منذ آلاف السنين، كان لشجرة الخرنوب دور حيوي في الثقافة والاقتصادات البشرية، إذ نجد ذكرها في "ملحمة جلجامش"، والكتابات الهيروغليفية المصرية القديمة التي صورت قرون الخرنوب رمزاً للحلاوة. ومن المثير للاهتمام أن مصطلح "القيراط" يشير إلى وزن الأحجار الكريمة مقابل بذور الخروب في إشارة على نقائها. علاوة على ذلك، فإن العملة الذهبية الرومانية القديمة المعروفة باسم "سوليدوس" تزن وزن 24 بذرة خرنوب نفسه، ما أدّى إلى ظهور مصطلح "الذهب عيار 24 قيراطاً"، الذي يرمز إلى أنقى أشكال الذهب.
بعيداً عن هذه الروابط التاريخية، تستمر شجرة الخرنوب في خدمة أغراض مختلفة في العصر الحديث. فما أهم منتجات شجرة الخرنوب؟ وما فوائدها؟
شجرة الخرنوب
الخرنوب أو الخروب (Carob) أو "سيراتونيا سيليكا" (Ceratonia siliqua)، نبات شجري دائم الخضرة ينتمي لعائلة البقوليات (Fabaceae). تنمو الشجرة حتى ارتفاع 15 متراً، وتتميز بأوراق مركبة ريشية خضراء لامعة وعريضة، وزهور حمراء، وقرون جلدية مسطحة يتراوح طولها ما بين 7.5-30 سنتيمتراً. يحتوي كل قرن على 5-15 بذرة صلبة مغروسة في لب صالح للأكل بسبب مذاقه الحلو.
يعود أصله إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما يُزرع في مناطق أخرى بسبب قرونه الغنية بالسكر وبذوره التي تحتوي على الصمغ.
اقرأ أيضاً: كيف تستمر حياة الشجرة بعد الموت؟
منتجات شجرة الخرنوب وفوائدها
تقدّم شجرة الخرنوب مجموعة متنوعة من المنتجات ذات الفوائد الصحية والاقتصادية، بما في ذلك:
لب قرون الخرنوب
قرون الخرنوب هي ثماره البنية، وتحتوي على لب بني حلو المذاق يمكن استخدامه بطرق مختلفة بما في ذلك:
- مسحوق أو دقيق.
- رقائق مثل رقائق الشوكولاتة.
- شراب مركز.
- مستخلص.
أكثر الأشكال استخداماً هي المسحوق، إذ بمجرد أن تنضج القرون البنية يمكن تجفيفها و/ أو تحميصها ثم طحنها لإنتاج مسحوق ناعم أو دقيق. يتمتع المسحوق بطعم جوزي حلو وغني يشبه إلى حد ما الكراميل، وأقل مرارة من الكاكاو، لكن على عكس الكاكاو، الخروب خالٍ من الكافيين، ولا يحتوي على الثيوبرومين، ما يجعله بديلاً صحياً للكاكاو أو الشوكولاتة، ومنتجاً مناسباً للاستخدام في المخبوزات والحلويات.
يحتوي لب الخرنوب على السكر بكمية عالية نسبياً، والألياف الغذائية ومادة البوليفينول المضادة للأكسدة، بالإضافة إلى المعادن الأساسية مثل الكالسيوم والمغنيزيوم والبوتاسيوم، وكميات صغيرة من الحديد والفوسفور والبروتين.
اقرأ أيضاً: نباتات تمتص كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون مناسبة لزراعتها في المدن العربية
فوائد لب الخرنوب
على وجه العموم، تحتوي ملعقة كبيرة من مسحوق الخرنوب (6 غرامات) على:
- سعرات حرارية: 13.3 سعرة حرارية.
- الكربوهيدرات: 5.33 غرام.
- البروتين: 0.3 غرام.
- إجمالي الدهون: 0.04 غرام.
- ألياف: 2.39 غرام.
- الكالسيوم: 20.9 ميلغرام.
- البوتاسيوم: 49.6 ميلغرام.
ومن أهم فوائد لب الخرنوب الصحية:
- تخفيف الإسهال: أفادت دراسة نُشرت في المجلة الدولية للعلوم الجزيئية (International Journal of Molecular Sciences)، بأنه يمكن لمستخلص الخرنوب أو مسحوقه المساعدة على علاج الإسهال لمحتواه العالي من مادة التانين، وهي مادة من الفينولات لها تأثير قابض على الأغشية المخاطية للأمعاء.
- خفض نسبة الكوليسترول المرتفع: وفقاً للدراسة المنشورة في مجلة الأغذية النباتية لتغذية الإنسان (Plant Foods for Human Nutrition)، يساعد محتوى الخرنوب الغني بالألياف غير القابلة للذوبان في على مستويات الكوليسترول الإجمالي والكوليسترول الضار بالإضافة للدهون الثلاثية لدى الأشخاص الذين يعانون ارتفاع نسبة الكوليسترول.
- محاربة البدانة: أظهرت الدراسة التي نُشِرت في المجلة الدولية للعلوم الجزيئية أن تناول ألياف الخرنوب غير القابلة للذوبان يمكن أن يقلل مستويات هرمون الجوع (الغريلين) بعد تناول الوجبة ويحسّن أكسدة الدهون، ما يساعد الأفراد المصابين بالبدانة على إدارة الوزن.
صمغ الخرنوب
صمغ الخروب هو ناتج استخلاص بذور الخرنوب بالماء أو بالمحاليل القلوية المائية، ويتألف من:
- ألياف قابلة للذوبان بالماء وغير قابلة للهضم: وهي عبارة عن عديد سكاريد يُدعى "الغالاكتومانان"، ذو بنية جزيئية طويلة تشبه السلسلة، ما يمنح الصمغ قواماً هلامياً، ويكوّن نحو 80-85% من الصمغ.
- البروتين: 5.0%.
- الألياف الخام: 1%.
- الدهون 0.5%.
يُستخدم صمغ الخرنوب كمادة مضافة للغذاء لتكثيف السوائل وتثبيت المستحلبات في الصلصات والمعكرونة المجففة والحليب المخمر والقشدة وحليب الأطفال والعديد من الأطعمة المُصنّعة الأخرى، حيث يحمل الرمز (E410) في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى استخدامه في الصناعات، كما في العطور ومستحضرات التجميل والمبيدات.
اقرأ أيضاً: أعلى الشجرة: حديقة أتلانتا تختبر روبوت لمراقبة البيئة
الفوائد الصحية لصمغ الخرنوب
بما أنه يتألف بنسبة كبيرة من الألياف غير القابلة للهضم، فإن صمغ الخرنوب يتمتع ببعض الفوائد الصحية مثل:
- خفض نسبة الكوليسترول: أفادت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية للتغذية السريرية (American Journal of Clinical Nutrition) بأنه يمكن لصمغ الخرنوب الغذائي خفض مستويات الكوليسترول المرتفعة.
- تحسين مستويات السكر في الدم: بسبب الكمية العالية من الألياف التي يحتوي عليها صمغ الخرنوب، قد يساعد في الحفاظ على نسبة السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية، وفقاً لما لدراسة منشورة في بيوميديكال آند فارماكوثيرابي (Biomedicine & Pharmacotherapy).
- علاج الإمساك: نظراً إلى أن صمغ الخرنوب يتكون على نحو أساسي من ألياف غذائية غير قابلة للهضم يمكن أن تتحول إلى مادة هلامية في الجهاز الهضمي، فهو يساعد على تليين البراز وعلاج الإمساك.
- داءُ الارتِجاع المَعدي المَريئي: وجدت دراسة نُشِرت في مجلة أمراض الجهاز الهضمي والتغذية لدى الأطفال (Journal of Pediatric Gastroenterology and Nutrition)، أن صمغ الخرنوب يساعد على إدارة أعراض داء الارتجاع المَعدي المَريئي والتخفيف من حدتها.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكن استخدام قرون الخرنوب في أعلاف الماشية والماعز وحيوانات أخرى لغناه بالألياف والفيتامينات والمعادن.