لماذا تتزايد تربية كلاب البلدغ على الرغم من قصر عمرها؟

لماذا تتزايد تربية كلاب البلدغ على الرغم من قصر عمرها؟
كانت الكلاب ذات الوجوه المسطحة أكثر عرضة للنظر إلى أصحابها مقارنة بالكلاب ذات الأخطام المتوسطة الطول في تجربة تطلّبت من الكلاب العثور على الطعام المخبّأ في صناديق. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبح كلب البلدغ الفرنسي في وقت سابق من عام 2023 الكلب الأليف الأكثر شعبية في الولايات المتحدة بدلاً من كلب لابرادور ريتريفر. لا تزال هذه الكلاب المسطّحة الرأس أو القصيرة الرأس هي المفضّلة على الرغم من المشكلات الصحية التي تعانيها. تشمل هذه المشكلات الصحية المشكلات التنفسية مثل متلازمة مجرى الهواء الانسدادي الناجم عن قصر الرأس، وزيادة خطر الإصابة بضربات الشمس، بالإضافة إلى العديد من مشكلات العين الناجمة عن الهندسة الوراثية التي خضعت لها هذه الكلاب لإحداث تغييرات جمالية والتكاثر المفرط. حظرت هولندا استيلاد البلدغ الفرنسي لأسباب أخلاقية استجابة لهذه المشكلات الصحية، وحثّت الجمعية البيطرية البريطانية الناس على عدم شراء السلالات ذات الوجه المسطح.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: الذئاب والكلاب تتذكر الأماكن التي شاهدت البشر يخبئون فيها الطعام

لماذا يقبل الناس على اقتناء كلاب البلدغ على الرغم من مشاكلها الصحية؟

تعمل عالمة الأخلاق الإدراكية وعالمة الأحياء السلوكية من جامعة أوتفوش لوراند في هنغاريا، دوروتيا يوليا أويفالوسي، وفريقها على فهم الظاهرة المتناقضة التي تتجلّى في استمرار تزايد عدد هذه الحيوانات الأليفة المسطّحة الوجه على الرغم من المشكلات الصحية والمتعلقة بطول العمر المعروفة التي تعانيها.

قالت أويفالوسي لموقع بوبساي: “قد يتمثّل أحد أسباب تربية حيوان أليف ذي وجه مسطح في أنه يشبه الأطفال. مع ذلك، تشير تقارير أصحاب هذه الكلاب إلى أن السلوك عامل مؤثّر أيضاً. نحن نحاول تحديد السمات السلوكية التي تميّز هذه السلالات عن السلالات ذات أشكال الرأس الأكثر صحية”.

وجدت أويفالوسي وفريقها في دراسة ضيّقة نُشرت بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2023 في مجلة ساينتيفك ريبورتس (Scientific Reports) أن هذه السلالات أكثر عرضة للنظر إلى البشر لفترة أطول وإظهار السمات التي تبيّن أنها “عاجزة” وأكثر شبهاً بالأطفال الصغار بالنسبة للبشر. قيّم الفريق سلوك 15 كلباً من نوع البلدغ الإنجليزي و15 كلباً من نوع البلدغ الفرنسي وقارنوا سلوكها بسلوك 13 كلباً من نوع مودي الهنغاري. كلاب مودي الهنغارية هي كلاب رعي ذات أخطام متوسطة الطول ووجوه غير مسطّحة مثل وجوه كلاب البلدغ.

تمثلت التجربة التي أجراها الباحثون في دفع الكلاب إلى محاولة فتح 3 صناديق واستخراج قطعة من الطعام منها. يتطلّب فتح الصناديق تطبيق تقنيات مختلفة تتفاوت في صعوبتها، وقُدّمت للكلاب جميعها على نحو عشوائي. شاهدت الكلاب أيضاً أحد الباحثين وهو يضع قطعة من النقانق في كل صندوق، ثم مُنح كل كلب دقيقتين لفتح الصندوق. وقف أعضاء الفريق وأصحاب الكلاب خلف الكلاب بعيداً عن الأنظار في أثناء التجربة.

كلب بلدغ فرنسي ينجح في فتح الصندوق واستخراج الطعام. المصدر: إيرجيبت موبيوس/ماريانا مولنار.
كلب بلدغ فرنسي ينجح في فتح الصندوق واستخراج الطعام. المصدر: إيرجيبت موبيوس/ماريانا مولنار.

كانت نسبة نجاح كلاب البلدغ الإنجليزية والفرنسية في فتح الصناديق أقل بـ 93% من كلاب المودي الهنغارية. وكانت كلاب المودي التي نجحت في فتح الصناديق أسرع من كلاب البلدغ التي نجحت في ذلك أيضاً. فتح نحو 90% من كلاب المودي الصناديق بعد دقيقة واحدة فقط من بداية الاختبار، في المقابل بلغت هذه النسبة نحو 50% بين كلاب البلدغ. مع ذلك، كانت كلاب البلدغ أكثر عرضة للنظر إلى أصحابها بمقدار 4.16 مرات و4.49 مرات (الإنجليزية والفرنسية على الترتيب) مقارنة بكلاب المودي.

كلاب البلدغ تعتمد على البشر

تقول أويفالوسي: “الأكثر إثارة للدهشة هو مدى عجز هذه الكلاب وعدم نجاحها وافتقارها إلى القدرة على التوجّه البصري واعتمادها على أصحابها. يبدو أن كلاب البلدغ كانت تعتمد على البشر لحل المشكلات بالنيابة عنها أكثر بكثير من الكلاب العائلية النموذجية”.

يعتقد الفريق أن هذه النتائج تبيّن أن الكلاب القصيرة الوجه تستعين بالبشر عندما تواجه المشكلات على نحو متكرر، ما قد يعزز تشكّل علاقة اجتماعية أوثق بين أصحاب الكلاب وكلابهم لأن البشر يدركون عجز هذه الكلاب.

اقرأ أيضاً: كيف تسبب الانتقاء الاصطناعي في ظهور سلالات الكلاب؟

لم يتمكّن الباحثون من إثبات أن الكلاب ذات الوجه المسطح مهيّأة جينياً لتكون أكثر اعتماداً على البشر من سلالات الكلاب الأخرى، أو أن سلوكيات أصحابها تجاهها تعزز هذا السلوك الاتكاليّ. ويعمل الفريق حالياً على مواصلة دراسة هذه الخصائص السلوكية.

تقول أويفالوسي: “نريد أن نرفع مستوى الوعي بمفارقة ‘الوجه المسطح’ هذه على أمل أن يتخذ الأشخاص قرارات مستنيرة أكثر عند اختيار حيواناتهم الأليفة، بدلاً من أن يعتمدوا على غرائزهم ويقعوا في فخ ‘المظهر اللطيف’ والسلوك الاتكالي (العاجز) الذي يذكّرهم بالأطفال”.