ما الأنشطة التي تساعد على تنمية الذكاء البصري عند الأطفال؟

ما الأنشطة التي تساعد على تنمية الذكاء البصري عند الأطفال؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Joaquin Corbalan P

وسّع عالم النفس هاورد غاردنر التعريف الضيق للذكاء، وكان الذكاء البصري أحد أشكال الذكاء الثمانية في نظرية أنماط الذكاء المتعددة التي اقترحها، وأكد أن الذكاء البصري لا يقل أهمية عن الذكاء اللغوي والمنطقي الرياضي والموسيقي والعاطفي والحركي، خاصةً في المجالات الأكاديمية والهندسية.

وعلى الرغم من أهميته، فإنه نادراً ما يتم تضمينه في مناهج رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائية. فكيف يمكن أن نساعد أطفالنا على تنمية الذكاء البصري لديهم من خلال الأنشطة اليومية؟

بدايةً، كيف يمكن أن نعرّف الذكاء البصري؟

الذكاء البصري أو المكاني هو القدرة على فهم المواقع النسبية للأشياء في العقل وتخيلها وتذكرها، بالإضافة إلى امتلاك القدرة على تعديلها في مخيلتنا وتحريكها ذهنياً. تتجلى أهمية هذه المهارات البصرية المكانية في العديد من المجالات الأكاديمية كالعلوم والهندسة والرياضيات، فعلى عالم الجيولوجيا أن يكون قادراً على تخيل حركة الصفائح التكتونية ليكون قادراً على تصور عملية تكوين الأرض وفهمها.

وبالشكل نفسه، ينبغي أن يكون جراح الأعصاب قادراً على تخيل الفصوص الدماغية للتنبؤ فيما إذا كان قادراً على التدخل الجراحي أم لا، وعلى المهندس أن يتخيل كيف يمكن أن تؤثر القوى المختلفة على تصميم البناء الخاص به. هذا ما يُفسر أن الأفراد الذين يحصلون على درجات عالية في اختبار الذكاء البصري يميلون إلى التخصصات الهندسية والرياضيات والعلوم.

اقرأ أيضاً: 4 ألعاب مسلية للأطفال في المنزل تنمي الذكاء وروح العمل الجماعي لديهم

كيف يتظاهر ضعف الذكاء البصري عند الأطفال؟

تعود المشكلات المتعلقة بالذكاء البصري إلى وجود مشكلة في أحد المجالات السريرية التالية:

  • المهارات البصرية مثل الإدراك والتخطيط والتسلسل والتتبع أو الذاكرة، والتي قد تكون ناجمة عن مشكلة في الرؤية.
  • التماسك المركزي ويعني فهم الصورة الشاملة.
  • الانتباه؛ أي التركيز لفترة كافية لحل المشكلة وتصورها.

ويتظاهر الخلل في أحد المجالات السابقة على شكل صعوبة في حل مكعب روبيك أو اللعب باليويو، حيث لا يكون الطفل قادراً على تتبع الجسم بصرياً في الفضاء المادي. كما قد يتظاهر على شكل صعوبة في البحث في الخريطة أو قراءة الرسوم البيانية أو حل الألغاز، حيث يجد الآباء تفضيلاً واضحاً عند طفلهم للقراءة أو التحدث أكثر من حل لغز ما.

من جهة أخرى، تعتبر الصعوبة في فرز الأغراض وعدم القدرة على تجميع العناصر المتشابهة معاً وصعوبة جمع الملابس المناسبة معاً؛ كغياب القدرة على انتقاء زي متناسق وصعوبة التمييز بين جهتي اليمين أو اليسار والضياع في أماكن مألوفة سبق وأن كان موجواً فيها، علامات توجّه نحو وجود ضعف في الذكاء البصري، إذ يعكس ويشير وجود هذه العلامات إلى وجود تحديات تتعلق بالوعي للجسم والفضاء المحيط، ففي الحالة الطبيعية يستخدم الأطفال الذكاء البصري لخلق وعي مكاني بشكل متكرر في الوظائف اليومية.

اقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات بسيطة تساعد الطفل في التركيز والحفظ

كيف يمكن تنمية الذكاء البصري عند الأطفال؟

لحسن الحظ يمكن تنمية الذكاء البصري عند الأطفال منذ أعمار صغيرة عن طريق التركيز على مجموعة من الأنشطة اليومية والبسيطة، نذكر أبرزها:

1. استخدام المصطلحات المكانية في التفاعلات اليومية

يساعد الآباء أطفالهم على تحسين ذكائهم البصري عن طريق تعزيز استخدام المصطلحات المكانية التي ترتبط بوعي الأطفال للمكان والأجسام، مثل مثلث ومربع ومستطيل ومكعب والاتجاهات مثل يمين ويسار وأعلى وأسفل. حيث يتعلم الأطفال بشكل أفضل عندما يتم إعطاؤهم أسماء للعلاقات المكانية، ولا يكفي أن تتحدث إلى طفلك لتعليمه المصطلحات المكانية، بل ينبغي أن تطلب منه أن يكرر الكلمات لك ويشرح لك ما تعنيه.

2. تعليم الطفل الإيحاءات والرموز التعبيرية

إيماءة اليد هي أداة اتصال وتعليم قوية ويتعلم الأطفال بشكل أفضل عندما يستخدم المعلمون الإيحاءات أكثر مما يتعلمونه عند استخدام الكلام وحده، حيث تساعد على تعزيز الانتباه والتركيز. وبالشكل نفسه، عندما يستخدم الأطفال الإيحاءات للإشارة إلى حركات الأشياء فإن ذكاءهم البصري يتحسن أيضاً، كما يُساعد تعريف الطفل بالرموز التعبيرية على تعزيز الذكاء البصري مثل رموز المهن المختلفة والإشارة لما يدل كل منها. 

اقرأ أيضاً: بشرى سارة للآباء: ألعاب الفيديو تزيد من معدل ذكاء الأطفال

3. تعليم الأطفال كيفية التخيل باستخدام عين العقل

التخيل بعين العقل هو استخدام الصور المرئية لتمثيل كائن غير موجود فيزيائياً، وهي مهارة قوية تساعد على التخيل المكاني وحل المشكلات. يمكن تطبيق ذلك عن طريق عرض تجارب لسقوط كرة في أنابيب ملتوية والطلب من الطفل تخيل مسار الكرة وأين ستسقط، إذ يساعدهم ذلك بشكل كبير على خلق تصور منطقي لمسار الأجسام.

كما يُطبق ذلك عند الطلب من الطفل المساعدة على انتقاء لون الغرفة الخاصة به وأثاثها وعرض الخيارات المتاحة من الأثاث والألوان، ليختار هو التصميم واللون الذي يرغبه، وبذلك يكون الآباء قد ساعدوا طفلهما في تخيل ماهية الغرفة وما ستصبح عليه.

4. تخصيص ساعة من اليوم لألعاب الذكاء

أداء الأطفال الذين يُخصص لهم وقت لألعاب الذكاء أفضل من أقرانهم الذين لا يهتمون باللعب، وتكون لعبة البناء وتجميع هيكل بسيط باستخدام اللبنات الأساسية أو الطلب من الأطفال بناء مبنى يطابق في الشكل واللون مبنى موجود على الرغم من سهولتها وسلاستها، إحدى أهم ألعاب تنمية الذكاء البصري وخاصة عند الأطفال الأصغر سناً، إذ تزيد ألعاب البناء مثل قطع الليغو من قدرة الطفل على التخيل المكاني، ويمكن للألعاب أيضاً أن تكون على شكل قصة تتضمن مشكلة والطلب من الطفل حلها أو حل ألغاز بسيطة.

اقرأ أيضاً: اختبارات الذكاء وبنوك الحيوانات المنوية: تاريخ الأطفال الموهوبين

5. تخصيص وقت للاطلاع على الخرائط

تساعد قراءة الخرائط الأطفال على اكتساب مفاهيم مجردة عن الفضاء والقدرة على التفكير بشكل منهجي في العلاقات المكانية، التي لا يتم اختبارها بشكل مباشر في العالم المادي، إذ تقدّم الخرائط معلومات مكانية تختلف عن الخبرة المباشرة في التنقل حول العالم، وبذلك يمكن للأطفال تعلم التفكير في العلاقات المكانية المتعددة واسعة النطاق بين المواقع المختلفة بطريقة ملموسة من خلال قراءة الخرائط. ويمكن أيضاً دمج اللعب في قراءة الخرائط وجعلها أكثر متعة. على سبيل المثال، يُمكن الطلب من الطفل أن يحفظ منطقة معينة ويُطلب منه إغماض عينيه ووصف المنطقة ومجاوراتها من الدول.

6. العزف على آلة موسيقية

تعلم العزف يزيد من القدرة على التخيل الزماني والمكاني، فالتخيل يتطلب التفكير بالعناصر التي تتبدل بمرور الوقت والتنقل بين العناصر المتغيرة عنصراً تلو الآخر لتخيل كيف تتناسب معظم العناصر، وهذا ما يحققه تعلم الموسيقى. وذلك حسب نظرية "تأثير موتسارت" المثيرة للجدل التي تنص على أن الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يعزز مجموعة متنوعة من المهارات، بما في ذلك التفكير البصري والمكاني.

اقرأ أيضاً: الأسرة المترابطة تمحي آثار الفقر وترفع معدل ذكاء الأطفال

7. صناعة الحرف ثلاثية الأبعاد

عوضاً عن شراء المكعبات وقطع الليغو وألعاب البازل (Puzzles)، يمكنك تخصيص ساعة من وقتك لتصنيع هذه الألعاب والحرف بمساعدة طفلك، فعندئذ لا تكون تتقرب من طفلك أو تضيف قطعة مميزة إلى مجموعة ألعابه فحسب، وإنما تغني من ذكائه البصري أيضاً عن طريق تحفيز مخيلته لتقدير وفهم الأبعاد كالطول والعرض والارتفاع، فعندما يفهم الطفل كيف تتركب الأشياء يسهل عليه في المرات القادمة تخيلها بشكل أدق.

المحتوى محمي