هل يحلم حيوان الحبّار؟ وما الذي يمكن تعلمه من طريقة تواصله اللوني؟

3 دقيقة
العلماء يدرسون الأنماط اللونية التي تظهرها الحبارى في أثناء النوم ودلالاتها المحتملة
ما الذي تفكر فيه؟ ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يتميّز البعض بأنه يكشف عن مشاعره ولا يخفيها، والحبار يُظهر أفكاره في جلده مباشرة.

يدرس عالم الأعصاب الذي يعمل في مختبر الأحياء البحرية في وودز هول في ولاية ماساتشوستس الأميركية، هورست أوبنهاوس، كيف تتواصل هذه الكائنات الغريبة باستخدام الألوان. على وجه الخصوص، يعتقد أوبنهاوس وفريقه الآن أن الأنماط الفريدة التي تظهرها الحُبارى على جلدها في أثناء النوم قد تكون انعكاساً لونياً لأفكارها، وربما حتى لأحلامها.

اقرأ أيضاً: أحفورة جديدة تلقي الضوء على العلاقة التطورية بين الحبار مصاص الدماء ورأسيات الأرجل

الحبارى تنجح في اختبار مارشميلو

الحبارى هي من رأسيات القدم؛ وهي أبناء عمومة الأخطبوطات والسبيدج. إنها حيوانات ذكية تتمتّع بأدمغة معقّدة. بيّنت الأبحاث السابقة أن الحبارى تتمتع بذاكرة قصيرة المدى وطويلة المدى لا بأس بها، علاوة على أنها حيوانات اجتماعية قادرة على التعلّم من التجارب السابقة.

نجحت الحبارى فيما يدعى “اختبار مارشميلو”؛ وهو اختبار نفسي شائع الاستخدام يقيس درجة ضبط النفس والقدرة على التخطيط الطويل المدى. بالإضافة إلى ذلك، تمر الحبارى أيضاً بمرحلة خلال النوم تشبه مرحلة نوم حركة العين السريعة. هذه هي المرحلة من النوم التي يحلم خلالها البشر. رُصدت الحبارى النائمة وهي تحرّك عيونها بسرعة وتتشنّج وتغيّر الأنماط اللونية في جلدها؛ ما يشير إلى أنها قد تمر بتجربة تشبه رؤية الأحلام.

النوم هو عملية غامضة، حتى لدى البشر؛ إذ لا يعلم العلماء تماماً بعد ما هي وظيفته. لكن ينص أحد التفسيرات على أن النوم يساعد على تحويل التجارب اليومية إلى ذكريات طويلة الأمد؛ إذ إنه يعيد تنشيط التجارب التي مررنا بها في أثناء اليقظة حتى تتمكن البنى الدماغية مثل القشرة الدماغية من استخلاص معلومات مفيدة. يعتقد العلماء أن هذا يساعدنا على ترسيخ التجارب وتعلّم مهارات جديدة.

لذلك؛ تساءل أوبنهاوس إن كانت الحبارى تمر بهذه التجربة للسبب نفسه،

ويقول: “ألن يكون رائعاً أن نتمكّن من اكتشاف أن هذه الحيوانات تعيد تنشيط التجارب التي مرت بها في أثناء النهار خلال النوم؟”.

اقرأ أيضاً: هل تنام الحيوانات وتحلم مثل البشر؟ العلم يُجيب

ذاكرة الحبارى

تغيّر الحبارى ألوانها باستخدام خلايا جلدية تحمل اسم “حاملات اللون” أو “حاملات الصباغ” مثلها كمثل الحيوانات الأخرى التي تتغير ألوانها؛ مثل الحرابي وبعض الأسماك. تقول عالمة البيولوجيا المتخصصة في السبيدج ومؤسِّسة مؤسَّسة سكايب مع عالم (Skype a Scientist) غير الربحية، سارة ماكانلتي التي لم تشارك في أبحاث أوبنهاوس: “هذه الخلايا هي حويصلات صغيرة مملوءة بالأصباغ ومحاطة بالعضلات”. تستطيع الحبارى ثني هذه العضلات وفتح حاملات الألوان؛ ما يكشف عن الألوان داخلها.

العديد من الحيوانات الأخرى التي تغير لونها يفعل ذلك تلقائياً استجابة إلى الهرمونات أو التغيرات في البيئة؛ ولكن الحبارى تتمتّع بتحكّم كبير بألوانها والأنماط التي تظهر على جلدها. وفقاً لماكانلتي؛ تتصل حاملات الألوان لدى الحبارى بأدمغتها مباشرة، وتقول: “تغير هذه الحيوانات ألوانها فور تفكيرها بذلك”.

وفقاً لأوبنهاوس؛ تمنح هذه الخاصية العلماء فكرة مباشرة عما يدور في أدمغة الحبارى بطريقة ما؛ إذ يقول: “ما علينا سوى مراقبة جلد هذه الحيوانات لتحديد العمليات التي تحدث في أدمغتها”.

جمع فريق أوبنهاوس أزواجاً من الحبار القزم في خزانات وصوروها خلال عدة أسابيع بهدف فهم دلالات الأنماط اللونية التي تظهرها هذه الحيوانات في أثناء النوم، إن كان لها دلالة. هدف العلماء إلى معرفة إن كانت الأنماط اللونية على جلد الحبارى النائمة تعكس تفاعلاتها الاجتماعية السابقة كما تعكس الأحلام لدى البشر هذه التفاعلات.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد تعديل الجينات على تكيُّف الأخطبوط مع بيئته وابتكار علاجات طبية لمعالجة الإدمان؟

يقول أوبنهاوس إنه حتى الآن، توصّل العلماء في هذه التجربة الأولية إلى أنه على الرغم من أن الحبارى تظهر أنماطاً لونية في أثناء النوم، فإن هذه الأنماط لا تطابق تماماً تلك التي تُظهرها الحيوانات عندما تكون مستيقظة. مع ذلك، لاحظ العلماء أن بعض الأنماط التي يحفّزها النوم يبدو مثل نسخ جزئية أكثر تجريداً من تلك التي تظهرها الحبارى في أثناء التفاعلات الاجتماعية.

ويقول أوبنهاوس إن الإنجاز الأهم يتمثّل في أن يتمكّن الفريق من إثبات تطابق الأنماط الغريبة التي تظهر خلال النوم وتلك التي تظهر خلال اليقظة.

مع ذلك، يجب ألا يستخف العلماء بوجود تشابه ولو كان بسيطاً بين سلوك الحبارى والبشر خلال النوم.

تقول ماكانلتي: “انفصلت رأسيات القدم عن البشر منذ زمن طويل للغاية. ورصد المسار التطوري الذي تحرّك بجانب مسارنا التطوري؛ ولكن على نحو مستقل عنه مثير للاهتمام للغاية”.