7 تقنيات مستخدمة في إنشاء ناطحات السحاب لمقاومة الزلازل

7 تقنيات مستخدمة في إنشاء ناطحات السحاب لمقاومة الزلازل
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Rasto SK

ينتقل التفكير بالحلول الوقائية الهندسية لمقاومة الزلازل إلى مستوى آخر عندما يتعلق الأمر بتصميم ناطحات السحاب، وبالفعل يعد النمو العمراني العمودي تحدياً لمعظم المهندسين والمؤسسات الإسكانية العالمية. لكن مع تطور التكنولوجيا والاستفادة من تراكم الخبرات عبر السنوات، طُوِّرت عدة تقنيات إنشائية للوقاية من الزلازل في ناطحات السحاب تُستخدم اليوم على نطاق واسع حول العالم.

ما مستويات تصميم ناطحات السحاب المقاومة للزلازل؟

قبل الخوض في هذه التفاصيل، يجب توضيح مفهوم "الأبنية المقاومة للزلازل" بشكل جيد، فلا يوجد مبنى قادر على مقاومة كل أنواع الزلازل بشداتها كافة، لذا هناك مستويان رئيسيان من المقاومة الزلزالية التي يعمل المهندسون على تحقيقها وهما:

  • مقاومة الزلازل الصغرى: وهو التصميم الذي يراعي مقاومة الزلازل التي قد يتعرض لها المبنى لنحو 3-4 مرات في عمره الافتراضي كما في اليابان مثلاً، وتبعاً لهذه المعايير يجب على المبنى أن يبقى سليماً بعد التعرض لهذه الزلازل دون الحاجة لإصلاحه لاحقاً.
  • مقاومة الزلازل الكبرى: وهي المباني القادرة على مقاومة الزلازل الشديدة والمدمرة، ولا يعد الهدف الأساسي في هذه الحالة الحفاظ على سلامة المبنى وقابلية السكن به بعد الزلزال، بل يعد مصمماً للحفاظ على حياة الناس الموجودين ضمنه بغض النظر عن سلامة المبنى وإمكانية السكن به بعد الزلزال.

اقرأ أيضاً: ما هي الصفائح التكتونية وما دورها في حدوث الزلازل؟

تقنيات مقاومة ناطحات السحاب للزلازل

تعتمد ناطحات السحاب على مزيج من التقنيات المقاومة للزلازل، ويمكن تلخيصها كما يلي:

امتصاص الصدمات

حيث تمتص المباني أكبر قدر ممكن من الطاقة الزلزالية دون أن تسبب هزات الزلزال في تحطم بنية الناطحة، ولكي يتم هذا العزل توضع المباني أو الأساسات على طبقة تمتص الصدمات، وتكون في بعض الأحيان عبارة عن طبقات بسيطة من الكتل المرنة المصنوعة من الفولاذ والمطاط والرصاص بسماكة 30-50 سنتيمتراً لمقاومة حركة الزلزال.

زيادة مرونة المبنى من الأعلى نحو الأسفل

حتى بعد وضع ماصات الصدمة في أساس المبنى، يجب الانتباه لحركة ذروة المبنى، إذ تنتقل موجات الاهتزاز بشكل يزداد تدريجياً من الأسفل نحو الأعلى وقد يصل إلى مدى 1.5 متر من التأرجح، ما يستدعي وضع مخمدات الحركة على ارتفاعات المبنى المختلفة لتحسين المرونة.

ومن أهم مخمدات الحركة ما يلي:

  • المخمدات المعتمدة على قوة البندول

حيث يقوم المهندسون بتعليق كرة كبيرة مرتبطة بكابلات فولاذية متصلة بنظام هيدروليكي في الجزء العلوي من المبنى، فعندما يبدأ المبنى في التأرجح، تعمل الكرة كبندول وتتحرك في الاتجاه المعاكس لتثبيت المبنى، ويستخدم هذا النظام في برج تايبيه 101 صاحب لقب أطول مبنى في العالم سابقاً، ويبلغ وزن الكرة المعلقة به 726 طناً.

المخمدات المعتمدة على قوة البندول
المخمدات المعتمدة على قوة البندول. حقوق الصورة: shutterstock.com/ Sunwand24
  • المخمدات الهيدروليكية

ويتم بهذه الطريقة نشر نظام مخمد هيدروليكي عبر المستويات الدنيا والمتوسطة والعليا من ناطحة السحاب، وتوضع المكابس الهيدروليكية بين الأعمدة والعوارض، ويتكون كل مخمد من رؤوس مكبس داخل أسطوانة مملوءة بزيت السيليكون أو غيرها من الموائع.

وعندما يحدث زلزال، ينقل المبنى الطاقة الاهتزازية إلى المكابس التي تنقل الاهتزاز بشكل أكثر استقراراً للزيت، ثم يتم تحويل الطاقة إلى حرارة، وتتبدد قوة الاهتزازات.

المخمدات الهيدروليكية
المخمدات الهيدروليكية. حقوق الصورة: shutterstock.com/ shigemi okano

التصميم المعماري للمبنى

لا تعد الأجهزة والتقنيات الحديثة لمقاومة الزلازل المعايير الوحيدة في زيادة مقاومة المبنى، بل يؤدي التصميم المعماري للمبنى دوراً مهماً في تخفيف آثار الزلزال على المبنى في حال حدوثه.

بالطبع، سيكون المبنى أكثر مقاومة عندما يأخذ شكلاً منتظماً، ما سيوزع الضغط والميول على أجزاء المبنى كافة، بينما تزداد صعوبة الحفاظ على سلامته وتوازنه، في حال كان شكله غير منتظم ويحتوي على العديد من التفاصيل التشكيلية.

على الرغم من ذلك، غالباً ما يرغب مصممو ناطحات السحاب في الإبداع بالتصميم، ولا يرضون بالأشكال التقليدية، فناطحات السحاب تعد رموزاً عالمية للمدن الموجودة بها، ومن أجل ذلك يتعلم المهندسون المعماريون في اليابان عن الزلازل والبنى المقاومة لها لكي يدخلوها في تصاميمهم.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تسبب السدود الزلازل؟

تركيب الشبكات الواقية

ويضم هذا التصميم إضافة دعامات متشابكة بشكل حرف (X) بالإضافة للأعمدة التقليدية الشاقولية، ويساعد استخدام الهياكل الشبكية في منع التواء دعامات المبنى، فعند انضغاط أحد أطراف المبنى بسبب الاهتزاز، سيقوم العمود الشبكي بنقل الاهتزاز إلى الطرف الآخر من المبنى ما سيوزع الضغط وامتصاص الطاقة على الجهتين.

اختيار الموقع المناسب للبناء

ويعد هذا الاختيار شديد الأهمية، فهناك أنواع من الصخور والتربة لا تحتمل بناء ناطحات السحاب التي تزن مئات الأطنان فوقها، لذلك يتم اختيار المواقع الصخرية القوية وحفر الأساسات بشكل عميق لتمكين البناء، ويعد برج بيزا من الأمثلة الشهيرة على عدم قدرة الأرض احتمال البناء فوقها، ولا يمكن المخاطرة بهذه الميول في ناطحات السحاب التي يصل طولها لمئات الأمتار.

يهتم المهندسون أيضاً بوجود نشاط زلزالي في المنطقة، فغالباً يتم تفادي بناء ناطحات السحاب على الفوالق النشطة زلزالياً، ويتم اختيار بقع أقل خطورة.

اقرأ أيضاً: متى تنتهي فترة الخطر بعد وقوع الزلازل؟

استخدام المواد المبتكرة

حيث يقوم العلماء والمهندسون بشكل مستمر بتطوير مواد بناء جديدة مرنة وقادرة على الاحتفاظ بشكلها بعد التعرض للصدمات، ومنها "سبائك ذاكرة الشكل" القادرة على تحمل الإجهاد الشديد والعودة إلى شكلها الأصلي، ويتم اختبار لف غلاف بلاستيكي مقوى بالألياف ذات البنية البوليمرية حول الأعمدة، ما يوفر زيادة في القوة والمرونة.

الاستشعار والمراقبة الدورية

ويعد برج خليفة الموجود في دبي، وحامل لقب أطول مبنى في العالم، مثالاً عن الاستشعار والمراقبة الدورية لحالة المبنى، فالتصميم الهندسي الفريد والمميز للبرج لا يخلو من البنى والتقنيات التي تمنح الهيكل قدرته على تحمل الزلازل التي تصل قوتها إلى 7.0 درجات على مقياس رختر، ويتم استخدام نظام متطور من أجهزة الاستشعار لاكتشاف تأثر المبنى بالرياح والزلازل، وتقدم مستشعرات الميل الدقيقة وأجهزة القياس وتقنية تحديد المواقع من شركة ليكا جيوسيستم (Leica Geosystem GPS) صورة دقيقة لموضع المبنى وزاويته في الوقت الفعلي، ما يسمح بتحديد نقاط الضعف إن وجدت وعلاجها بشكل فوري.

اقرأ أيضاً: كيف تشكل الزلزال الذي ضرب الحدود التركية السورية؟ ولماذا كان بهذه الشدة؟

ختاماً، لا يمكن سوى الإعجاب بمستوى الإبداع البشري في تصميم ناطحات السحاب، وبشكل أساسي في تقنيات مقاومة الزلازل التي تحافظ على سلامة سكان هذه المباني واستمرارها لمئات الأعوام القادمة.

المحتوى محمي