الوقت عامل حاسم جداً خلال حالات الطوارئ الطبية، خصوصاً السكتة القلبية، وبيّن بحث أولي جديد شمل نحو 200 ألف حالة إصابة بالسكتة القلبية خارج المستشفى مدى أهمية هذا العامل. كلما أسرع أحد المارة بإجراء عملية الإنعاش القلبي الرئوي (خلال وقت لا يتجاوز 10 دقائق من بدء السكتة القلبية في الحالة المثالية)، زاد احتمال نجاة المريض من السكتة القلبية. كان احتمال نجاة المرضى الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي السريع أعلى بنسبة 81% حتى الخروج من المستشفى، بينما كان احتمال النجاة دون التعرض لتلف كبير في الدماغ أعلى بنسبة 95%. قرر الباحثون تقديم البيانات الأولية في ندوة علوم الإنعاش التي تنظمها جمعية القلب الأميركية والتي كان مقرراً عقدها يومي 16 و17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ما أهمية عامل الوقت خلال السكتة القلبية؟
تحدث السكتة القلبية عندما يحدث خلل ما في القلب ويتوقف فجأة عن النبض. وعندما يحدث ذلك، قد يتسبب نقص تدفق الدم إلى الدماغ والأعضاء الأخرى بتلف الأعضاء أو الوفاة إن لم يخضع المريض للعلاج على الفور. يعزز إجراء عملية الإنعاش القلبي الرئوي تدفق الدم إلى القلب والدماغ، ما يؤدي إلى كسب الوقت قبل وصول المسعفين. السكتة القلبية مميتة غالباً دون الرعاية الطبية السريعة الهادفة إلى تجديد تدفق الدم.
اقرأ أيضاً:مهارات أساسية في الإسعافات الأولية على الجميع تعلمها
وفقاً لجمعية القلب الأميركية، يتجاوز العدد السنوي للسكتات القلبية خارج المستشفى في الولايات المتحدة 357 ألفاً، ويبلغ معدل نجاة المرضى 9.3%.
قال زميل أمراض القلب والشرايين في معهد سانت لوك مِد أميركا للقلب (Saint Luke’s Mid America) وجامعة ميزوري كانساس سيتي والمؤلف المشارك للدراسة، الدكتور إيفان أوكيف، في بيان صحفي: "تؤكد نتائجنا أهمية كل ثانية عند بدء الإنعاش القلبي الرئوي من قِبل المارة، وتبين أن التأخير بضع دقائق يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً. إذا رأيت شخصاً ما بحاجة إلى الإنعاش القلبي الرئوي، لا تفكر في الفترة الزمنية التي قضاها في هذه الحالة؛ إذ إن تصرفك بسرعة قد ينقذ حياته".
أهمية الإنعاش القلبي الرئوي الذي يجريه المارة
حلل الباحثون في الدراسة الجديدة 160,822 حالة من حالات السكتة القلبية التي حدثت خارج المستشفى في الفترة بين عامي 2013 و2022. بلغ متوسط عمر المرضى 64 سنة، وشملوا 54 ألف امرأة.
قارن الفريق الحالات التي بدأ فيها المارة عملية الإنعاش القلبي الرئوي في غضون فترات زمنية مختلفة مع الحالات التي لم يتدخل فيها المارة؛ وذلك لتحديد الفرق في نسب النجاة ووظيفة الدماغ بعد مغادرة المرضى للمستشفى.
قال أوكيف: "لاحظنا أن احتمال نجاة الأشخاص الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة خلال الدقائق القليلة الأولى من السكتة القلبية أكبر بكثير، كما تمتعوا بوظيفة دماغية أفضل من الذين لم يتلقوا الإنعاش القلبي الرئوي. كلما تأخر البدء بعملية الإنعاش القلبي الرئوي، انخفض احتمال بقاء المريض على قيد الحياة. مع ذلك، حتى عندما بدأ المارة بهذه العملية بعد السكتة القلبية بفترة تصل إلى 10 دقائق، تمتع المرضى الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي باحتمال نجاة أكبر مقارنة بالأفراد الذين لم يتلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة.
بالإضافة إلى ذلك، كان احتمال نجاة المرضى الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي في غضون دقيقتين من السكتة القلبية خارج المستشفى أعلى بنسبة 81% حتى خروجهم من المستشفى. تمتع هؤلاء أيضاً بمعدل نجاة دون التعرض لتلف دماغي كبير أعلى بنسبة 95% مقارنة بالمرضى الذين لم يتلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لتقديم الإسعافات الأولية في حالات التسمم
حتى المرضى الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة بعد السكتة القلبية بفترة تصل إلى 10 دقائق تمتعوا بمعدل نجاة أعلى بنسبة 19% حتى خروجهم من المستشفى، وبنتائج عصبية أفضل بنسبة 22% من الذين لم يتلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة.
نجا نحو 12% فقط من المرضى الذين لم يتلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من المارة وخرجوا من المستشفى. بينما نجت نسبة تتجاوز 9% منهم دون حدوث تلف دماغي كبير أو إعاقات كبيرة. اختفى الارتباط بين عملية الإنعاش القلبي الرئوي من قبل المارة وازدياد احتمال البقاء على قيد الحياة في الحالات التي بدأت فيها العملية بعد أكثر من 10 دقائق من السكتة القلبية.
من عيوب الدراسة الجديدة أن متوسط وقت وصول فنيي الطوارئ الطبية إلى الشخص الذي يعاني السكتة القلبية بلغ نحو 10 دقائق. من المرجح أن الباحثين قارنوا الأشخاص من هذه الفئة الذين تلقوا الإنعاش القلبي الرئوي من قبل المارة بعد 10 دقائق من السكتة القلبية بمجموعة المرضى الذين حصلوا على الرعاية الطبية من المتخصصين.
كيف يمكن تعلم طريقة الإنعاش القلبي الرئوي؟
الإنعاش القلبي الرئوي هو طريقة منقذة للحياة يجب على الجميع تعلّمها. يقدم كل من الصليب الأحمر وجمعية القلب الأميركية التدريبات والشهادات في الطريقة. هناك أيضاً الكثير من المصادر الموثوقة التي تعلم الإنعاش القلبي الرئوي للمارة بطريقة سهلة. التعلم من هذه المصادر الموثوقة أفضل عموماً من طرح الأسئلة على مساعدات الذكاء الاصطناعي مثل سيري (Siri) وأليكسا (Alexa)؛ إذ إن المعلومات الصحية تتغير من سنة لأخرى بناءً على الأبحاث الجديدة.
من الضروري أيضاً اتباع القواعد الثلاث الأساسية، وهي التحقق من حالة المريض والاتصال بالطوارئ وتقديم الرعاية. تحقق من حالة المريض واتصل بخدمات الطوارئ ثم قدّم الرعاية للمريض بأفضل ما بوسعك. ثمة ولايات أميركية عديدة سنّت القوانين التي تحمل اسم "قوانين السامري الصالح" (Good Samaritan laws) والتي تقي المريض من الإهمال في أثناء إجراء المارة لعملية الإنعاش القلبي الرئوي في حالات الطوارئ.
قال أوكيف: "تسلط النتائج الجديدة الضوء على الأهمية الكبيرة للاستجابة السريعة في حالات الطوارئ، كما تبين أننا بحاجة إلى التركيز على تعليم المزيد من الأشخاص كيفية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي، وأن علينا التركيز على طرق تقديم المساعدة لأولئك الذين يعانون السكتة القلبية بسرعة أكبر. قد يشمل ذلك نشر برامج التدريب على الإنعاش القلبي الرئوي على نطاق أوسع، بالإضافة إلى تسهيل وصول عامة الناس إلى أجهزة تنظيم ضربات القلب الخارجية المؤتمتة وتعزيز كفاءة أنظمة إرسال المساعدة".