تعرف على الطفيلي الذي يمكن أن يقتل ملايين الفراشات الملكية أثناء هجرتها

4 دقائق
تعرف على الطفيلي الذي يمكن أن يقتل ملايين الفراشات الملكية أثناء هجرتها
هل أضرت تربية الفراشات الملكية بأعدادٍ كبيرة منها؟ حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

انخفضت أعداد الفراشات الملكية المحبوبة إلى أرقام مقلقة على مدار العقود الثلاثة الماضية، لكن علماء البيئة لم يتمكنوا تماماً من تحديد الأسباب الكامنة وراء ذلك.

من المحتمل أن تناقص أعدادها ناجمٌ عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك فقدان الموائل وتغير المناخ. ومع ذلك، وفي دراسة حديثة نُشرت في دورية «أنيمال إيكولوجي» (Journal of Animal Ecology)، حدد باحثون من جامعة إيموري وجامعة جورجيا متهماً آخر وراء ذلك؛ طفيلي "أوفريوسيستس إلكتروسيرا" (Ophryocystis elektroscirrha)، ويشار له اختصاراً بـ OE. أدى الارتفاع في عدد الفراشات الملكية المصابة بالعدوى ببعض الخبراء إلى الشك في أن بعض تدابير الحفظ قد تساعد في انتشار العامل الممرض.

كيف تتحول يرقات الفراش إلى مضيفات للطفيلي؟

تم اكتشاف طفيلي OE، وهو كائن مجهري وحيد الخلية، في جميع مجموعات الفراشات الملكية حتى الآن. حيث تتجمع أبواغه على السطح الخارجي لجسم الفراشات البالغة بأعداد قد تصل إلى الآلاف أو حتى الملايين. عندما تتكاثر الفراشة، تتناثر أبواغ الطفيلي على أوراق الصقلاب وتصيب بيوض الفراش. ثم تقوم يرقات الفراش المخططة بالتهام الأبواغ بعد الفقس وتصبح مضيفة يتكاثر فيها الطفيلي. 

لقد أظهرت الدراسات السابقة بالفعل أن عدوى الطفيلي OE تقلل من احتمال استمرار حياة الفراشات الملكية ونجاحها في التكاثر وقدرتها على الطيران. ولكن هناك الآن دليل على أن الطفيلي يتسبب في ضرر أكبر مما كان يُعتقد سابقاً، لدرجة أنه ربما يقتل عشرات الملايين من الفراشات الملكية المهاجرة سنوياً، وفقاً لما جاء في الورقة البحثية. 

هجرة الفراشات

في كل خريف، تهاجر الفراشات الملكية في أميركا الشمالية من مناطق تكاثرها الصيفية إلى المناطق التي تقضي فيها فصل الشتاء. تسافر الفراشات الملكية التي تعيش في شرق جبال روكي، والتي تمثل 99% من جميع أعداد هذه الفراشات، مسافةً تصل إلى 5000 كيلومتراً إلى وسط المكسيك. بينما تهاجر الفراشات الملكية التي تعيش غرب جبال روكي مسافة أقصر إلى ساحل كاليفورنيا. 

وجدت الدراسة أنه في السنوات التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بالمستعمرات الصيفية، تكون المستعمرات الشتوية أصغر من المتوقع، والعكس صحيح. يشير ذلك إلى أن الفراشات التي تعاني من طفيليات OE تموت أثناء رحلة الخريف، في عملية تُعرف باسم «إعدام المهاجرين» (migratory culling). والنتيجة هي أن عدداً أقل من الفراشات تصل إلى أماكن مبيتها الشتوية، وغالبيتها لا يكون مصاباً بالطفيليات على الأرجح. 

تقول كارين أوبرهاوزر، مديرة جامعة ويسكونسن- المشتل: «لقد تبين أن قدرة الطيران لدى الفراشات المصابة كانت أقل، وتعاني من الصعوبات الحركية الناجمة عن ذلك، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها حقاً أن سمة مهمة حقاً لبيولوجيا الفراشات الملكية تتأثر بمعدل الإصابة على مستوى أعدادها الكلية». 

اقرأ أيضاً: صور بالأشعة تحت الحمراء تظهر القدرة المذهلة لأجنحة الفراشات

خمسة عقود من المراقبة

للوصول إلى هذا الاستنتاج، جمع الباحثون بيانات من أكثر من 60 ألف عينة من الفراشة الملكية في أميركا الشمالية على مدى خمسة عقود. وجد الباحثون أن معدلات الإصابة بالطفيلي ازدادت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بين الفراشات البالغة المتكاثرة والمهاجرة في شرق جبال روكي بشكلٍ كبير، حيث قفزت من متوسط 0.5% إلى أكثر من 10% في المتوسط. في عام 2015، وصل المعدل إلى 17%، وهو أعلى مستوى تم تسجيله حتى الآن.

تقول أنيا ماجويسكا، زميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة إيموري والمؤلفة المشاركة للدراسة: «لدينا دليل أكيد على أن العدوى تتزايد، ولدينا دليل على أن الهجرة تساعد في التخلص من الفراشات المصابة. ولكن إذا تزايدت أعداد الفراشات المصابة، فإن المزيد منها سيموت، وستموت بشكلٍ أسرع في المواسم القادمة أيضاً. لذلك فإن الحال لا يبشر بالخير بالنسبة للفراشات الملكية».

وتشير ماجويسكا إلى أنه إذا ما اقترن وجود أعدادٍ أقل من الفراشات في المستعمرات الشتوية مع حدثٍ طقسي سيء يمكن أن يؤدي إلى القضاء على جميع الفراشات الملكية في ذلك العام، سيؤدي ذلك إلى تأثيراتٍ لاحقة طويلة الأمد.

لا يزال الباحثون لا يفهمون سبب الارتفاع المفاجئ في معدلات الإصابة في أوائل القرن الحادي والعشرين. تقدم نتائج الدراسة دليلاً في هذا الصدد؛ كلما ازداد عدد الحشرات المضيفة، زاد انتشار الطفيلي، ما يشير إلى أن طفيلي OE يزدهر بشكل أفضل في البيئات عالية الكثافة السكانية. 

تعرف على الطفيلي الذي يمكن أن يقتل ملايين الفراشات الملكية أثناء هجرتها
طفيليات أوفريوسيستس إلكتروسيرا (البقع المستديرة الصغيرة) وتُرى بين حراشف الفراشة الملكية (الأشكال المستطيلة). حقوق الصورة: سونيا ألتايزر.

اقرأ أيضاً: ميجابكسلز: فراشاتٌ بأجنحة شفافة تحمل سُمّاً زُعافاً

لماذا تزداد معدلات الإصابة بين الفراشات الملكية بهذا الطفيلي؟

أحد الأسباب المحتملة لزيادة معدلات الإصابة هو الازدحام نتيجة فقدان الموائل. في أواخر التسعينيات، شجعت الاحتياجات الزراعية على استخدام مبيدات الأعشاب التي قضت على الصقلاب الذي يُعتبر موطناً حيوياً للفراش الملكي. تشتبه ماجويسكا في أن فقدان عشب الصقلاب أجبر الفراشات على التركز في مناطق أقل، ما أدى إلى خلق موائل عالية الكثافة ساعدت على انتشار الطفيلي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

هناك سبب آخر محتمل لزيادة العدوى هو زراعة أنواع الصقلاب الاستوائية. ففي محاولة لاستعادة موطن الفراش الملكي، قام أفراد ومنظمات بزراعة الصقلاب بحماسٍ في الحدائق المنزلية وعلى نطاق أوسع منذ أواخر التسعينيات، وما زالوا يفعلون ذلك اليوم. ومع ذلك، يمكن لهذا النبات الذي يجذب الفراشات هذه أن يأتي بنتائج عكسية إذا زرع الناس الأنواع الاستوائية منه بدلاً من الأنواع المحلية. نظراً لأن الصقلاب المداري لا يموت في الشتاء، فإنه يسمح لطفيلي OE بالبقاء على قيد الحياة خلال موسم البرد والاستمرار في التكاثر.

يفترض آندي ديفيس، عالم البيئة في جامعة جورجيا والمؤلف المشارك للدراسة، أن تربية الفراشات الملكية للأغراض التجارية وعلى النطاق المنزلي قد يكون لها تأثير على انتشار الطفيليات. وهو يعتقد أن هذه الأنشطة، التي بدأت أيضاً في الانتشار في أواخر التسعينيات، أدت إلى إصابة مجموعات كاملة من الفراشات الملكية التي تم إطلاقها لاحقاً في البرية.

بينما تلاحظ أوبرهاوزر أنه لا يزال من السابق لأوانه تحديد سبب محدد لارتفاع معدل الإصابة بالطفيليات على مدى العقدين الماضيين، لكنها توصي بأخذ الحيطة والحذر في موقف حساس مثل وضع الفراش الملكي.

تقول أوبرهاوزر: «إذا كان هناك احتمال في أن التربية الجماعية للفراشات وزراعة أنواع الصقلاب الاستوائية قد أدت لإلحاق الأذى بالفراش الملكي، وأعتقد أن هذا الاحتمال قائم حقاً، فلا ينبغي لنا القيام بهذه الأنشطة، أقله مع المستويات المنخفضة الحالية لأعدادها».

تعاني الفراشات الملكية من انخفاض أعدادها بشكلٍ حاد بالفعل بما يكفي كي تكون مؤهلةً للحماية الفيدرالية، ولكن قررت دائرة الأسماك والحياة البرية الأميركية في عام 2020 عدم إدراجها على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، حيث كان هناك 161 نوعاً آخر ذو أولوية أعلى. في غضون ذلك، سيعتمد الفراش الملكي على جهود الحفظ الشعبية التي تهدف إلى إعادة زراعة الصقلاب المحلي وحماية الموائل الحالية وتعلم المزيد عن هجرتها وانتشار طفيلي OE من خلال مشاريع علوم المواطن.

المحتوى محمي