للحفاظ على توازن الماء في الجسم، نشرب المياه يومياً في الشاي والقهوة والعصائر والمياه الغازية، فهو يشكل أساساً لجميع المشروبات. إلا أنها تحتوي أيضاً على مكونات أخرى تحمل تأثيرات مختلفة على أجسامنا ترتبط بانتظام استهلاكها وحجمه، والمياه الغازية المحلاة أحد الأمثلة على المشروبات التي قد تمنح شعوراً بالانتعاش، إلا أنها "سعرات حرارية فارغة". فما هي المشروبات الغازية وما أضرارها؟
المشروبات الغازية
المشروبات الغازية هي فئة من المشروبات المنكَّهة والمحلاة وغير الكحولية طوّرها الأوروبيون بإيحاءٍ من مياه الينابيع الفوارة الطبيعية حول العالم ذات الفوائد الطبية والقيم العلاجية، وذلك بخلط الماء مع غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يمنحها بريقاً وطعماً منعشاً ويحميها من التلف. تتكون المياه الغازية، بالإضافة إلى المياه وثاني أكسيد الكربون، من محليات طبيعية أو صناعية وأحماض غذائية ومنكهات طبيعية أو صناعية والعصير في بعض الأنواع. إذاً، لا تحتوي المشروبات الغازية على أية مواد غذائية ضرورية كالمعادن والفيتامينات والألياف، بل تحتوي فقط على سكريات. بالنسبة لفرد بالغ يتمتع بصحة جيدة يمكن شرب المشروبات الغازية بكميات قليلة دون القلق من مخاطرها، إلا أن تكرار الاستهلاك وزيادة حجمه يمكن أن يحمل تأثيرات سلبية على الصحة. ومن أهم هذه التأثيرات السلبية:
أضرار المشروبات الغازية
1- ترتبط المشروبات الغازية بزيادة الوزن
تحتوي المشروبات الغازية على سكر السكروز وشراب الذرة عالي الفركتوز، ويتحلل كلاهما إلى سكري الغلوكوز والفركتوز الأحاديين. يعمل الغلوكوز بشكل عام على خفض إفراز هرمون (الجريلين) المحفز للجوع في الدم، ما يمنح الشخص شعوراً بالشبع. إلا أن الفركتوز لا يعمل بذات الآلية، لذا، يضيف استهلاك المشروبات الغازية سعرات حرارية إلى الجسم دون أن يمنحه شعوراً بالشبع.
في دراسة أجراها باحثون من جامعة بوردو الأميركية ونُشرت في "المجلة الدولية للبدانة" (International Journal of Obesity)، تبين ارتباط تناول كميات كبيرة من السكر في المشروبات الغازية بزيادة الوزن؛ حيث حصل المشاركون الذين استهلكوا المياه الغازية المحلاة في نظامهم الغذائي على زيادة في مدخول السعرات الحرارية بمقدار 17% مقارنة بمن لم يستهلكها.
اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة تناول مشروبات الطاقة؟
2- المشروبات الغازية من مسببات أمراض الكبد
تتحلل جزيئات السكروز وشراب الذرة عالي الفركتوز داخل الجسم إلى مكوناتها الأحادية (الغلوكوز والفركتوز). ينقل الدم الغلوكوز إلى خلايا الجسم ليتم استقلابه وإنتاج الطاقة، أما الفركتوز فيختص الكبد في استقلابه. وعندما يستهلك الجسم كميات كبيرة من الفركتوز تفوق قدرته على التمثيل، كما في المشروبات الغازية، يبدأ الكبد بتحويل الفركتوز إلى دهون ثلاثية الجليسريدات. يحول الكبد جزءاً من الدهون إلى الدم، أما الجزء الآخر فيبقى في الكبد. يمكن لهذه الدهون بمرور الوقت أن تشارك في الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الناجم عن شرب الكحول.
3- المشروبات الغازية المحلاة قد تكون سبباً رئيسياً للإصابة بمرض السكري 2
لدى تناول السكريات ترتفع نسبة الغلوكوز في الدم، ما يحفز البنكرياس على إنتاج الإنسولين الذي ينظم دخول الغلوكوز إلى خلايا الجسم ليتم تمثيله. ولكن، وفقاً للدارسة التي أجراها باحثون من معهد غارفان للبحوث الطبية في أستراليا، والتي نُشرت في "دورية المجلة الأميركية للتغذية السريرية" (The American Journal of Clinical Nutrition)، يسبب الفركتوز في المشروبات الغازية المحلاة انخفاض حساسية الخلايا لهرمون الإنسولين، وهو ما يُعرف بمقاومة الإنسولين.
ينتج عن مقاومة الإنسولين ارتفاع نسبة الهرمون والغلوكوز في الدم، وبالتالي زيادة فرص الإصابة بمرض السكري من النوع 2. هذا ما بينته دراسة أجراها فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد الأميركية ونُشرت في دورية "بلوس ون" (PLOS One). أظهرت الدراسة التي أُجريت في 175 دولة أن استهلاك علبة من المياه الغازية المحلاة يومياً، أو ما يعادلها من سعرات السكر الحرارية (150 سعرة حرارية)، يزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النوع 2 بنسبة 1.1%.
اقرأ أيضاً: انخفاض السكر في الدم: دليلك للأعراض والأسباب والعلاج
4- قد يرتبط استهلاك المشروبات الغازية المحلاة بالإصابة بمرض ألزهايمر
أظهرت الدراسة التي أجرتها "بولا موريرا" الباحثة في مركز علم الأعصاب وبيولوجيا الخلية في جامعة كويمبرا البرتغالية، ونُشرت في دورية "التوجه الحالي في التغذية العلاجية والرعاية الأيضية" (Current Opinion in Clinical Nutrition and Metabolic Care)، أن لزيادة نسبة السكر في الدم دوراً مهماً في الإصابة بالخرف (ألزهايمر). وبالنسبة للمشروبات الغازية المحلاة فقد أثبتت الدراسة التي أجراها فريق بحثي في جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية، ونُشرت في دورية "وايلي أون لاين لايبرري" (Wiley Online Library)، ضعف ذاكرة حيوانات التجربة التي استهلكت كميات كبيرة من المشروبات الغازية المحلاة، وتراجع قدرتها على اتخاذ القرار المرتبط مباشرة بمرض ألزهايمر.
5- المشروبات الغازية المحلاة من مسببات مرض النقرس
ينتج مرض النقرس الذي يصيب إصبع القدم الكبير بشكل خاص عن ارتفاع نسبة حمض البوليك في الجسم. وقد ربطت دراسة قام بها باحثون في جامعة تورنتو الكندية، ونشرت في دورية "بي إم جي أوبن" (BMJ Open)، ارتفاع نسبة حمض البوليك في الدم بارتفاع نسبة سكر الفركتوز. وبالتالي فإن لاستهلاك المشروبات الغازية المحلاة دوراً مهماً في الإصابة بمرض التهاب المفاصل (النقرس).
6- المشروبات الغازية المحلاة ضارة بصحة الأسنان
ينتج عن تفاعل الماء مع غاز ثاني أكسيد الكربون المُستخدم في تصنيع المشروبات الغازية تشكل حمض الكربونيك. لذا، يعرض شرب المشروبات الغازية الأسنان لتماس مباشر مع هذا الحمض، بالإضافة لأحماض أخرى مضافة مثل حمض الفوسفوريك والستريك، ما يجعلها عرضة للتسوس. هذا ما بينه البحث الذي أجراه أطباء في مستشفى برمنغهام لطب الأسنان وكلية طب الأسنان في المملكة المتحدة، ونُشر في دورية "المجلة الدولية لطب أسنان الأطفال" (International Journal of Paediatric Dentistry). وضحت الدراسة قدرة الأحماض العضوية في المشروبات الغازية على إلحاق ضرر بطبقة مينا الأسنان، فمع وجود نسبة عالية من السكريات التي تشكل طاقة سهلة الهضم للبكتيريا، تصاب الأسنان بالتسوس بمرور الوقت.
7- تأثير المشروبات الغازية الداكنة على كثافة العظام
وفقاً لدراسة أجراها باحثون في جامعة تافتس الأميركية، ونُشرت في دورية "الجمعية الأميركية للتغذية السريرية" (The American Journal of Clinical Nutrition)، تزداد فرص الإصابة بانخفاض كثافة العظام لدى شرب المشروبات الغازية الداكنة والغنية بحمض الفوسفوريك تحديداً (الكولا)، وذلك لدوره في امتصاص الكالسيوم في الجسم.
8- المشروبات الغازية سيئة للمرضى المعرضين للارتجاع الحمضي
تحتوي المشروبات الغازية على حمض الكربونيك بالإضافة لأحماض عضوية مضافة، لذا من الممكن أن تحفز المشروبات الغازية الارتجاع الحمضي. وفقاً لخبراء مركز "كليفلاند كلينك" الطبي (Cleveland Clinic) تضغط فقاعات غاز ثاني أكسيد الكربون على العضلة العاصرة السفلية للمريء، والتي تربط المريء بالمعدة، ما يسبب عودة أحماض المعدة إلى المريء.
إذاً، قد تترك السكريات الموجودة في المشروبات الغازية طعما حلواً، ويثير حمض الكربونيك أثراً ممتعاً على لسانك، إلا أنها وفقاً للتحذيرات العالمية قد تكون من أكثر جوانب النظام الغذائي الحديث سلبيةً.