يعدّ تعلّم ركوب الدراجة من المراحل الأساسية في حياة أفراد العديد من العائلات والمجتمعات، ما يجعل القدرة على تعليم شخص ما كيفية ركوب الدراجة مهارة لا تقل أهمية عن تعلم ركوب الدراجات نفسه. قد تكون المحاولات الأولى مخيفة بالنسبة للأطفال، لكن سيكون كل من إيجاد التوازن الصحيح واكتساب مهارة التنسيق أسهل إذا حصلوا على المساعدة من معلّم واثق يوجّههم. ويمكنك أن تؤدي دوراً مهماً في هذه العملية.
مع ذلك، فإن الاعتياد على ركوب الدراجة ليس مهارة فطرية، كما أن السقوط شبه محتوم في مرحلة التعلّم حتى يكتسب الأطفال المهارة. التحديات هي جزء طبيعي من العملية، ولكن هناك بعض الطرق التي يمكنك تطبيقها لمساعدة الطفل الذي تعلّمه على الاعتياد على ركوب الدرجات بعجلتين من دون أن يواجه الكثير من المشكلات.
اقرأ أيضاً: دع أطفالك يشعرون بالملل: إنه صحيّ تماماً
تجنّب عجلات التدريب فدراجات التوازن هي الأفضل
إذا كنت في العشرينيات من عمرك أو أكثر، فربما تتذكر أنك تعلّمت ركوب دراجة بعجلات التدريب الثقيلة والمثبتة على العجلة الخلفية. تساعد هذه العجلات الإضافية المتعلم على ركوب الدراجة واستخدام الدواسات. لكن وفقاً لمدرّب ركوب الدراجات المعتمد لدى رابطة راكبي الدراجات الهوائية الأميركية (League of American Bicyclists) ، فيل يِب، الذي يدرّس في مؤسستي بايك إيست باي (Bike East Bay) وتحالف سان فرانسيسكو للدراجات الهوائية (San Francisco Bicycle Coalition) غير الربحيتين، لا تساعد هذه العجلات بشكل جيد على التدريب على الجزء الأصعب والأهم من ركوب الدراجة، وهو التوازن. يقول يِب إن البديل الأفضل بكثير هو البدء بالتدرّب على ركوب دراجات التوازن.
هذه الدراجات بسيطة؛ إذ إنها تشبه الدراجات العادية الصغيرة لكنها لا تحتوي على دواسات. يُحرّك الدراجون الذي يستخدمون هذه الدراجات أنفسهم للأمام من خلال الدفع بأقدامهم على الأرض، أي أنهم يركضون وهم على الدراجة. يستطيع المتعلمون الجدد المشي بالسرعة التي تناسبهم في أثناء ركوب الدراجة، ويمكنهم بعد اكتساب الثقة البدء بالتحرك بسرعة أكبر حتى يتمكّنوا من رفع أقدامهم عن الأرض بشكل طبيعي وقطع مسافات أكبر تدريجياً، وبمجرد أن يتقنوا التوازن مع رفع الأقدام عن الأرض والانعطاف باستخدام كل من المقود وتمييل الجسم، يصبح استخدام الدراجات الهوائية العادية وتعلّم التفاصيل الدقيقة للتدويس والإقلاع والتوقّف سهلاً. ليس هنالك حاجة إلى استخدام عجلات التدريب غالباً.
وجدت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين بدؤوا بالتدرب على ركوب دراجات التوازن تعلموا ركوب الدراجة العادية بسن 4 سنوات في المتوسط، في حين أن الذين بدؤوا بركوب الدراجات التي تحتوي على عجلات التدريب لم يتعلموا ركوب الدراجات العادية حتى اقتربوا من سن 6 سنوات.
اقرأ أيضاً: دليلك لتشجّع طفلك على تخطي خوفه من نزول البحر
بدأت بتدريب طفليّ على ركوب دراجات التوازن عندما كانا في الثانية تقريباً (وهما توأمان)، وفي غضون أسبوعين، اكتسبا القدرة على التحرك بسرعة لم أستطع مجاراتها في أثناء المشي في الحيّ. وعندما بدأنا باستخدام الدراجات العادية قبل بضعة أشهر من عيد ميلادهما الخامس، تمكّنا من ركوبها بمهارة بعد جلستي تدريب قصيرتين في مدخل المنزل، كما أنهما تمكنا من الإقلاع بسهولة وحدهما من دون أن أُضطر إلى دفعهما بعد بضعة أيام. استخدم طفليّ عجلات التدريب مدة 30 دقيقة، وذلك فقط لأننا اشترينا الدراجات وهي مجمّعة بالكامل ورفضا انتظاري لإزالة هذه العجلات قبل البدء بركوب الدراجتين.
حتى لو كان أطفالك أكبر سناً، أو كنت تحاول تعليم نفسك، فإن دراجات التوازن هي الخيار الأول الأفضل. إذا لم تتمكن من العثور على دراجة توازن أكبر حجماً أو كنت لا ترغب في شراء واحدة، يقترح يِب إزالة الدواسات من الدراجة العادية وخفض المقعد حتى تستقر أقدامك على الأرض.
اخلق ظروفاً مسلية وآمنة للتعلّم
قد يكون ركوب الدراجات الهوائية مخيفاً في البداية، لذلك من المهم أن يبدأ الأطفال بالتعلّم في بيئة مريحة. يقول متسابق الدراجات الجبلية الدولي السابق والميكانيكي في كأس العالم للدراجات الجبلية التابع لاتحاد راكبي الدراجات الهوائية الدولي (UCI Mountain Bike World Cup) ومدرب الدراجات الهوائية من بلدة مورزين الفرنسية، بيتر بالين: "ابدأ في منطقة مسطحة خالية من السيارات، مثل حديقة أو طريق مسدود هادئ، حيث يمكن للأطفال التدرب من دون أن يتشتت انتباههم أو يتعرضوا لخطر. يمكن البدء بالتدريب على العشب في أحسن الأحوال لأنه ألين بالنسبة للأطفال إذا سقطوا". يجب ألا يضطر الأطفال إلى تجنّب المخاطر أو التدرّب في مناطق ضيقة. ساعدهم على التركيز على ركوب الدراجة فقط.
يقول يِب إنه من الضروري أيضاً أن تتذكر أن تعلم مهارات جديدة أمر غير مريح، لذلك لا تضغط الأطفال كثيراً، ففي النهاية، يجب أن يكون ركوب الدراجة ممتعاً. إذا لم يستمتع الأطفال بهذا النشاط، أو إذا توتروا بسبب الضغط المفرط، فسيواجهون صعوبة أكبر في التعلم. يقول يِب: "يفضّل السماح للطفل بالتعلم بالسرعة التي تناسبه". لا توجد مدة محددة يجب أن يستغرقها التدرب على ركوب الدراجة. ينتقل الطلاب الذين يدربهم يِب من استخدام دراجة التوازن إلى الدرجات العادية خلال يوم واحد أحياناً، ولكن قد يستغرق البعض أسابيع أو شهوراً، ولا ضير في ذلك.
يقول بالين إنه مع ازدياد مهارة الأطفال، قد يمثّل منحهم تحديّات بسيطة وسيلة ممتعة للحفاظ على انخراطهم في العملية وتحفيزهم من دون ممارسة ضغط لا داعي له عليهم. ينصح بالين بتصميم مضمار حواجز بسيط ليقود الأطفال دراجاتهم فيه، أو تحضير سباقات مع الزمن لتحفيزهم والحفاظ على حماسهم للتعلّم.
اقرأ أيضاً: حتى لا يشعروا بالملل: 4 طرق لتعليم الأطفال في المنزل
لا تنسَ تدريبهم على عادات الركوب الآمنة أيضاً
لا يقتصر تعليم ركوب الدراجة على تدريب الأطفال على التوازن والتدويس فقط؛ إذ يجب عليهم التعلّم عن عوامل الأمان أيضاً. أول هذه العوامل هو ارتداء خوذة دائماً في أثناء ركوب الدراجة. وجد أحد التحليلات أن ارتداء الخوذ يمكن أن يقلل من خطر كل من إصابات الرأس بنسبة 45% وإصابات الدماغ بنسبة 33% وإصابات الوجه بنسبة 27% والوفاة بنسبة 29%. شهدتُ أهمية ارتداء الخوذة مباشرة؛ إذ سقط أحد أطفالي عن دراجة التوازن سقطة خطيرة وضرب وجهه بالأرض. أنقذته حافة الخوذة من إصابة لا تقل خطراً عن شق في الشفة، وأنا متأكد أننا كنا سنضطر إلى الذهاب إلى المستشفى لو لم يكن مرتدياً الخوذة عندها.
تكون الخوذ أكثر فاعلية عندما يكون قياسها ملائماً للرأس تماماً. أصدرت الإدارة الوطنية الأميركية للسلامة المرورية على الطرق السريعة وثيقة واضحة ومفصّلة حول كيفية ضبط الخوذة لتناسب رؤوس البالغين أو الأطفال. بشكل أساسي، يجب أن تكون الخوذة مستوية على الرأس وتغطي الجبهة، وأن تكون الأشرطة على جانبي الرأس مشدودة تحت الأذنين جيداً، كما يجب أن يكون رباط الذقن محكماً بدرجة كافية بطريقة لا تسمح لك إلا بوضع إصبع أو اثنين تحته. إذا كانت الخوذة مرتخية جداً أو في وضعية خاطئة، فقد لا تؤدي وظيفتها بشكل ملائم.
يقول كل من يِب وبالين إنه يجب على الأطفال أن يتعلموا أيضاً قواعد الطريق. احرص على تعليمهم أنه يجب عليهم دائماً قيادة الدراجة باتجاه حركة المرور بدلاً من عكسها، وفسّر لهم لماذا يجب التوقّف عند التقاطعات واشرح معاني إشارات التوقف وإشارات الطريق، ومن له أولوية المرور في المواقف المختلفة. حتى لو كانوا أصغر بكثير من أن يركبوا الدراجات وحدهم، لا ضير في إطلاعهم على هذه المعلومات من البداية.
اقرأ أيضاً: ما الأنشطة التي تساعد على تنمية الذكاء البصري عند الأطفال؟
التعلّم في مجموعة يساعد الأطفال على التغلب على مخاوفهم
يقول يِب إنه إذا واجه طفلك الصعوبات في تعلم ركوب الدراجة الهوائية أو إذا كان خائفاً من الركوب، فقد يكون مفيداً تدريبه مع أطفال آخرين. إذا كان لديه صديق أو جار أو قريب يستطيع ركوب الدراجة بالفعل، فحاول جمعهما معاً حتى يتمكن طفلك من تقليد ما يفعله الطفل الآخر. قد تكون رؤية الطفل لشخص آخر قريب من عمره وهو يقوم بنشاط يخشاه الطفل محفّزاً كافياً يدفعه لتجربة شيء جديد.
الانضمام إلى صفوف تدريب ركوب الدراجات هو خيار متوفر أيضاً؛ إذ إنها تضم أشخاصاً آخرين يمكن أن يقلدهم طفلك، كما أن الأطفال يحتاجون أحياناً إلى التعلم من شخص آخر غير آبائهم أو مقدّمي الرعاية، خاصة إذا شعر الآباء بالإحباط بسبب عدم تحسن مهارة أطفالهم. يقول يِب إن هذه الصفوف يمكن أن تمثّل أيضاً تجربة تعزز ثقة الأطفال الذين قد يشعرون بالحرج لأنهم لا يعرفون كيفية ركوب الدراجات بأنفسهم. سيرى الأطفال أشخاصاً من جميع الأعمار يتعلمون الركوب أيضاً، وسيدركون أن عدم إتقان هذه المهارة حتى الآن ليس معيباً.
وبمجرد أن يكتسب طفلك مهارة في ركوب الدراجات الهوائية، ستصبح صفوف تعلم الركوب وسيلة رائعة لتوسيع معرفته، ومعرفتك أيضاً، حول ركوب الدراجات الهوائية. سواء كان الأمر يتعلق بالاعتياد على ركوب الدراجات في الشوارع أو الدخول إلى عالم دراجات بي إم إكس (BMX) المثير أو ركوب الدراجات في الجبال، هناك الكثير من الطرق لتعزيز مهارة الأطفال في ركوب الدراجات والتوازن عليها.