بشرى سارة للآباء: ألعاب الفيديو تزيد من معدل ذكاء الأطفال

3 دقائق
بشرى سارة للآباء: ألعاب الفيديو تزيد من معدل ذكاء الأطفال
حقوق الصورة: shutterstock.com/4 PM production

يعتبر الذكاء أحد أهم السمات التي يتصف بها أي شخص، والذكاء هو حصيلة تفاعل العوامل الجينية الموروثة من الأم بالدرجة الأولى والأب بالدرجة الثانية مع العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تساهم هذه العوامل الثانوية في تنشيط القدرات الكامنة خلال سنوات الطفولة لتعزيز ذكاء الأطفال، ما ينعكس بدوره على أدائهم مدى الحياة.

لا يقتصر دور الذكاء على تحصيل درجات امتياز في المسيرة التعليمية، بل يسمح لنا تقدير معدل ذكاء شخص ما، بالتنبؤ بالحالة الاقتصادية والاجتماعية ومقدار السعادة والمعدل العمري له. يتم تقييم ذكاء شخص ما أثناء سنوات الدراسة بالاستناد إلى 5 أركان وهي: الانتباه والقراءة والوظيفة التنفيذية، وما تتضمنه من الذاكرة والتفكير المرن وضبط النفس، وأخيراً المعالجة البصرية المكانية والقدرة على التعلم.

المناوشات بين حزبي الأطفال والآباء ليست بحديثة عندما يتعلق الأمر بموضوع ألعاب الفيديو، حيث يشعر الكثير من الآباء بالإحباط عندما يشاهدون أطفالهم وهم يقضون ساعات منغمسين بألعاب الفيديو. ولهذا السبب، تم توسيع البحث في دراسة جديدة لدراسة تأثير ألعاب الفيديو على معدل الذكاء عند الأطفال بشكل أدق، حيث تم اختبار أكثر من 5000 طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 10-12 عاماً، وكانت النتائج مفاجِئة.

اقرأ أيضاً: هل ألعاب الفيديو مفيدة للأطفال حقاً؟ 

ربما ألعاب الفيديو ليست بهذا السوء

شارك 9855 طفلاً من الولايات المتحدة الأميركية في هذه الدراسة التي جرت في مؤسسة كارولينسكا السويدية. في البداية وقبل البدء بالدراسة، تم تقدير معدل ذكاء هؤلاء الأطفال كما تم إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغتهم الآخذة بالنمو، وجُمعت معلومات أيضاً عن البيئة الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بهم.

بعد ذلك، تم تقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات، حيث كان أطفال المجموعة الأولى يقضون ما يُعادل 2.5 ساعة يومياً في ممارسة ألعاب الفيديو ومشاهدة التلفاز وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، بينما كانت المدة هذه تعادل ساعة واحدة عند أطفال المجموعة الثانية، ونصف ساعة فقط عند أطفال المجموعة الثالثة.

بعد عامين من جمع البيانات، تمكن الباحثون من التوصل إلى بيانات أكثر من 5000 من هؤلاء الأطفال وتمت مقارنتها مع البيانات الأولية. أظهرت النتائج أن الأطفال الذي كانوا يقضون وقتاً أطول في لعب ألعاب الفيديو تمتعوا بزيادة قدرها 2.5 في معدل الذكاء فوق الخط المتوسط مقارنة بباقي أقرانهم. كما أبدى أداء الأطفال في المهام، التي تضمنت القراءة والمعالجة البصرية المكانية وأداء الذاكرة والتفكير المرن وضبط النفس سرعة أكبر وتركيزاً أعلى.

يقول عالم الأعصاب "توركيل كلينجبيرج"، من معهد كارولينسكا في السويد: "تدعم نتائجنا القول بأن الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات عموماً لا يضعف القدرات الإدراكية للأطفال، وإن ألعاب الفيديو يمكن أن تساعد بالفعل في تعزيز الذكاء".

تعود النتائج الإيجابية إلى أن ألعاب الفيديو تتطلب القدرة على القيام بعدة مهام في نفس الوقت، كما تتطلب الانتباه المستمر، الأمر المفيد في تطوير الذاكرة قصيرة الأمد حيث أن كل هذه المهارات المعرفية تعتمد على الوظائف الإدراكية التنفيذية.

اقرأ أيضا:

بماذا تختلف هذه الدراسة عن غيرها من الدراسات التي تناولت تأثير ألعاب الفيديو على أدمغة الأطفال؟

ما يميز هذه الدراسة عن غيرها أنه تم أخذ العامل الجيني والعامل الاقتصادي والاجتماعي في عين الاعتبار، إذ أن لتوريث الجينات المسؤولة عن حدة الذكاء دور محوريّ في صياغة الشكل النهائي لتفاعل ذكاء الفرد مع بيئته المحيطة.

كما أن للجينات دوراً في توريث بعض الصفات الأخرى، فعلى سبيل، قد يكون الأطفال الذين يولدون بجينات معينة أكثر ميلاً لمشاهدة التلفاز والاعتماد عليه، كما أن جزءاً من مشكلات التعلم موروث والعديد من القضايا النفسية المرتبطة بها مثل متلازمة فرط الحركة وقلة الانتباه، الأمر الذي يؤكد أن طرح نتائج دراسة كهذه غير ممكن دون فهم آلية عمل الجينات ودورها.

ماذا عن البرامج التلفزيونية وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي؟

إضافة إلى دراسة تأثير ألعاب الفيديو، تمت دراسة تأثير مشاهدة برامج التلفاز وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي على مستويات معدل الذكاء لدى مجموعات الأطفال. ولم يكن لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أي آثار إيجابية عند مقارنة بيانات الأطفال ولكنه لم يكن ضاراً أيضاً.

بينما أظهرت مشاهدة التلفاز تأثيراً إيجابياً في أحد التحليلات، وكان للمحتوى التعليمي عالي الجودة، مثل برنامج "شارع سمسم" مثلاً، آثار إيجابية عظمية في تحسين الأداء المعرفي والدراسي عند الأطفال.

ختاماً، تبقى الصورة غير كاملة دون أخذ الجوانب النفسية الأخرى في عين الاعتبار عند دراسة الذكاء والعوامل المؤثرة به، مثل الصحة العقلية وجودة النوم والتمارين البدنية.

كما أنه لا ينبغي أن تؤخذ هذه النتائج على أنها توصية للآباء للسماح لأطفالهم باللعب غير المحدود، ولكن يمكن الآن للآباء الذين يشعرون بالإحباط الشديد لمشاهدة أطفالهم وهم يقضون ساعات أمام الشاشات أن يتعاملوا مع هذه القضية بمرونة أكبر، خاصةً بعد إثبات آثارها الإيجابية على ذكاء أطفالهم.

المحتوى محمي