كيف أثّرت البيئة الحضرية على تطور السحالي؟

3 دقائق
توجد سحالي أنوليس كريستاتلوس عادةً- وهي نوع صغير الجسم من السحالي تُعرف باسم أنولي بورتو ريكان كريستد- في كل من المناطق الحضرية والغابات في بورتوريكو. كريستين وينشل

في الواقع، أدى النمو الحضري إلى تغيير جذري في جوانب كثيرة من المشهد الطبيعي على مستوى العالم، وكان أبرزها تقلص مساحات الموائل الملاءمة لعيش العديد من الحيوانات. لقد أثّر التعدي على موائل الحيوانات على العديد من مناحي حياتها، مثل نظامها الغذائي وسلوكها الاجتماعي، لكن بعضها تكيّف في البيئات الحضرية وازدهر فيها.

استغلت بعض الأنواع، مثل الكوجر والإوز، الموائل التي أنشأها البشر. وقد لاحظ الباحثون الذين يدرسون التطورات التي طرأت في الأنواع التي تعيش في البيئة الحضرية تغييرات في معدل الأيض لديها أو زيادة في تحملها للحرارة.

اقرأ أيضاً: عينة أحفورية مهملة تكشف أن أصول السحالي الحديثة أقدم مما نعتقد

تغييرات تطورية في الحيوانات التي تعيش في المدن

اكتشف الباحثون أيضاً أن للمدن تأثيراً على جينات الحيوانات وقد تغيرها. فحسب دراسة نُشرت في 9 يناير/ كانون الثاني في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PANS)، اكتشف العلماء أن سحالي "أنوليس كريستاتلوس" (Anolis cristatellus)- وهي نوع صغير من السحالي تُدعى سحالي "بورتو ريكان كريستد أنولي" تشيع في غابات بورتوريكو ومناطقها الحضرية- لها علامات جينية متوازية في مختلف النظم البيئية الحضرية للجزيرة. تساعد نتائج هذه الدراسة في تفسير نتائج الأبحاث السابقة التي كشفت عن وجود اختلافات جسدية بين السحالي التي تعيش في المدن وأقرانها التي تعيش في الغابات المجاورة.

لتتلاءم مع نمط الحياة الحضرية، طوّرت سحالي "أنوليس كريستاتلوس" وسادات أكبر لأصابع القدم بحراشف متخصصة أكثر لتساعدها في التشبث بالأسطح الملساء (مثل الجدران وزجاج النوافذ وغير ذلك)، وطوّرت أيضاً أطرافاً أطول تمكّنها من القفز لمسافة أطول وبسرعة عبر الأماكن المفتوحة.

تقول الأستاذة المساعدة في علم الأحياء بجامعة نيويورك والمؤلفة الأولى للدراسة، كريستين وينشل، في بيان: «يؤثر النمو الحضري على ثلثي الأرض تقريباً، ومن المرجح أن يتفاقم هذا التأثير، لذلك من المهم فهم كيف يمكن أن تتكيّف الكائنات الحية مع البيئات المتغيرة. من نواحٍ عدة، يمكن للمدن أن تكون بمثابة مخابر طبيعية تتيح لنا دراسة التكيّف مع التغييرات، حيث يمكننا مقارنة الحيوانات التي تعيش في المناطق الحضرية بنظرائها التي تعيش في الطبيعة لمعرفة كيفية استجابتها لعوامل الإجهاد والضغوط المماثلة في نطاق زمني قصير».

فحص الفريق في هذه الدراسة الجديدة 96 سحلية أنوليس كريستاتلوس تم جمعها من 3 مناطق منفصلة (سان جوان وأريسيبو وماياغويز) وأجروا مقارنة بين السحالي الحضرية منها بالسحالي التي تعيش في الغابات المحيطة بكل مدينة.

اقرأ أيضاً: أحفورة اسكتلندية تساعد العلماء في ملء الفجوات التطورية في شجرة عائلة السحالي

ضريبة تطورية

تأكد الفريق من أن مجموعات السحالي في المناطق الثلاث تختلف وراثياً عن بعضها بعضاً، ما يعني أن أي أوجه تشابه بين السحالي كانت على الأرجح بسبب النمو الحضري. ثم قاموا بقياس وسادات أصابع أقدام وأرجل السحالي. وقد أظهرت هذه القياسات أن أطراف سحالي المناطق الحضرية أطول بشكل ملحوظ ووسادات أصابعها أكبر مع حراشف أكثر تخصصاً على أصابع قدمها، ما يدعم دراستهم السابقة.

ثم تم إجراء تحليل الجينوم على الحمض النووي الخارجي (مناطق الجينوم التي ترمّز البروتينات) لفهم الأساس الجيني لهذه الاختلافات في السمات الجسدية. حدد التحليل مجموعة من 33 جيناً في 3 مناطق مختلفة من جينوم السحلية ارتبطت بشكلٍ متكرر بالسحالي الحضرية بما في ذلك الجينات المرتبطة بالتمثيل الغذائي والوظيفة المناعية.

تقول وينشل: «في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من التحليل لهذه الجينات لفهم أهمية هذه النتيجة بشكل كامل، لدينا دليل بالفعل على أن السحالي الحضرية أكثر عرضة للإصابات والطفيليات، وبالتالي ستكون التغييرات في وظائف المناعة والتئام الجروح منطقية. وبالمثل، تتغذى سحالي الأنوليس على الأطعمة البشرية، لذلك من المحتمل أن تكون قد شهدت تغيرات في عملية التمثيل الغذائي».

في تحليل إضافي، تم العثور على 93 جيناً مهماً لتطور الجلد والأطراف في السحالي الحضرية، ما يفسر من الناحية الجينية سبب امتلاك السحالي الحضرية لساقين وأصابع قدمين أطول.

اقرأ أيضاً: ما الذي يعنيه تكيف أسماك القرش للعيش بالقرب من المدن؟

تقول وينشل أخيراً: «يبدو أن الاختلافات الجسدية التي نراها في السحالي الحضرية تنعكس على المستوى الجيني. إذا ما كانت سحالي المدن قد شهدت تطوراً جسدياً بالتوازي مع التطور الجيني، يمكننا التنبؤ أيضاً بكيفية استجابة الحيوانات للنمو الحضري من خلال دراسة العلامات الجينية».

يمكن أن تكون جهود الحفظ أكثر فاعلية إذا ما تمكن العلماء من فهم كيفية تكيّف الأنواع مع المناطق الحضرية بحيث يمكن بناء المدن بطريقة تحافظ على الأنواع بشكلٍ أفضل.