أبصرت مجلة بوبيولار ساينس "العلوم للعموم" النور في مايو/ أيار عام 1872، فقد أسسها "إدوارد ليفنجستون يومانز"، هادفاً إلى نقل العلم من جدران مختبرات العلماء إلى عامة الناس، عن طريق تبسيط اللغة المكتوبة وتقريبها للعموم.
ومنذ تلك اللحظة، كتب فيها العديد من الكتّاب والمحررين والعلماء البارزين أمثال تشارلز داروين، ولويس باستور، وألبرت أينشتاين، وتوماس إديسون وغيرهم ممن تفخر بهم بوبيولار ساينس.
والآن في ذكرى التأسيس الـ 150، نقدم لكم قصة مجلتنا منذ لحظة ولادتها حتى الآن، وكيف تعلمت التكلّم باللغة العربية.
بوبيولار ساينس: من مهدها حتى يومنا هذا
كتب "إدوارد ليفنجستون يومانز" مؤسس مجلة بوبيولار ساينس في افتتاحية المحرر في مايو/ أيار 1872: "لقد تم تنظيم العمل في ابتكار العلوم لعدة قرون، لكن في المقابل، العمل في نشر العلم غير منظم بشكل كامل، ومن الواضح أنه المهمة العظيمة التالية للحضارة".
منذ عام 1872، وعلى مدار 150 عاماً مضت، ينشر محررو بوبيولار ساينس "العلوم للعموم" أعداداً مطبوعة للمجلة، ومقالات على الويب لا حصر لها، ومئات مقاطع الفيديو، وما زالت الجهود مستمرة لتحقيق هدف "يومانز" في تنظيم عالم البحث العلمي والابتكار، وتقديمه لمحبي العلم، والإجابة عن أسئلة الفضوليين يومياً، وتغيير الأفكار القديمة وتقديم الأفكار الجديدة وتبسيطها.
اعتقد "يومانز" أن الولايات المتحدة الأميركية كانت موطناً "للكثير من هذه العقول الفضولية، التي ستصبح أكثر عدداً في المستقبل". وفي غضون سنوات قليلة، تم إثبات صحة هذا الاعتقاد.
نمت المجلة التي أسس لها "يومانز" خلال الأعوام التالية، فقد تم توزيع 11 ألف نسخة منها بحلول نهاية عام 1873، ووصل العدد إلى 18 ألف نسخة عام 1887 الذي توفى فيه "يومانز" عن عمر ناهز الـ 65 عاماً. والآن تصل مجلة العلوم للعموم إلى الملايين من القراء العرب والأجانب.
بناء على طلب "يومانز"، ظهرت المجلة في لحظة محورية في تاريخ العلم والاختراع، ودخلت إلى عالم أصبحت فيه مخزوناً متنامياً من المعرفة العلمية، بما فيها اللقاحات والتلغراف والكهرباء والقاطرات والآلات الكاتبة والآلات الصناعية مثل المخارط ومكابس الحفر، والمواد جديدة مثل المطاط المعالج بالكبريت، وكل ما له تأثير على الحياة اليومية. وبدءاً من ذلك تلاشى الحاجز الذي يقف عائقاً في نقل العلم من أروقة المؤسسات الأكاديمية إلى عموم الناس.
كان كتّاب بوبيولار ساينس في بداياتها علماء وفلاسفة متمرسين، وناشدهم "يومانز" حينها أن يترجموا أعمالهم إلى لغة يمكن لمن هم خارج مجالاتهم فهمها بسهولة أكبر.
بعد وفاة يومانز، في بدايات القرن العشرين، عمل الناشرون الجدد على تصميم أغلفة وصور توضيحية نابضة بالحياة، تعرض التقدم السريع في عمل المجلة. وسعى المحررون، بالإضافة إلى شرح الأبحاث والعلم في وقتهم، إلى استكشاف رؤى المستقبل.
غطت حينها المجلة موضوعات وأحداث غيرت العالم، منها المكالمات الهاتفية الأولى، واختراع أجهزة الراديو، وتحليق الرحلات الجوية، وصناعة القنابل الذرية، والسيارات، والتلفاز. بحلول منتصف القرن، مع اندلاع الحروب العالمية الثانية، بدأ المحررون في تخيل عالم المستقبل وعواصمه الصاخبة والسيارات الطائرة وبالطبع الطائرات النفاثة الشخصية.
في السنوات التي تلت ذلك، أطلق المحررون على بوبساي لقب "مجلة كل جديد" (The What's New Magazine). والعلوم للعموم عام 2022 لن تتوانى عن تقديم كل جديد في مجالات العلوم المختلفة، ولن تتوقف عن الطموح.
مستمرون في تقديم الأقرب للعموم
ما زلنا نؤمن بمستقبل أفضل، ونحن متفائلون بإمكانية الاستفادة حتى من أصعب التحديات التي نواجهها، لتبقى "بوبيولار ساينس" منارة لمن يبحث من العموم عن العلم، قديمه وحديثه.
نقصد بأننا للعموم، الوصول إلى الناس أينما كانوا، وتعريفهم بالمفاهيم العلمية، وتقديم الحلول العلمية اللازمة للتجارب التي يخوضونها في حياتهم اليومية.
يذكّر ذلك الجميع بأننا جميعاً مستفيدون من العلم، وأن معظمنا، سواء أدركنا ذلك أم لا، معجبون به أيضاً. وهذا يعني أيضاً التأكد من أن عملنا يخاطب العموم ليس ككتلة متجانسة، ولكن كمجموعة متنوعة ذات احتياجات ومصالح مشتركة.
مجلة "بوبيولار ساينس" تتكلم العربية
بدأت مجلة بوبيولار ساينس التكلم بلغة عربية في أبريل/ نيسان عام 2017، وحملت النسخة العربية منها اسم "العلوم للعموم". ففي ذلك الحين أُطلقت المجلة بواسطة شركة هيكل ميديا (مجرة حالياً)، وبشراكة مؤقتة مع مؤسسة دبي للمستقبل حتى عام 2020، وقد قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، بتوجيه رسالة إلى الشباب العربي في افتتاحية العدد الأول من النسخة العربية.
وبالموازنة مع هدف يومانز في تأسيس "بوبيولار ساينس" الإنجليزية، أُنشئت "العلوم للعموم" العربية بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، ونشر العلوم بطريقة مبسطة بدءاً من علوم الحياة والطب والصحة الشخصية، مروراً بتربية الأطفال وصحتهم، وصولاً إلى علوم الأرض وتحديات التغير المناخي، وحتى علوم الفلك والفضاء. بالإضافة إلى تقديم أحدث الإنجازات العلمية بلغة عربية سليمة بما يساعد القارئ العربي على فهم محيطه والارتقاء بحياته ومجتمعه.