصبح التنبّؤ بسلوك هذه الحيوانات أسهل بالنسبة إلى لين بعد أن تمكّنت من تحديد أنواعها وفهم عاداتها. وبدأت تنظر للعناكب المنزلية على أنها كائنات غير ضارة تشاركها منزلها، وفي النهاية، باتت تعتبرها كائنات صديقة. تقول كيلي: “إحدى الطرق الفعّالة التي اتبعتها هي أني منحت العناكب أسماء، ما جعلني أنظر إلى كل عنكبوت على أنه فرد. لم أعد أقول ‘يا إلهي، إنه عنكبوت!’، بل أصبحت أقول ‘ها هو فريد'”.

قد تتغيّر مشاعر كارهي العناكب أيضاً بعد التعرّف على العناكب التي تعيش بالقرب من منازلهم. وهذا ما حدث للمهندس المقيم في مدينة سان دييغو، راندي سوبجاك، بعد أن وجد عنكبوتاً في مدخل بيته عام 2019.

يقول سوبجاك: “شعرتُ بالرعب قليلاً عندما رأيته”. بعد ذلك، بحث سوبجاك على الإنترنت وعثر على مجموعة على موقع فيسبوك مخصصة لتحديد أنواع العناكب، وحمّل صورة إليها. ينتمي العنكبوت إلى نوع يحمل اسم ستياتودا نوبيليس (Steatoda nobilis). وقرأ سوبجاك أن هذا النوع ليلي. يقول سوبجاك: “خرجت من المنزل في تلك الليلة وفوجئت بما رأيت. كانت العناكب في كل مكان”.

أثار شيء ما حول اكتشاف هذا العالم الخفي من العناكب فضول سوبجاك، الذي يقول: “أصبحت مهووساً مباشرة بالتعلّم عن العناكب”. منذ ذلك الحين، أصبح سوبجاك داعية للعناكب وأسس مجموعة خاصة به على فيسبوك يساعد من خلالها مواطني سان دييغو على التعرّف على العناكب المحلية والتعلّم عنها. لاحظ سوبجاك أن الحصول على قدر بسيط من المعلومات يمكن أن يدفع الأشخاص إلى إخراج العناكب من المنازل بدلاً من قتلها دائماً عند رؤيتها. ويقول: “أعتبر أن الامتناع عن قتل العناكب إنجاز كبير”.

اختبرت عالمة البيئة، بريا مارتي، التي تعد نفسها سفيرة للعناكب، إن كان من الممكن أن يغيّر التعلّم عن العناكب مشاعر الناس تجاه هذه الحيوانات، وذلك في مشروع أطروحتها للماجستير في جامعة ولاية تكساس في مدينة سان ماركوس. عملت مارتي مع طلاب جامعيين طلبت منهم العثور على العناكب وتحديد أنواعها باستخدام دليل مصور ثم تحميل الصور على موقع منصة آي ناتشوراليست.

أجرت مارتي، وهي حالياً طالبة في مرحلة الدكتوراة في جامعة تكساس أيه آند إم في مدينة كوربوس كرستي، استطلاع رأي بين المشاركين قبل النشاط وبعده ولاحظت نتيجة مميزة واحدة، وهي أن المشاركين أبلغوا عن أنهم أقل عرضة لأن يكون لديهم رد فعل سلبي تجاه العناكب بعد النشاط. تقول مارتي: “تساعد المشاركة في نشاط من هذا النوع كثيراً في التخلّص من الخوف”.

يقول منسق خدمات العملاء والدعم في منصة آي ناتشوراليست، توني آيوين، الذي يصف نفسه بأنه عاشق للعناكب، إنه من المعروف أن هذا النوع من التغير السلوكي يحدث مع مستخدمي آي ناتشوراليست. وجّهني آيوين إلى موضوع في منتدى المناقشة الخاص بالموقع حول الطريقة التي ساعد وفقها إسهام الناس في المنصة على التغلّب على خوفهم من العناكب، حيث شارك المستخدمون أسماء الأنواع التي يصفونها بعناكب “المدخل” التي غير التعلّم عنها مشاعرهم.

بالنسبة للمستخدمة @mira_l_b، النوع الذي غيّر نظرتها تجاه هذه الحيوانات هو تالافيرا مينوتا، وهو نوع من العناكب الصغيرة للغاية ينتمي إلى فصيلة العناكب القافزة. كتبت هذه المستخدمة: “إذا تمكّنتُ من مواجهة مخاوف دامت طيلة حياتي وملاطفة العناكب القافزة الصغيرة، فسيستطيع أي أحد التغلّب عن رهاب العناكب”.

عندما اكتشفت أخيراً كيف يمكنني العثور على العناكب القافزة في الحي الذي أعيش فيه، أصبحت هذه العناكب محببة أكثر بالنسبة لي بسبب ذلك. تقفز هذه العناكب أحياناً قبل أن أتمكّن من مراقبتها عن كثب والتعرّف على نوعها أو التقاط صورة لها باستخدام هاتفي، ولكنها تتوقّف عن القفز في أحيان أخرى وتلتفت وتنظر إلي مباشرة. هناك شيء ما يدهشني في النظر مباشرة إلى حيوان مختلف للغاية عن البشر لا يتجاوز طوله نصف سنتيمتر. بالإضافة إلى ذلك، تبدو هذه العناكب جميلة للغاية في الصور.

إحصاء العناكب

إذا كانت نسبة ضئيلة من الأشخاص الذين يحصون الطيور على استعداد لإحصاء العناكب أيضاً، هل سيؤدي ذلك إلى جمع كمية من البيانات كافية لإحداث فرق ملموس؟ يعتقد عالم العناكب الذي يدرس تطور التنوع البيولوجي للعناكب في متحف جامعة بيرغن في النرويج، ديميتار ديميتروف، أن ذلك ممكن بالفعل.

أعرب ديميتروف خلال مقابلة عام 2021 لمقال حول قدرة العناكب على الإدراك عن أسفه بسبب قلة كلٍّ من الاهتمام العلمي بالعناكب والتمويل الذي تتلقاه الدراسات حولها مقارنة بالحيوانات الأخرى مثل الطيور قائلاً: “أعتقد أن عدد علماء الطيور أكبر من عدد أنواع الطيور في العالم”. سألته إذا كان بالإمكان استخدام علم المواطنين لسد هذه الفجوة في البيانات حول العناكب، وجاوبني قائلاً: “لا شك في ذلك، أعتقد أن هذه هي الطريقة الأنسب”.

أضاف ديميتروف قائلاً إن العلماء لا يمتلكون الكثير من المعلومات عن العناكب، وإن تنوعها البيولوجي يتراجع بسرعة كبيرة، وإنه حتى مستوى التمويل الذي تستطيع الحكومات الوطنية تخصيصه لدعم الدراسات في مجالات العلوم التقليدية لا يكفي للتعامل مع حجم هذه المشكلة وإلحاحها. وقال أيضاً إن إشراك عوام الناس في هذه الجهود يمكن أن يحدث تأثيراً كبيراً في وقت قصير.

قال ديميتروف: “يستطيع هؤلاء الأشخاص الذين يجرون عملية جمع المعلومات على أنها هواية في وقت فراغهم خلال فترات قصيرة وموزّعة الإسهام بكمية هائلة من المعلومات التي ستساعدنا على الأرجح على إحداث تغيير نوعي فيما نعرفه عن الطبيعة والتنوع البيولوجي“.

بالطبع، تحديد أنواع العناكب ليس مثل تحديد أنواع الطيور. العناكب هي كائنات ليلية بأغلبها، ويمكن أن تكون حياتها قصيرة وذات نمط موسمي، ما قد يتطلّب إحصاء أعدادها أكثر من مرة سنوياً. ولا يمكن تحديد النوع دون فحص الأعضاء التناسلية تحت المجهر في العديد من الحالات. لا تقلق، لن يطلب منك أحد فعل ذلك؛ إذ يستخدم علماء العناكب وعشاقها، مثل سوبجاك، الصور الواضحة غالباً لتحديد جنس العناكب (وأحياناً نوعها). يقول ديميتروف إن مجرد تحديد العائلة التي ينتمي إليها العنكبوت، أي تحديد إن كان ينتمي إلى عائلة العناكب الغازلة المدارية أو العناكب الممشطة على سبيل المثال، يمكن أن يمنح الباحثين بيانات علمية مفيدة.

اقرأ أيضاً: 13 خرافة عن الحشرات يكشف العلم حقيقتها

كان كاردوسو متحمساً عندما سألته عن إمكانية إطلاق مشروع علمي للمواطنين على مستوى العالم يهدف إلى جمع البيانات حول العناكب. ويقول: “أعتقد أن هذا المشروع سيكون رائعاً للغاية، وما علينا سوى إشراك الحد الأدنى المطلوب من جامعي البيانات في بلدان مختلفة لإطلاق مشروع كهذا”.

ربما قد تكون واحداً من هؤلاء إذا أُطلق مشروع عالمي لإحصاء العناكب. وحتى ذلك الحين، ابحث حول منزلك أو حديقتك عن بعض العناكب وحمّل صوراً لها وتعرّف على أنواعها.

أعرف أن العناكب ليست جذابة للجميع كما الحال بالنسبة للطيور؛ إذ إنها لا تمتلك الريش الجميل ولا تغنّي الأغاني الجميلة. ولكنها لن تطير بعيداً عندما تحاول تصويرها، خاصة إذا كانت في شباكها.

وإذا وجدت عنكبوتاً قافزاً، فقد يلتفت إليك وينظر مباشرة إلى الكاميرا، جاهزاً لتلتقط له صورة قريبة.