دراسة جديدة تكشف سبب قدرة غزلان الرنة على تحسس الأشعة فوق البنفسجية

3 دقيقة
دراسة جديدة تكشف سبب قدرة غزلان الرنة على تحسس الأشعة فوق البنفسجية
أيل من قطيع الرنة الوحيد في بريطانيا الذي يعيش في حديقة كيرنغورمز الوطنية في اسكتلندا. أدخل راعي الرنة السويدي الذي ينتمي إلى قومية سامي، ميكل أوتسي، هذه الحيوانات إلى اسكتلندا في عام 1952. جيف ميتشل. غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اكتسبت حيوانات الرنة أجهزة بصرية فريدة تساعدها على البقاء في فصول الشتاء المظلمة والمثلجة في القطب الشمالي. يتغيّر لون عيون هذه الحيوانات للتكيّف مع التقلّبات الكبيرة في مستويات ضوء الشمس بين فصلي الصيف والشتاء في القطب الشمالي؛ ولكنها قد تؤدي وظائف أخرى أيضاً تساعد حيوانات الرنة على البحث عن الطعام.

بيّنت دراسة جديدة نشرت بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2023 في مجلة آي-بيرسيبشن (i-Perception) أن عيون الرنة ربما تكيّفت لرؤية الضوء في الطيف فوق البنفسجي؛ ما يساعد هذه الحيوانات على العثور على الأغذية التي تفضلها في موطنها القاحل.

كيف تكيفت عيون الرنة لالتقاط غذائها؟

تتغذّى حيوانات الرنة على نحو أساسي على نبات يحمل اسم “حزازيّات الرنّة” (Cladonia rangiferina) هذه النباتات ليست من النباتات الحزازية بالفعل؛ بل إنها تنتمي إلى نوع من الفطريات الطحلبية يحمل اسم “الأشنة”. تنتشر هذه النباتات على شكل طبقة سميكة وقاسية على الأرض في النصف الشمالي للكرة الأرضية، وتؤدي دوراً مهماً في النظام البيئي بصفتها مصدراً غذائياً.

عمل مؤلفو الدراسة الجديدة في جبال كيرنغورمز في المرتفعات الاسكتلندية، وهي موطن قطيع الرنة الوحيد في بريطانيا. صاد البشر حيوانات الرنة في هذه المنطقة حتى قضوا عليها؛ ولكنها أُدخلت مجدداً إلى هذه الجبال من الدول الاسكندنافية في عام 1952.

جبال كيرنغورمز هي موطن لأكثر من 1,500 نوع من الأشنة؛ لكن الرنة التي تعيش فيها تتغذّى فقط على حزازيات الرنة خلال أشهر الشتاء.

قال عالم الأنثروبولوجيا وعالم البيولوجيا التطورية في جامعة دارتموث والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، ناثانيال دوميني، في بيان صحفي: “اعتماد حيوانات الرنة على هذا النوع الوحيد من الأشنة هو سمة مميزة لها. من غير المعتاد أن يعتمد حيوان على نوع واحد من الأشنيات على نحو أساسي، ولا سيّما إن كان من الثدييات الكبيرة مثل الرنّة”.

نبات الأشنة الأبيض يكون غير مرئي بالنسبة للبشر في الثلج. مع ذلك، اكتشفت الباحثتان في جامعة سانت أندروز والمؤلفتان المشاركتان للدراسة الجديدة، كاثرين هوبيتر وجولي هاريس، أن حزازيات الرنة وبعض أنواع الأشنة الأخرى التي تتغذّى عليها حيوانات الرنة تمتص الضوء فوق البنفسجي.

اقرأ أيضاً: 4 حقائق تُبيّن لماذا لم تهيمن الديناصورات على الأرض كما كنا نعتقد

استخدم الفريق بيانات طيفيّة مستمدة من هذا النبات والفلاتر الضوئية المصنّعة بطريقة تجعلها تحاكي عيون حيوانات الرنة، واكتشفوا أن النباتات قد تبدو مثل بقع داكنة أمام خلفية ساطعة بالنسبة لهذه الحيوانات. تبرز هذه النباتات مثل بقع الكلاب الدلماسية بالنسبة إلى حيوانات الرنة؛ ما يجعل العثور عليها أسهل.

استخدام طرائق المحاكاة البصرية

وفقاً لدوميني؛ الدراسة الجديدة هي من أولى الدراسات التي تستفيد من طرائق المحاكاة البصرية التي تحاكي الطريقة التي ترى وفقها هذه الثدييات العالم؛ إذ قال: “ستحتاج هذه الحيوانات إلى اكتساب القدرة على كشف مسارات مباشرة توصلها إلى الطعام الذي تتغذّى عليه في البيئات البيضاء التي تعيش فيها.

من المنطقي أن تكتسب حيوانات الرنة سمات تساعدها على تجنّب إهدار الطاقة في البحث عن الطعام في بيئاتها الباردة والقاحلة.تمنح رؤية الأشنيات من مسافة بعيدة هذه الحيوانات أفضلية كبيرة؛ ما يتيح لها توفير السعرات الحرارية الثمينة في الفترات التي يكون فيها الطعام شحيحاً”.

تشمل الحيوانات التي تستطيع تحسّس الطيف فوق البنفسجي الكلاب والقطط والخنازير وبنات مقرض وغيرها. تتمتّع هذه الحيوانات بهذه القدرة لأنها تمتلك مستقبلات ضوئية قصيرة وزرقاء اللون تحمل اسم “المخاريط” في عيونها.

بيّنت دراسات سابقة أن لون عيون حيوانات الرنة يتغيّر من الذهبي في الصيف إلى الأزرق الزاهي في الشتاء. يحمل الغشاء المعزز للضوء الذي يمنح العديد من الحيوانات عيوناً لامعة اسم “بساط المشيميّة”، ويتغيّر لونه كل موسم. يعتقد العلماء أن لون عيون حيوانات الرنة الأزرق يرفع مستويات ضوء الشمس المنخفضة خلال فصل الشتاء في المناطق القطبية.

اقرأ أيضاً: كيف تتكيف الحيوانات القطبية مع الظلام الشديد لعدة أشهر؟

قال دوميني: “إذا كان اللون السائد للضوء في البيئة هو الأزرق، من المنطقي أن تعزز العين اللون الأزرق، ما يضمن أن تعزز المستقبلات الضوئية لدى الحيوانات تلك الأطوال الموجية”.

تغير تكيفي في رؤية هذه الحيوانات

بالإضافة إلى ذلك، يمرر البساط المشيميّ الأزرق ما يصل إلى 60% من الأشعة فوق البنفسجية إلى مستشعرات الألوان داخل العين. من المرجّح أن حيوانات الرنة ترى العالم في فصل الشتاء بدرجة ما من اللون البنفسجي، كما يرى البشر الأشياء باستخدام الضوء الأسود. يبدو الثلج والأسطح الأخرى التي تعكس الأشعة فوق البنفسجية ساطعاً بالنسبة إلى هذه الحيوانات، بينما تبدو الأسطح التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية داكنة.

بحث العلماء في سبب اكتساب حيوانات القطب الشمالي التي تنشط في أثناء النهار العيون الشديدة الحساسية للأشعة فوق البنفسجية التي تنعكس عن الثلج. وتشير الدراسة الجديدة إلى أن ذلك يتعلق بحزازيات الرنة والأشنيات الأخرى؛ نظراً إلى أن الأشعة فوق البنفسجية لا تنعكس عن تلك الكائنات الحية.

اقرأ أيضاً: الرؤية الليلية والذكاء الاصطناعي يكشفان أسرار نسج العنكبوت لشباكه

يعتقد الفريق أنه من المحتمل أن عيون حيوانات الرنة متكيّفة لتمييز الأشنيات خلال الفترات من العام التي يكون فيها العثور على هذه النباتات صعباً؛ وذلك لأنها المصدر الأساسي للغذاء.