غالباً ما يعني قدوم طفل جديد حرمان الوالدين من النوم خلال السنوات الـ 5 الأولى من عمر الطفل. أبلغ ما بين ربع وثلث الآباء عن مشاكل في النوم لدى الأطفال دون سن الخامسة. إنه أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لاستشارة الآباء لأطباء الأطفال.
يسعى الآباء لتعلم كيفية تنظيم نوم أطفالهم وكيفية تأثير النوم على نموهم. كما يشجع الضغط الاجتماعي الآباء على البحث عن إجابات لمشكلة «الحصول على ساعات نوم كافية ليلاً» في أسرع وقت ممكن، أو مواجهة «ذنب الوالدين».
ولكن ماذا يعني النوم الصحي بالنسبة للرضّع؟ ما هي الشروط اللازمة لتحقيق الاستفادة القصوى من فوائد النوم على نمو الطفل؟ وما هي عواقب عدم الحصول على قسط كاف من النوم؟
يمنحنا علم النوم الكثير من الحقائق التي تستحق التمعّن والتي يمكننا التصرف بناءً عليها، على الرغم من أن العديد من الأمور لا زلت قيد المناقشة داخل المجتمع العلمي وبين المتخصصين في مرحلة الطفولة المبكرة. هناك فجوة كبيرة بين ما يعرفه العلم عن العلاقة بين نمو الطفل والنوم وما يتم تدواله بين الناس. على سبيل المثال، تخلق أسطورة النوم طوال الليل في عمر معين توقعات غير واقعية عند الآباء يمكن أن تهز ثقتهم بأنفسهم.
أنشأتُ مع «كاثرين لورد»، وهي المؤسسة المشاركة ورئيسة شركة «إيميرساينس»، مشروعاً حول النوم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات وأقل بعنوان «تعلُّم النوم مثل تعلم المشي». يهدف المشروع إلى مساعدة الآباء الذين ضاعوا في زوبعة من المعلومات غير المؤكدة التي تتخللها النصائح والشهادات الشخصية وتوصيات الخبراء.
3 حقائق عن نوم الرضع
- النوم ركن من أركان الصحة السليمة، مثله مثل الأكل الصحي وممارسة الرياضة. يرتبط عدد من الأمور المتعلقة بنمو الطفل بالنوم، ومنها التفكير (الصحة الإدراكية) والتفاعل مع الآخرين (المهارات الاجتماعية) والنمو (الصحة البدنية) والشعور بالعواطف (الصحة العقلية) والقدرة على الشفاء (الصحة المناعية). النوم والصحة مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، كما أنه كلما كانت صحتك أفضل، كانت جودة نومك أفضل.
- تطور جودة النوم هو أمر يختلف فيه كل طفل عن الآخر، تماماً مثل تعلم المشي. تختلف احتياجات النوم مع التقدم بالعمر وليست هي نفسها بالنسبة لجميع الأطفال. ليس لدى الأطفال نفس الحاجة لأخذ القيلولات والنوم الليلي كالبالغين.
اقرأ أيضاً: لماذا من المهم أن ينام الأطفال مبكراً؟
نحن ننمو جسدياً بنفس السرعة وسطياً، لكننا لا ننمو كأشخاص جميعاً بنفس الوتيرة بالضبط. مثل المشي، يتطور النوم بوتيرة مختلفة بالنسبة لكل طفل. تسمى هذه الفترة بمرحلة نضج النوم. تختلف جودة النوم بشكل كبير بين الأطفال حتى عمر السنتين. وجدت دراستان تابعتا مجموعة من الأطفال على مدار فترة زمنية أن الوقت الذي يستغرقه الغَفْو يتناقص خلال الأشهر الـ 6 الأولى من العمر، وأن الأطفال يستيقظون أقل في الليل خلال السنة الثانية من العمر.
قد يعاني الأطفال من تقلبات في النوم بحلول عمر الـ 6 أشهر. ويختلف النوم حتى سن الـ 3 من طفل إلى آخر. لتهيئة الظروف الملائمة للتأثير بشكل إيجابي على نمو نوم الطفل، فإن الشيء المهم الذي يجب مراعاته ليس عمره، بل مرحلة نموّه.
- يصبح الغفو ممكناً مع دعم الوالدين إذا تم تنفيذ ذلك بالتدريج. هناك عدد لا يحصى من الطرق لتربية الأطفال بطريقة تدعم نموهم. وينطبق الشيء نفسه على اكتساب استقلالية النوم، والتي تعني قدرة الطفل على النوم والعودة إلى النوم بمفرده بثقة.
يمكن اكتساب هذه الثقة بطرق مختلفة طالما تتم مراعاة السلامة: مع أو بدون بكاء الطفل، النوم مع الطفل أو لا، الرضاعة الطبيعية أم الاصطناعية، استخدام الماء أو الحليب. يتم تنظيم النوم من خلال عمليات حيوية، ولكنه يتأثر أيضاً بعوامل بيئية، مثل ممارسات الوالدين المتعلقة بالنوم.
اقترح اثنان من الخبراء البارزين في مجال نوم الأطفال، وهما «آفي ساديه» و «توماس أندريس»، نموذجاً نظرياً لنوم الأطفال. مستنداً إلى مقاربة بيولوجية نفسية اجتماعية، يأخذ هذا النموذج العديد من العوامل في الاعتبار، ومنها العوامل المرتبطة بالطفل (مثل المزاج)، والآباء (مثل مشاكل الصحة العقلية) والعلاقة بين الوالدين والطفل (مثل أنماط التربية). كل هذه العوامل تؤثر على نوم الطفل.
تتأثر جودة النوم بسياق اجتماعي يلعب فيه الآباء دوراً مهماً في تعزيز استقلالية النوم. بيّنت دراسة وبائية أجريت على الرضّع والرضّع مبكّري الولادة الذين اُدخلوا إلى وحدات رعاية الأطفال الخاصة بعد الولادة أن عدم النضج العصبي أقل أهمية في ظهور مشاكل النوم من سلوكيات الوالدين.
أظهرت الدراسات أن تصرفات الوالدين، مثل البقاء بالقرب من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة حتى يناموا، يمكن أن تؤدي إلى ظهور المزيد من مشاكل النوم. تشير إحدى مراجعات الدراسات التي أجريت على نوم الأطفال إلى أن بعض أنواع التفاعلات بين الآباء وأطفال ما قبل المدرسة في وقت النوم قد ترتبط بوجود مشاكل في النوم. يمكن للوالدين دعم أطفالهم في تعلم الغفو والعودة إلى النوم بمفردهم، بمجرد أن يرى الوالدان أن الطفل جاهز.
اقرأ أيضاً: ما هو السن الأنسب لتعليم الأطفال مهارات مثل القراءة والسباحة؟
3 طرق لتحقيق استقلالية النوم عند الأطفال
تصف إحدى دراسات مراجعة الأبحاث العلمية مزايا وعيوب طرق التدخل المختلفة في النوم. يبدو أن بعض هذه الطرق مناسب أكثر من غيرها، وذلك يعتمد على عمر الطفل أو نموه أو السياق الذي ظهرت فيه مشاكل النوم.
- إن طرق التدخل السلوكي في النوم تثني الآباء عن التدخل عندما يستيقظ الأطفال في الليل، وذلك حتى يتمكن الطفل من تعلم كيفية النوم بمفرده. تتضمّن الأساليب الثلاثة (طريقة التهدئة القياسية، وهي التجاهل التام للطفل، والتهدئة مع وجود الوالدين، وتقنية التهدئة التدريجية) تطبيق روتين في فترة ما قبل النوم ووضع الطفل في الفراش أثناء الاستيقاظ. يغادر الوالد منطقة نوم الطفل حتى يتمكن من النوم بمفرده.
- تعمل طرق التدخل السلوكي المعرفي على النوم على تغيير توقعات الآباء ومعتقداتهم وتصوراتهم حول النوم. مع تقدم الطفل في السن، يتم تطبيق طرق أخرى، مثل تقنيات الاسترخاء، وتغيير الأفكار المتعلقة بالقلق، والتدريب على الصور الإيجابية وغيرها.
- الأساليب القائمة على التعلّق بالآباء هي تلك التي تُستخدم فيها أداة انتقالية مثل البطانية. في هذه الفئة من أساليب التدخل في النوم، السر هو تحقيق أهداف صغيرة تكون سهلة التحقيق وتبين اهتمام الوالدين.
اقرأ أيضاً: وقت الشاشة ومدة النوم تتنبأ بزيادة الوزن عند الأطفال
لا توجد طرق سحرية لتحسين نوم الرضع، ولكن يمكنك خلق الظروف الملائمة
لا توجد طريقة سحرية، ولكن يمكن للوالدين توفير الظروف الملائمة لتحقيق الاستقلالية في النوم. يجب على الآباء اتخاذ خيارات بناءً على احتياجات أطفالهم، وهي احتياجات تختلف بمرور الوقت وتتأثر بالظروف العائلية. يجب أن يكون الآباء على استعداد لتعديل أساليبهم ولكن يجب أيضاً أن يكونوا متسقين في تدخلاتهم الفردية. يجب أن يكون الآباء متسقين حتى يكون الطفل واثقاً من نفسه.
العامل الأهم هو أن تثق بطفلك وبنفسك. تماماً مثل المشي أو التدريب على استخدام الحمام، فإن نوم الأطفال بمفردهم بثقة هو خطوة نحو الاستقلالية. مساعدة طفلك في عملية التعلم هذه يكافئ مساعدتهم على النمو.
إن امتلاك الوالدين توقعات واقعية بشأن النوم هو أمر بالغ الأهمية. بصفتك أحد الوالدين، من المهم أن تضع في اعتبارك 3 أشياء: أن ينام طفلك بما يكفي لمرحلة نموه، وأن يتطور نوم طفلك بوتيرته الخاصة (والتي يمكن أن تتقلب)، وأنه على الوالدين توفير ظروف ملائمة وآمنة لدعم طفلهم بهدف اكتساب استقلالية النوم.