تشتهر البرمائيات بألوانها الزاهية ونقيقها المنخفض المستوى الشبيه بالخوار والذي يُنبئ بهطول الأمطار عادة. قد تصدر أنواع أخرى من الضفادع أصواتاً لا يستطيع البشر سماعها، علاوة على أن هذه الأصوات قد تكون شديدة للغاية. تصف دراسة نُشرت بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2024 في مجلة أكتا إيثولوجيكا (Acta Ethologica) كيف يكمن أن يصدر بعض البرمائيات في أميركا الجنوبية أصواتاً في طيف الموجات فوق الصوتية دفاعاً عن النفس ضد الحيوانات المفترسة.
أصوات في طيف الأمواج فوق الصوتية
الأصوات الطبيعية ذات الموجات فوق الصوتية هي أصوات تصدر بترددات عالية للغاية لا يستطيع البشر سماعها. لا يستطيع البشر سماع الأصوات ذات الترددات التي تزيد على 20 كيلو هرتز. يستخدم بعض الثدييات البحرية والخفافيش والقوارض الموجات فوق الصوتية للتواصل وتحديد مكان الطعام؛ كما يستطيع بعض الحيوانات البرمائية المفترسة إصدار أصوات بهذه الترددات وسماعها.
قالت عالمة البيئة في معهد علم الأحياء التابع لجامعة كامبيناس الحكومية في ولاية ساو باولو البرازيلية والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، أوبيراتا فيهيرا سوزا، في بيان صحفي: "تنص إحدى فرضياتنا على أن نداء الاستغاثة موجه إلى بعض هذه المفترسات؛ ولكن من المحتمل أن نطاق التردد الواسع عام بمعنى أنه من المفترض أن يخيف أكبر عدد ممكن من الحيوانات المفترسة".
اقرأ أيضاً: نحن محاطون بها في كل مكان: ما هي الموجات الصوتية؟
لماذا تستخدم الضفادع هذه الترددات الصوتية؟
تنص فرضية أخرى على أن أصوات البرمائيات هذه تهدف إلى لفت انتباه حيوان آخر لمهاجمة المفترس الذي يهدد حياة كل منها. يطبّق ضفدع أوراق الشجر (Haddadus binotatus) الذي يعيش في الغابات المطيرة الأطلسية البرازيلية هذه الآلية الصوتية على الحيوانات التي قد تكون مفترسة؛ مثل الخفافيش والقوارض والرئيسيات الصغيرة وبعض الثعابين.
سجّل فريق الدراسة نداء استغاثة هذا النوع من الضفادع في مناسبتين منفصلتين. واستخدم الباحثون برنامجاً لتحليل الصوت ولاحظوا أن تردد الصوت يتراوح بين 7 كيلو هرتز و44 كيلو هرتز.
يجري ضفدع أوراق الشجر سلسلة من الحركات التي تشبه وضعيات الدفاع عند إصدار نداء الاستغاثة هذا؛ إذ إنه يرفع الجزء الأمامي من جسمه ويفتح فمه ويحرك رأسه إلى الخلف. بعد ذلك، يغلق الضفدع فمه جزئياً ويصدر صوتاً يتراوح تردده بين تردد الأصوات المسموعة بالنسبة للبشر (7 كيلو هرتز إلى 20 كيلو هرتز) ونطاق الترددات فوق الصوتية (20 كيلو هرتز إلى 44 كيلو هرتز) التي لا يستطيع البشر سماع الأصوات فيه.
قالت طالبة الدكتوراة في معهد علم الأحياء التابع لجامعة كامبيناس الحكومية والمؤلفة المشاركة للدراسة، ماريانا هيتوتسي بونتشيس، في بيان صحفي: "بالنظر إلى أن البرمائيات في البرازيل تتمتّع بالدرجة الأعلى من التنوّع في العالم؛ إذ تحتوي البلاد على أكثر من ألفي نوع موصوف في الأدبيات العلمية، ليس من المستغرب أن نكتشف أن الضفادع الأخرى تصدر أصواتاً بهذه الترددات أيضاً".
من المحتمل أن بونتشيس اكتشفت بالصدفة أن هناك نوعاً آخر يطبق هذه الاستراتيجية الصوتية. رأت بونتشيس في يناير/كانون الثاني 2023 صخرة وحيواناً يُرجح أنه ضفدع هينسل الكبير الرأس (Ischnocnema henselii) في متنزه شمال بلدة هيبيرا الحكومي السياحي في مدينة إيبورانغا في ساو باولو. وعندما حاولت التقاط صورة للضفدع، أمسكته من رجلتيه الخلفيتين ولاحظت أن حركته الدفاعية ونداء الاستغاثة الذي أصدره يشبهان حركة ضفدع أوراق الشجر وصوته. لاحظت بونتشيس أيضاً وجود إحدى أفاعي الحفر ذات رأس الرمح (Bothrops jararaca، أو باثروبس جاراكا) على مسافة قريبة للغاية، ما يؤكد في اعتقادها أن هذا السلوك هو استجابة للحيوانات المفترسة. على الرغم من أن بونتيس تمكنت من تسجيل مقطع فيديو، فإنها لم تتمكن من تحليل الصوت للتحقق من وجود الموجات فوق الصوتية.
اقرأ أيضاً: علاج جديد لسرطان الكبد باستخدام الموجات الفوق الصوتية
قال عالم الحيوان في معهد علم الأحياء التابع إلى جامعة كامبيناس الحكومية والمؤلف المشارك للدراسة، لويس فيليبي توليدو، في بيان صحفي: "يعيش كلا النوعين بين الأوراق المتساقطة، كما أنهما يتمتعان بحجم متقارب [بين 4.5 و5.8 سنتمترات طولاً] وتفترسهما حيوانات متشابهة، ما يعني أنه من المحتمل أن ضفدع هينسل الكبير الرأس يستخدم أيضاً نداء الاستغاثة بالموجات فوق الصوتية للدفاع عن نفسه ضد أعدائه الطبيعيين".
حصل الباحثون أيضاً على تسجيلات لنداءات ذات موجات فوق صوتية أصدرتها 3 أنواع من البرمائيات الآسيوية؛ ولكن هذه الأصوات تُستخدم للتواصل بين الأنواع، ولا يعلم العلماء إن كانت تُصدر عند وجود الحيوانات المفترسة.
يخطط مؤلفو الدراسة للإجابة عن الأسئلة العديدة التي أثارها الاكتشاف الجديد. وتتضمن هذه تحديد الحيوانات المفترسة الحساسة لنداء استغاثة ضفدع أوراق الشجر وكيفية تفاعل المفترسات الأخرى معه وإن كان النداء يهدف إلى إخافتها أو لفت انتباه أعدائها الطبيعيين.